سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 26 يوليو 2025    تكريم 100 متعافٍ من الإدمان بمركز العزيمة في مطروح.. صور    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    ترامب يحذر الأوروبيين من أمر مروع: نظموا أموركم وإلا لن تكون لديكم أوروبا بعد الآن    الجيش اليمني ينفذ عملية عسكرية استهدفت موقعا حساسا للاحتلال في بئر السبع    كييف تسعى لإنتاج ما يصل إلى 1000 طائرة مسيرة اعتراضية يوميا    غضب واتجاه لسحب الشارة، إجراءات متوقعة من برشلونة ضد شتيجن    الزمالك يعلن رحيل لاعبه    تقرير: بيريز يحلم بثنائية مبابي وهالاند في ريال مدريد    حماس: لم نبلغ بأي إشكال بشأن المفاوضات ونستغرب تصريح ترامب    مصدر أمني عن فيديو احتجاز ضابط بالقاهرة: مفبرك بالكامل    تحولت إلى كتلة لهب في ثانية، لحظة اشتعال النار بسيارة خرسانة بطريق البوليفار بأكتوبر (صور)    الداخلية تنفي مزاعم عن احتجاز ضابط بأحد أقسام الشرطة بالقاهرة    تامر حسني يهاجم عمرو دياب بعد تصنيف الهضبة لألبومه "لينا ميعاد": أنا تريند وأنت تحت    محمد رياض يستعرض معايير التكريم بالمهرجان القومي للمسرح: لا تخضع للأهواء الشخصية    فيديو.. محمد رياض يوضح سبب عدم استمراره رئيسا للمهرجان القومي للمسرح    «منزعجًا للغاية».. مالك إنتر ميامي يكشف رد فعل ميسي بعد قرار إيقافه    رد فعل مفاجئ من كريم فؤاد بعد أنباء إصابته بالصليبي (صورة)    6 أبراج «الحظ هيبتسم لهم» في أغسطس: مكاسب مالية دون عناء والأحلام تتحول لواقع ملموس    سعر العملات الأجنبية والعربية مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 26 يوليو 2025    قفزة في أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 26 يوليو 2025    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    روعوا المصطافين.. حبس 9 متهمين في واقعة مشاجرة شاطئ النخيل في الإسكندرية (صور)    أخبار كفر الشيخ اليوم.. شاب ينهي حياة آخر بسبب خلاف على درجة سلم    نجم الأهلي يتحدث عن مكاسب معسكر تونس    ليكيب: برشلونة يتوصل لاتفاق مع كوندي على تجديد عقده    خبر في الجول - اتفاق مبدئي بين بيراميدز وبانيك لضم إيفرتون.. ومدة التعاقد    «أنا نازلك».. الشامي يمازح معجبا طلب التقاط صورة معه في مهرجان العلمين    أحمد السقا: «لما الكل بيهاجمني بسكت.. ومبشوفش نفسي بطل أكشن»    ليالي مهرجان العلمين 2025.. الشامي في ختام حفله: أول مرة أغني في مصر ومش هتكون الأخيرة    هاكل كشري بعد الحفلة.. المطرب الشامي يداعب جمهوره في مهرجان العلمين    ياليل يالعين.. الشامي يبدع في ثاني حفلات مهرجان العلمين 2025    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    جوتيريش: ما يحدث في غزة أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي    ذروة الموجة الحارة.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحيطة والحذر»    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    وزير الخارجية يختتم جولته الإفريقية بعد زيارة 6 دول    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    الشيوخ اختبار الأحزاب    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم الآفاتار وإدانة فكرة التدخل العسكرى
