إذا قمت بجولة في متاجر السوبرماركت بالولاياتالمتحدة أو أوروبا، سترى أن هناك بعض الأرفف الخاوية التي عاودت الظهور من جديد. ولا يرجع السبب وراء ذلك إلى حالة الذعر التي قد تدفع الناس إلى التهافت على الشراء، مثلما حدث عندما صار هناك حالة من الشراء الجنوني لورق التواليت في بداية تفشي وباء كورونا؛ بل يرجع السبب إلى تعثر سلاسل التوريد في كل مراحلها تقريبا، بين المصانع الآسيوية ووحدات تخزين سلع البقالة، بحسب ما تقوله الكاتبة أندريا فيلستيد، في تقرير لها نشرته وكالة "بلومبرج" للأنباء. وتوضح فيلستيد أن ارتفاع أسعار السلع وعدم انتظام توافرها، يعني أنها مسألة وقت فقط قبل أن يبدأ المتسوقون في الشراء بكميات كبيرة من جديد، حيث سيكون ذلك في هذه المرة لتجنب التعرض لصدمة الأسعار الجديدة في المستقبل، وتكافح خطوط الإمداد في الوقت الذي تتضرر فيه الدول المنتجة مثل فيتنام - المسؤولة عن تصنيع كل شيء بداية من الأحذية الرياضية وحتى القهوة - بسبب القيود المفروضة لمكافحة تفشي مرض "كوفيد -19". ويؤدي ارتفاع أعداد حالات الإصابة الجديدة بالفيروس، وزيادة الطلب من جانب المستهلكين، إلى ازدحام الموانئ، ووجود حاويات الشحن في المكان الخطأ. كما ارتفعت تكاليف الشحن البحري عشرة أضعاف. وفي حال وصلت البضائع إلى الموانئ المرجوة، فسيكون هناك عدد قليل جدا من سائقي الشاحنات لنقلها إلى تجار التجزئة. كما أن نقص العمال الذين يقومون بأعمال جني وتجهيز المواد الغذائية، يزيد من الضغوط القائمة بالفعل. وتتحمل بعض القطاعات العبء الأكبر أكثر من غيرها. فالمشروبات، على سبيل المثال، تضررت بسبب نقص موارد التعبئة، التي تشمل عدم توفر عبوات الألومنيوم. أما في بريطانيا، فقد أدى نقص غاز "ثاني أكسيد الكربون" في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة، إلى تعريض إمدادات المشروبات الغازية المشبعة بثاني أكسيد الكربون، للخطر. وفي بعض القطاعات، تفاقمت الأوضاع بسبب ارتفاع الطلب. وتعتبر القهوة والشاي من السلع الأساسية، بينما يستمر الكثير من الأمريكيين في العمل عن بعد. وفي الوقت نفسه، أدى التعلم من خلال الحضور شخصيا وليس عن بُعد، إلى زيادة الاندفاع لشراء اللوازم المدرسية، والتي تتضمن الأغراض التي يتم وضعها في علب الطعام (المعروفة ب اللانش بوكس)، بحسب فيلستيد. وبعد عام تميز على نحو غريب بأعمال الخبز في المنزل وعودة وجبات العشاء العائلية، صار الآباء حاليا في حالة جنون بسبب تسارعهم على وجبات الطعام المعلبة مسبقا، والتي تقوم بإنتاجها شركة "كرافت هاينز"، التي قالت إن حزم الوجبات الخفيفة لديها تشهد حاليا نموا بمعدلات كبيرة، وذلك لأول مرة منذ خمسة أعوام. وتقول فيلستيد إن تجار التجزئة يقومون بإعادة هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بهم لتجنب مواجهة عقبات. ورغم ذلك، ستكون هناك حاجة إلى القيام بمزيد من التعديلات. وقد تضطر بعض المتاجر إلى تقليل أنواع السلع لخفض إجراءات التعقيد، مما يعني توفر خيارات أقل من المنتجات للمستهلكين. ويتعين على متاجر البقالة التخطيط لما هو اسوأ. فمع ضعف النظام الحالي، ماذا سيحدث في حال طرأ المزيد من الارتفاع على الأسعار وعمليات الطلب والشراء بسبب الذعر؟ ويتم في الولاياتالمتحدة بالفعل السيطرة على العروض الخاصة، كما بدأت بعض الأسعار اليومية في الارتفاع بالفعل، بحسب بيانات شركة "آي آر آي"، التي أظهرت أيضا ارتفاع أسعار مشروبات الطاقة والبيض واللحوم والمشروبات الغازية. وعندما ترتفع الأسعار، يميل المستهلكون إلى اتخاذ إجراءات استباقية وإلى تغيير عاداتهم، حيث يتحول المتسوقون أولا لشراء المنتجات الأرخص سعراً بدلا من المنتجات الأغلى. ويعني ذلك التخلي عن العلامات التجارية الكبيرة من أجل الحصول على علامات تجارية خاصة ذات تنافس أعلى. كما يصير الاستغناء عن اللحوم في الوجبات واستخدام المعكرونة أو الأرز أو البطاطس، ذات الاسعار المعقولة بدلا منها، طريقة شائعة لتوفير الأموال. ثم تأتي بعد ذلك عمليات الشراء بالجملة، والتعهيد الجماعي .ومع التوقع بارتفاع أسعار الغذاء بصورة أكبر، قد يختار المستهلكون زيادة شراء منتجات مثل أطعمة الحيوانات الأليفة. ولن يكون من الغريب رؤية أشخاص يجتمعون مع الأصدقاء لشراء عبوات ضخمة من ورق التواليت أو اللحم المفروم، حيث أن تقسيم ثمن المشتريات بالجملة يمثل توفيرا أفضل لهم.