لاشك أن ظهور السيد المسيح متجسدا من الروح القدس من القديسة العذراء مريم هو تنازل من ملك الملوك ورب الأرباب. وفى كل تعاليم السيد المسيح نتعلم عن التواضع والمحبة وهو القائل تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم وهو الذى قال طوبى للمسكين بالروح. لأن لهم ملكوت السماوات «وهو أخلى ذاته أخذ شكل العبد» (فيلبى 2: 7)، ليعالج السقطة الأولى التى هى الكبرياء. سقطة الإنسان التي أسقطه فيها ابليس،اه الذى قال: «اصعد إلى السماوات أرفع كرسى فوق كواكب الله أصير مثل العلى» (إش 14 : 12، 14)؛ فالرب يعلمنا التواضع وإنكار الذات فقد أخلى ذاته آخذا صورة العبد ليعطى درسا للعبد الذى أراد أن يرفع ذاته ويصير إلها وفى إخلائه لذاته أنه شابه أخوته في كل شىء (عب 2 : 17)، وعندما سمانا الرب أخوة له إنما لكى يعلم ويبكت على معاملة الأخوة العبيد، «من يرفع نفسه يتواضع ومن يضع نفسه يرتفع»، (متى 23:2). أعطانا السيد المسيح فكرة جديدة على العلو والعمق والعلو تحت لا فوق فالمتواضع يرتفع في هبوطه والمتكبر يهبط في صعوده من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن خادما ومن أراد أن يكون فيكم أولا فليكن عبدا، (مت 20:26)، ومن أراد أن يكون أولا فليكن آخر الكل وخادما للكل، (مرقس 9:35)، وإلهنا الناظر إلى المتواضعات يقيم المسكين من التراب ويرفع البائس من المزبلة ليجلس مع رؤساء شعبه، (مز 112:7)، وفى أى فضيلة نقتنيها نعلم أن الفضل كلمة الله تنازل عن حقوقنا لأن المحبة لا تطلب ما لنفسها، (اكو 13:5). لقد أخذ صورة العبد ليقلل من تشامخ السادة ويُخجل الإنسان ويتواضع قلبه ويدخل السامرية بالمحبة وليس بالعنف، وقال لتلاميذه «دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات» وأخذ الأولاد واحتضنهم ووضع يده عليهم وباركهم «وكذلك عندما انتهر التلاميذ الأعميين الصارخين نحوه وقف السيد المسيح وتحنن عليهما ولمس أعينهما فأبصرا وتبعاه، (مت 20 : 30 34). نسأل الله أن يبارك بلادنا العزيزة مصر وكل العاملين فيها بصلوات أبينا قداسة البابا شنودة الثالث، وحفظ كل مخلص لهذا الوطن المحبوب وكل عام وأنتم بخير.