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 01 - 2010

دخل عشرات الملايين إلى صالات السينما خلال أقل من شهر لمشاهدة فيلم «آفاتار» للمخرج الكندى جيمس كامرون. إنه حقا عمل فنى رائع يشكّل نقطة تحول فى تاريخ السينما. وكانت فكرة الفيلم قد نمت فى ذهن المخرج منذ خمسة عشر عاما، إلا أن الوسائل التقنية اللازمة لصنعه لم تكن متوافرة آنذاك. ولقد استغرق إنتاج الفيلم أربع سنوات من الجهد وأنجز كشريط ثلاثى الأبعاد، مشاهدته تحتاج إلى استخدام نظارات خاصة. وهو يأخذنا إلى عالم خرافى يتجاوز حدود الخيال. كوكبٌ أرضه خلاّبة مكونة من جبال معلقة وغابات مدهشة يسكنها شعب مسالم محاط بأصناف عديدة من الحيوانات الملونة غريبة الشكل. ومن سوء الحظ، تسكن هذه الكائنات فوق آبار من مادة معدنية نادرة تسعى الشركات الأمريكية الكبرى للسيطرة عليها، لأنها قد تحل أزمة الطاقة فى العالم. ولأن الهواء فى هذه الأرض البعيدة سام للإنسان، فلقد اخترع هؤلاء برنامج الآفاتار الذى يسمح لطيارين بشر أن يتقمصوا أجسادا بيولوجية يتحكمون بها عن بعد. ومن خلال هذه المغامرة الخيالية التى تجذب عقول عشرات وربما مئات الملايين من المشاهدين، يدخل كامرون فى مجموعة من التساؤلات المطروحة على الدولة العظمى الأكبر منذ أن أصبحت القطب الأوحد وبهذا القدر من القوة. فهو يظهر أمريكا كدولة مريضة بعظمتها وعاجزة عن فهم البلدان والمجتمعات والثقافات الأخرى، وقد تحولت إلى وحش فى طريقة ملاحقتها لمصالحها ومحاولتها السيطرة على الأدوات التى تؤمن لها هيمنتها الدائمة. هذه هى أمريكا العمياء التى طورت صناعة الموت، أى صناعتها العسكرية، إلى مستوى غير مسبوق والذى يغذّى بدوره شهيتها التى تنتهى إلى تدمير كل أشكال الحياة البشرية والروحية والحيوانية والنباتية.
وباختراع هذه الكائنات الغريبة، فقد تجنب المخرج أن يعطيهم أى طابع محدد قد يوحى بأنهم عرب أو آسيويون أو أفارقة. فلون بشرتهم أزرق وعيونهم خضراء ولهم ذيل أسود طويل. وهم رشيقو الحركة ويتنقلون بخفة فى عالمهم الخلاب حيث لا حيوان مهما كانت شراسته يعتدى على هذه الكائنات. وأهم خصوصياتهم هى حضارتهم الرقيقة وشديدة التعقيد فى الآن ذاته، فهم يعيشون فى عالم تتداخل فيه مكونات الطبيعة مع شبكة تشبه الشبكة الإلكترونية والتى تربط بين الكائنات الحية والأرواح والأشياء فى تناسق تام فيما بينها. هذه هى الحضارة التى تعتدى عليها أمريكا ولا تكف عن ممارسة غطرستها عليها حتى تنهزم هى ذاتها هزيمة كاملة.
بالطبع، وكما هو الحال دائما فى أى إنتاج سينمائى أمريكى، هناك مجموعة صغيرة من الأفراد العقلاء الذين يتنبهون إلى هذا الجنون ويطلقون عملية لتعطيل المخطط الجهنمى وإنقاذ هذه الحضارة الرقيقة وإنقاذ أمريكا من نفسها. فكما فى أى إنتاج شعبى، يلجأ المخرج إلى القيم البسيطة، مثل التمييز بين الصالحين والأشقياء، لكى يمرر من خلال ذلك رسائل مركبة تتعلق بالتحديات الأساسية التى تواجه الولايات المتحدة والغرب بأكمله منذ بداية القرن الجديد وبالتحديد منذ أن تم شنّ الحرب على أفغانستان وعلى العراق.
