توفي فريدريك ويليم دي كليرك، آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا، الذي أنهى حقبة الفصل العنصري في بلاده، واستحق عليها الحصول على جائزة نوبل للسلام إلى جانب الزعيم نيلسون مانديلا. دي كليرك توفي في منزله بمدينة كيب تاون، العاصمة التشريعية لجنوب أفريقيا، بعد صراعه مع مرض السرطان عن عمر ناهز 85 عاما. ووفقا للمتحدث الرسمي باسمه، فقد تم تشخيص إصابة دي كليرك بورم الظهارة المتوسطة، وهو سرطان يصيب بطانة الرئتين، في مارس الماضي. من هو فريدريك ويليام دى كليرك؟ في عام 1998، وبعد تقاعده من العمل السياسي، نشرت الموسوعة البريطانية السيرة الذاتية لرئيس جنوب أفريقيا الأبيض الفائز بنوبل، تحت عنوان "الرحلة الأخيرة: بداية جديدة"، نرصد لكم من خلالها محطات بارزة في حياة الرئيس الراحل. فريدريك ويليام دى كليرك، الذي ولد في العاصمة جوهانسبرج، في عام 1936، هو سياسي ومحامي وزعيم جنوب أفريقي سابق، سعى خلال حكمه لبلاده إلى إلغاء نظام الفصل العنصري، وهي سياسة معاملة السود في جنوب إفريقيا كمواطنين من الدرجة الثانية، دون أية حقوق، فألغاه وأُطلق سراح زعيم مناهضة الفصل العنصري نيلسون مانديلا، الذي خلفه بعد سنوات، ليكون أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، ويستحقا معا جائزة نوبل للسلام، في عام 1993، لعملهما في إرساء أسس الديمقراطية في جنوب إفريقيا. مواهبه في المحاماة تؤهله لرئاسة النواب والوزارات دي كليرك، الذي كان نجل سياسي بارز، درس القانون في جامعة بوتشيفستروم بجنوب أفريقيا، في عام 1958، وبعدها بفترة وجيزة بدأ في تأسيس مكتب محاماة بالعاصمة، وتخصص في الشؤون المدنية والتجارية، وبمرور عدة أعوام، نجح في الوصول للبرلمان عن الحزب الوطني، فانتخب كعضوا، في عام 1972. وبعدها أكسبته مواهبه القانونية عددًا من الحقائب الوزارية الرئيسية في الدولة، فبعد مرور سبع سنوات، تولى وزارة المناجم وشؤون الطاقة ثم الشؤون الداخلية والتعليم الوطني والتخطيط، حتى انتخب رئيسا لمجلس النواب، في عام 1986. مرض الرئيس السابق فرصة وصوله للحكم بعد مرض بيتر ويليم بوتا، رئيس جنوب أفريقيا (حينها)، في يناير 1989، انتخب دي كليرك ليكون زعيما للحزب الوطني، ونجح في اعتراض عودة الرئيس المريض لمنصبه بعد شفائه، ليتم انتخابه بعدها رئيسًا رسميًا من قبل البرلمان الثلاثي لجنوب إفريقيا، في 14 سبتمبر من العام نفسه. كان دي كليرك حينها مدين بنجاحه السياسي، لقاعدته التي أقامها في مقاطعة ترانسفال الواقعة في شمال شرق جنوب أفريقيا، حيث كان رئيسا للحزب الوطني الإقليمي، منذ عام 1982. رئيس ديمقراطي تقاعد بعد أداء مهمته بعد توليه قيادة البلاد كرئيس لها، ألزم دي كليرك نفسه بتسريع عملية الإصلاح التي بدأها سلفه، فبدء في محادثات حول دستور جديد، سعى فيه لإلغاء نظام الفصل العنصري، الذي كانت تنتهجه جنوب أفريقيا، فاجتمع مع ممثلين عن المجموعات العرقية الأربع المحددة في البلاد (أبيض، أسود، ملون، وآسيوي). وعلى الرغم من مهاجمته، تحرك دي كليرك بسرعة لهدفه، فقرر الإفراج عن جميع السجناء السياسيين السود، بما فيهم نيلسون مانديلا، وفي العام التالي، أصدرت حكومته تشريعات ألغت قوانين التمييز العنصري التي تؤثر على الإقامة والتعليم والمرافق العامة والرعاية الصحية في جنوب إفريقيا. وبعدها بعام آخر، أجرى دي كليرك مفاوضات جادة مع مانديلا وقادة سود آخرين حول دستور جديد مقترح من شأنه أن يمنح الأغلبية السوداء حق التصويت ويؤدي إلى انتخابات وطنية لجميع الأعراق، في وقت واصلت فيه حكومته تفكيك الأساس التشريعي لنظام الفصل العنصري. قاد دي كليرك عن الحزب الوطني الحاكم عدة حوارات مع المجلس الأفريقي القومي، بقيادة نيلسون مانديلا، بشأن الانتقال إلى حكم الأغلبية وتشكيل أول حكومة متعددة الأعراق في تاريخ البلاد. وبعد الاتفاق قاد دي كليرك حملة حزبه في أول انتخابات لجميع الأعراق في جنوب إفريقيا، لكن حينها حصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بقيادة نيلسون مانديلا على أغلبية المقاعد في الجمعية الوطنية الجديدة، ليتولى دي كليرك منصب النائب الثاني للرئيس، في عام 1994، قبل أن يستقيل من منصبه بعد عامين فقط، ومن رئاسة الحزب الوطني، في عام 1997، عندما أعلن تقاعده من السياسة.