فى الأجازات يفضل أحمد عزت، طبيب شاب، أن يغير من عادته الاستهلاكية فيذهب إلى أحد محال العصير الطبيعى، بدلا من شراء العبوات المعلبة، وهو لا يعلم أن كبرى شركات العصير فى مصر تتبع خطواته وتدرس عاداته الاستهلاكية، فى ظل منافسة حامية بينها وبين محال العصير الطبيعى. تهتم الشركات المنتجة للعصائر فى مصر بتغيير العادات الاستهلاكية للمصريين لدفعهم لاستهلاك العصائر المعلبة بشكل أكبر فى ظل انخفاض معدلات استهلاك هذه المنتجات فى مصر. فبحسب نبيل سكاريا، مدير شركة طيبة للتجارة والتوزيع، التابعة لجهينة، أكبر منتجى العصائر والألبان فى السوق المصرى، قدرت إحدى الدراسات أن متوسط استهلاك الفرد فى مصر من العصائر المعلبة يصل إلى 2 لتر سنويا، «وهو ما يقل عن معدل الاستهلاك فى العديد من الدول المجاورة والتى يتراوح فيها الاستهلاك من 17 إلى 25 لتر سنويا، وعن المعدلات العالمية التى تصل إلى أعلى من ذلك بكثير»، بحسب ما قاله سكاريا. ويفسر سكاريا انخفاض استهلاك العصائر فى مصر بأنها لا تحظى بالحملات الإعلانية الكافية والتوعية بفوائدها الصحية للمستهلك. ويصل إجمالى ما يتم إنتاجه من العصائر المعلبة فى مصر إلى 360 مليون لتر سنويا، توجه نسبة منها إلى التصدير، وفقا لبيانات شعبة العصائر بغرفة الصناعات الغذائية، ويصل عدد المصانع المنتجة للعصائر والألبان فى السوق المصر ية إلى حوالى 120 مصنعا، بحسب حمدى عبدالرءوف، رئيس شعبة العصائر بغرفة الصناعات الغذائية. ويعتبر مصنعو العصائر المعلبة أن انخفاض معدلات استهلاكها مؤشر على فرص النمو الكبيرة فى السوق المصرية فى هذا المجال، حيث يتوقع حاتم صالح، أن ينمو قطاع العصائر بما لا يقل عن 15% سنويا. ورغم أن «بعض العصائر المعلبة تماثل فى مذاقها العصائر الطبيعية الموجودة فى المحال، كعصير البرتقال، لكن مازال هناك فارق كبير فى المذاق فى حالة عصير المانجو والقطع الطبيعية التى تتذوقها فى أكواب محال العصير» هكذا يرى أحمد عزت، طبيب شاب، العنصر المميز لمذاق منتجات محال العصير عن العصائر المعلبة. ويفضل عزت أن ينوع فى استهلاكه بين العصائر الطبيعية والمعلبة، فبالرغم من تميز العصير الطبيعى إلا أن أسلوب إعداده البدائى قد ينطوى على بعض المخاطر الصحية بسبب عدم النظافة، إلا أن للمواد الحافظة الموجودة فى العصائر المعلبة مخاطرها أيضا، فهى «تتسبب فى أمراض خطيرة إذا ما تفاعلت مع حرارة الشمس، ولا أحد يعلم أن كانت الأكشاك الصغيرة تراعى ذلك فى حفظها للعبوات أم لا»، كما أضاف عزت. وتتعرض العصائر المعلبة لعمليات تعقيم تسهم فى تقليل معدلات البكتيريا المضرة فيها، «وهى الميزة التى يحتاج منتجو العصائر أن يروجوا لها» بحسب قول حاتم صالح، العضو المنتدب لشركة بيتى المنتجة للألبان والعصائر، «نفذنا حملات ناجحة فى قطاع الألبان للتوعية بأخطار الألبان السائبة، ونحتاج أن نكررها فى مجال العصائر» كما أضاف صالح. ومن وجهة نظر أصحاب محال العصير تعد العصائر الطازجة (الفريش) مأمونة صحيا، حيث يقول عصمت عبدالعزيز، مدير أحد محال العصير، أن طاقم العمل يقوم يوميا بتنظيف معدات العصر فى نهاية اليوم، كما إن «الزبون يطمئن لشراء العصير منا لأنه الثمرة يتم عصرها أمام عينه»، كما يضيف عبدالعزيز. وعلى الرغم من أن وزارة الصحة تشرف على محال العصير إلا أن حمدى عبدالرءوف يرى أن هذا ليس ضامنا لأمان منتجات هذه المحال، «فوزارة الصحة تشرف أيضا على محال اللبن السائب، ومع ذلك يتعرض مستهلكو منتجات هذه المحال للمخاطر الصحية»، بحسب قوله. ولا ينكر حاتم صالح أن «محال العصير العشوائية تسيطر على نسبة كبيرة من السوق». وفى محاولة لبحث العوامل التى تدفع المستهلكين للإقبال على العصير المعلب، يشير صالح إلى أنه باستطلاع آراء الشركة للمستهلكين لاحظت أن أبرز انتقاداتهم للعصائر المعلبة هو أنها «غير مشبعة»، وهو ما دفع الشركة إلى زيادة كمية العصير فى عبواتها ال200 مللى، بنسبة 20%، حتى تصل للمعدل الذى يشبع المستهلكين بحسب هذا الاستطلاع. والى جانب عنصر الإشباع يفضل المستهلكين العصائر الطبيعية على المعلبة بسبب ارتفاع نسبة المواد الصناعية فى الأخيرة. وهناك ثلاثة مستويات لتركز العصير الطبيعى فى المنتجات المتوافرة فى السوق، حيث تصل نسبة مركز العصير الطبيعى إلى 10% فى العصائر التى تعرف اصطلاحا باسم «drink»، تضاف إليها مواد أخرى كالمياه والسكر، بينما تتراوح نسبة المركز وتتراوح بين 50% إلى 60% فى العصائر المسماة «nectar»، فيما تصل النسبة إلى 100% فى العصائر التى تكتب على مكوناتها كلمة «pure»، بحسب ما قاله حمدى عبدالرءوف. وبذلك تكون عصائر «pure» هى الأقرب للعصير الطبيعى، وتصل أسعار بعض أنواعها إلى أسعار تنافس محال العصير، حيث يترواح سعر اللتر منها بين 7 إلى 9 جنيهات، فى مقابل 11.50 للتر لدى محال العصير الطبيعى، كما يشير نبيل سكاريا إلى أن أسعار العصائر المعلبة متنوعة، ويصل بعضها إلى 2 جنيه للعبوة، وهو ما يعتبر فى متناول المستهلك. ولا تقتصر منافسة العصائر المعلبة مع العصائر الطبيعية فقط، فهى فى منافسة أيضا مع «المياه الغازية»، رغم أن الأولى تمتع بميزة تنافسية فى مواجهة الثانية، تتمثل فى فائدتها الغذائية، بحسب عبدالرءوف، إلا أن عادات المستهلكين فى مصر تميل فى أحيان كثيرة لاستهلاك المياه الغازية. كما تتنافس شركات العصائر المعلبة مع مصانع «بير السلم» كما يؤكد عبدالرءوف، والتى تنتج عصائر مقلدة، مشيرا إلى أن الشعبة العصائر بصدد بث حملة توعية حول كيفية التعرف على هذه السلع المقلدة.