فى غرفة العمليات العلمية العسكرية التى تحضّر للحرب، نجد أعضاء سابقين فى المارينز إصاباتهم الجسدية والنفسية غير قابلة للشفاء، وقد فقدوا الأمل والقدرة للعودة إلى الحياة الطبيعية، لذلك فهم يبحثون عن مغامرات جديدة ولو كانت انتحارية. وبطل الفيلم، عضو سابق فى القوات البحرية مصاب بالشلل نتيجة لإصابته فى حرب سابقة، وهو يختلف مع رئيسه وينتهى به الأمر لمواجهته وقتله ليضع حدا لجنونه، ويظهر هنا وكأن المؤسسة بأكملها قد أصيبت بجنون جماعى، فى حين يحاول بعض العقلاء إنقاذها من خلال التمرد على أوامر رؤسائهم. نشاهد أيضا آلهة تدعى «أيوا» تحمى الشعب فى معركته ضد المعتدين وكأنها تضفى شرعية روحية على الجهاد المقدّس لهذا الشعب. وسرعان ما يتحول الأمريكى المعتدى، هو وعلمه وقوته، إلى الهمجى الذى لا يفقه شيئا مما يحيط به. وأمام عجزها عن السيطرة على هذا الكوكب بسبب مقاومة شعبه، تلجأ المؤسسة العسكرية إلى شيطنة الطرف المقابل ووصف المقاومين بالإرهابيين الذين يهددون الأمن العالمى. وهذه هى الكلمات السحرية التى تساعد كبير القادة العسكريين على تبرير الحرب أمام الجنود المجتمعين قبل إرسالهم إلى أرض المعركة.
من خلال رموز بدائية وحوار مبسّط، يطرح المخرج السؤال الجوهرى حول قدرة الغرب على إعادة بناء الدول وتنظيم المجتمعات من خلال التدخل العسكرى. التساؤل مزعج بالنسبة للغرب، لأنه، ومنذ نهاية الحرب الباردة، أخذ الحلف الأطلسى فى إعادة صياغة عقيدته وترتيب قواته وتجهيزها على أساس مبدأ التدخل فى بلدان أخرى عوضا عن الدفاع عن أراضى الدول الأعضاء. ومنذ ذلك الوقت، يتركز النقاش فى الغرب حول سبل ووسائل التدخل وإمكانية تحسين الأداء. ولكن قلّ من يجرؤ أحد من داخل المؤسسات العسكرية والسياسية فى أن يفتح النقاش حول مبدأ التدخل العسكرى نفسه كوسيلة لحل النزاعات.
يصادف عرض هذا الفيلم مع صدور أول مجلد من التاريخ العسكرى لحرب أفغانستان الذى أنجزه مؤرخون عسكريون رسميون يعملون فى الجيش الأمريكى، وهو يركّز على فشل المؤسسة العسكرية فى وضع أى تصور لعملية إعادة الاستقرار السياسى والاجتماعى والاقتصادى إلى البلاد بعد سقوط نظام الطالبان. بل والأهم من ذلك هو أن الوزارة كانت توصى جنرالات الجيش بأن يتجنبوا مثل هذا المجهود، وترد على أسئلتهم حول « بعد إسقاط النظام، ماذا بعد؟ «بالقول : «لا تفعلوا شيئا يوحى بأننا سنمكث هناك لمدة طويلة، فنحن دخلنا بسرعة وسنخرج بنفس السرعة».
وهكذا، وجدت الدول العظمى نفسها متورطة فى بلد لا تفهم تركيبته الاجتماعية ولا تاريخه السياسى، ولا علاقة سكانه بالدولة المركزية. وابتكرت الجيوش استراتيجيات لبناء نظام حكم ومؤسسات وتجريب وسائل مختلفة للسيطرة على الأمن وإطلاق مشاريع تنموية لكسب قلوب الشعب. لكن، قد لا يكون هناك سبيل لإصلاح الأخطاء الفادحة التى ارتكبت منذ اجتياح 2001. فإذا كانت القدرة على الفهم معدومة، والالتزام تجاه الشعوب والحرص على مستقبل بلدان ومناطق برمتها مفقودين، فلتكن هذه الأراضى مقبرة الإمبراطورية الأطلسية كما كانت بلاد باندورا فى فيلم آفاتار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.