ما زال المجتمع المصري يواجه أزمة حالات الانتحار المتسارعة، رغم محاولات الدولة ومؤسساتها في الحد من انتشارها ك "ظاهرة" داخل البلاد، وتأكيد مركز الأزهر للفتوى العالمية على أن "الإسلام أمر بالحفاظ على النفس البشرية". ففي دراسة بعنوان «مشكلة الانتحار في المجتمع المصري»، نشر المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية رسوم بيانية أوضح من خلالها زيادة أعداد المنتحرين لتصل لأعلى معدلاتها في عام 2018، بواقع 1,31 شخص لكل 100 ألف من السكان. المنتحر في الجنة أم في النار؟ عادة ما يكون هذا هو السؤال الأول الذي يتصدر محركات البحث بعد نشر أي خبر لواقعة انتحار، وعنه أكدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن النفس البشرية عزيزة على صاحبها، وأن كل فرد في المجتمع مهما واجه ضيق معيشي، ليس سهلا عليه أن يسلم نفسه للموت بيديه، مشيرة إلى أن الله سبحانه وتعالى هو أولى بأرواحنا، ولا يليق أن يعتدي الإنسان على أمر ليس ملكه. وأضافت للشروق: "ما الذي يدفع الإنسان إلى إزهاق روحه؟ مئة في المئة أنه أمر جلل، ولهذا أصبحت قضية الانتحار محل جدل دون فهم الموقف، ولذلك أقول للمواطنين لا يجب أن نحكم على المنتحر، ولكن نكل أمره إلى خالقه الذي هو أعلم به". وتابعت: "لا يجب أن نعطي لأنفسنا حق الحكم على المنتحر، فنحن لا نعرف ما الذي دفعه إلى الانتحار، وعندما نحتار في مثل هذا الأمور، نكل الأمر إلى الله تعالى وهو أولى بعباده". وأكدت أن كل شخص يعلق عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الأشخاص المنتحرة بالسوء والتشهير بهم فهو آثم، مستنكرة استسهال ارتكاب الناس لفعل النميمة، خاصة وأن هذه السلوكيات لم تكن من طبيعة الشعب المصري. وأوضحت أن أي تشهير بالمنتحر من خلال منشورات وتعليقات هو سوء سلوك من أصحابه، لأنهم تركوا أمراضهم النفسية والأخلاقية تتحكم بهم، وبدأوا يحكمون على أشخاص دون العلم بظروفهم، مشيرة إلى أن آداب الإسلام تحثنا على ترك أمور العباد إلى الله تعالى، لأنه هو الذي أعلم بهم. وعن الحل الأمثل الذي يمكن أن تقدمه المؤسسات الدينية لمحاربة الانتحار، قالت نصير، "أتمنى من الشيوخ وأئمة المساجد ومن يظهرون على السوشيال ميديا أن يبشروا ولا ينفروا، فلابد أن يعلموا الناس أن الله واسع المغفرة، ويستخدموا الكلام اللين المبشر للقانطين واليائسين، حتى يعدلوا عن قنوطهم ويأسهم". ودعت نصير، أي شخص يشعر بالضيق والاكتئاب، إلى الاتصال بالأرقام التي خصصها الأزهر الشريف، 19906، خاصة بعد إطلاقه لمبادرة "لا تيأس"، التي يقدم من خلالها الدعم النفسي والمعنوي للمواطنين سواء من خلال الهاتف، أو المقابلات الشخصية.