انتشر مؤخرا جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي حول تغطية الصحفيين لجنازات الفنانين، فما بين مؤيد ومعارض لهذه التغطيات، ما هي الأخلاقيات المهنية المتبعة في العالم لتغطية الجنازات بشكل عام؟ نشرت رابطة الأخبار الرقمية للصحافة والإذاعة والتليفزيون الأمريكية، التي تأسست عام 1946م، وكرست عملها خلال العقود الماضية، لتعزيز الصحافة الرقمية وتطويرها، بجانب نشر أخلاقيات المهنة بين الصحفيين حول العالم، مجموعة الأخلاقيات المهنية الخاصة بتغطية الصحفي للجنازات حول العالم، وفيما يلي ننشر هذه الأخلاقيات كما نشرها موقع الرابطة. تؤكد الرابطة أنه عندما يقوم الصحفيون بتغطية الجنازات، يجب عليهم القيام بذلك بأعلى درجة من الحساسية والاحتراف، فعلى الرغم من أن قصص الجنازات يمكن أن تكون مؤثرة للغاية، وأحيانا تكون ذات أهمية إخبارية، إلا أن هناك مخاطرة إذا زادت التغطية عن الحد، أن يكون الصحفي متطفلا على خصوصية أسرة المتوفي، ويسبب لهم المزيد من الألم. وتوضح الرابطة أنه وقبل تغطية الصحفي لأي جنازة، يجب أن يسأل نفسه عدة أسئلة، على رأسها ما هو غرضه الصحفي من تغطية هذه الجنازة؟ ولماذا تستحق هذه الجنازة أن نقوم بتغطيتها؟ وما الذي يحتاج الجمهور إلى معرفته؟ وما هي دوافعه الشخصية لتغطية هذه الجنازة؟. يجب على الصحفي أن يعلم جيدا ما هي ظروف الوفاة؟ هل الشخص الذي توفاه الله عاش حياة حافلة بالإنجازات، فستكون جنازته احتفالا بحياته، أم أن الجنازة لشخص تم قتله، فتكون مركزة على تغطية آثار الحدث نفسه. يجب على الصحفي أن يعلم أيضا ما هو مدى ترحيب العائلة بالتغطية الإعلامية للجنازة؟ لأن غالبًا ما تطلب عائلات المتوفي الخصوصية، وفي هذه الحالة، يجب منح العائلات الخصوصية في أوقات حزنهم بالطبع، ولكن في بعض الأحيان تريد العائلات تغطية إعلامية حتى لا يموت المتوفى مجهول الهوية، فإذا طلبت العائلة حضورك لكي تقوم بتغطية شاملة للجنازة، فأخبر جمهورك حتى يعرفوا أن لديك الإذن. على الصحفي أن يعلم كيف يتصل بالعائلة عند طلب تغطية الجنازة، فمن الأفضل أن يقوم بالاستعانة بطرف ثالث، مثل صديق العائلة أو أحد من منظمي الجنازة إذا كانت الجنازة لشخصية مشهورة، وذلك للحصول على إذن العائلة أولا قبل تغطية الجنازة، وبمجرد حصول الصحفي على إذن الأسرة، يجب أن يعرض خطة تغطيته للجنازة على الطرف الثالث حتى يساعده في تنفيذها. يجب على الصحفي أن يحترم طقوس العزاء، فيراعي ارتداء ملابس مناسبة، والوصول في ميعاد مبكر قبل الجميع، إذا كان يريد تصوير بعض الأشياء في هدوء قبل أن تصل أسرة المتوفي. كما يجب أن يراعي الصحفي عدم التطفل، خاصة إذا كان عدد الصحفيين المسموح بهم قليلا، فيجب عليه عدم استخدام عدسات الزووم الكبيرة، وعدم التسجيل خلال وجود أي ظروف مؤلمة أو حساسة لعائلة المتوفى، كما يجب التقليل من استخدام الإليكترونيات ومعدات الإضاءة القوية، وعليه أن يتحرك بشكل يكاد يكون خفيا، حتى لا يتم إزعاج أسرة المتوفى. الاستغناء عن الصور في تغطية الجنازات مهارة يجب أن يتعملها الصحفي، فمن الممكن أن يكون الوضع في الجنازة مؤلما، أو ترفض أسرة المتوفى التصوير، وهنا يجب على الصحفي أن يصور أشياء أخرى، مثل المبنى الذي يقام فيه الجنازة، ثم يروي بكلماته للجمهور ما حدث، وسرده سيكون هو الصورة بالنسبة لهم. علي الصحفي أن يكون حكيمًا في اختيار الصور التي سيعرضها للناس، والصوت الذي سيستخدمه في القصة، إذا كان سيقدم قصة مصورة، حيث يفكر الصحفي كيف يستخدم صور أناس يبكون أو ينهارون أو يحزنون بشكل مهني، كما يجب أن يفكر في البدائل الموجودة أمامه لعدم استخدام صور شديدة التطفل. يجب على الصحفي أن يراعي حساسية الموقف، فإذا قام بتغطية جزء من الجنازة، من الممكن ألا يبقي للنهاية، كما عليه ان يستخدم عناوين لا يوجد فيها تجارة بحزن أسرة المتوفى، أو التركيز على كلمات مثل، الجنازة المأساوية، أو انهيار وألم أسرة المتوفي، فعليه انتقاء كلماته بعناية. أما بالنسبة لهيئة معايير الصحافة المستقلة البريطانية، فقد أقرت أيضا مجموعة من الأخلاقيات المهنية التي دعت صحفيو بريطانيا للالتزام بها عند تغطية الجنازات، وفيما يلي نعرض بعض هذه الأخلاقيات كما نشرت في موقع الهيئة. تؤكد هيئة معايير الصحافة المستقلة أن الجنازات تصنف وفقا للأحداث العامة، وأن وفاة الفرد هي مسألة علنية وقد تؤثر وفاة أحد الأشخاص على المجتمع ككل، ولذلك وفي هذه الحالة، يحق للصحفيين تغطية هذه الجنازات، حتى لو كان أسرة المتوفى لا تفضل التغطية. إذا كان الصحفي يقوم بتغطية جنازة شخص توفاه الله في حادث ما، فعليه ألا يطارد عائلته، وبالرغم من أنه من حقه متابعة التحقيقات، إلا أنه يجب أن يراعي ما يقوله للعائلة المكلومة من معلومات، وما يريدهم أن يعلقوا عليه، ويجب على الصحفي أيضا أن يتوقف عن سؤال أسرة المتوفي عن التعليق على الواقعة، إذا رفضوا التحدث. علي الصحفي أن يراعي نفسية أهل المتوفى، وأن يحسب الوقت بين حدوث الفجيعة وبين تغطية الجنازة، كما يجب أن يراعي سلوكه الذي سيؤثر بالتأكيد على أسرة المتوفى، فهم يتعاملون مع حزن شخصي كبير، ويجب أن يتعامل الصحفي مع ذلك بتعاطف وحساسية شديدة. يجب على الصحفي أن يتأكد قبل نشر أخبار الوفاة، ويجب أن يتصل بالعائلة مباشرة، ويعلم ما إذا كانوا يعلمون بخبر وفاة ذويهم قبل أن ينشر الصحفي الخبر أم لا، وعلى جانب آخر يتأكد إذا ما كانت معلوماته صحيحة بوفاة المتوفي أم لا. وفي النهاية أكدت الهيئة على اختيار الصور المناسبة للجنازة، وعدم الإكثار من الصور المقربة لوجوه أسرة المتوفى، أو من يظهر على وجوههم الحزن الشديد، فاختيار الصور التي سيراها الجمهور مسألة حساسة، يجب أن ينجح فيها الصحفي.