أخبار الأهلي: تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي    إزالة التعديات على 6 أفدنة ملك الدولة في الخارجة    وزارة التخطيط تشارك في المنتدى الأفريقي للتنمية المستدامة بأديس أبابا    تواصل عمليات توريد القمح للصوامع بالمحافظات    بلجيكا تستدعي السفير الإسرائيلي بعد مقتل موظف إغاثة في غزة    "إكسترا نيوز": معبر رفح استقبل 20 مصابًا فلسطينيًا و42 مرافقًا اليوم    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    عواصف ورياح محملة بالأتربة تضرب الوادى الجديد.. صور    خطوات تحميل امتحانات دراسات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني pdf.. «التعليم» توضح    احتفالا بذكرى تحريرها.. المطرب مينا عطا يطرح كليب "سيناء"    بالفيديو.. خالد الجندي: كل حبة رمل في سيناء تحكي قصة شهيد    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    ماذا يقول المسلم في الحر الشديد؟.. أدعية رددها الآن    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن انطلاق أكبر حملة تشجير بجميع الكليات    انقطاع المياه عن بعض المناطق فى البياضية والحبيل بالأقصر    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    أجمل 10 صور وعبارات تهنئة بمناسبة عيد القيامة المجيد..عيد على حبايبك    تفاصيل الاجتماع المشترك بين "الصحفيين" و"المهن التمثيلية" ونواب بشأن أزمة تغطية جنازات المشاهير    بعد إعلان استمراره.. ثنائي جديد ينضم لجهاز تشافي في برشلونة    وزير الرياضة يشهد انطلاق مهرجان أنسومينا للألعاب الإلكترونية    مدرب نيس ينضم لقائمة المرشحين لخلافة بيولي في ميلان    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    الرئيس البيلاروسي يتوقع المزيد من توسع «الناتو» وتشكيل حزام من الدول غير الصديقة حول روسيا وبيلاروس    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    تعديل موعد مواجهة سيدات يد الأهلي وبترو أتلتيكو    السكة الحديد: أنباء تسيير قطار إلى سيناء اليوم غير صحيحة وتشغيل خط الفردان بئر العبد الفترة المقبلة    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    هيونداي تقرر استدعاء 31.44 ألف سيارة في أمريكا    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    الرئيس السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين حفاظا على القضية وحماية لأمن مصر    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    منصة شاهد تعرض أول حلقتين من مسلسل البيت بيتي 2    إصابة ربة منزل سقطت بين الرصيف والقطار بسوهاج    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    أول تعليق من ناهد السباعي بعد تكريم والدتها في مهرجان قرطاج السينمائي    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة الدولية مع نهاية القرن التاسع عشر
نشر في الشروق الجديد يوم 31 - 07 - 2021

كيف بدت السياسة الدولية ليلة الأول من يناير عام 1900؟ الحقيقة أنه يمكن القول وبثقة أن معظم سنوات القرن التاسع عشر عبرت عن تفوق وهيمنة أوروبية بالأساس على العلاقات الدولية. فخلال هذا القرن هيمنت بريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى دول التحالف المقدس (روسيا، بروسيا، النمسا) على العالم من خلال الاستعمار بشقيه العسكري/السياسى والاقتصادى، بينما كانت تتراجع إمبراطوريات قديمة مثل الصين والدولة العثمانية!
يمكن القول أيضا إن السياسة الدولية فى القرن التاسع عشر تأثرت بثلاث تطورات رئيسية، التطور الأول كانت توسعات نابليون فى أوروبا التى سعت إلى إنهاء الملكيات وإنشاء الجمهوريات وانتهت بهزيمته ووضع قواعد دولية (فى الحقيقة أوروبية) لإرهاصات ما يمكن تسميته بالأمن الجماعى فى فيينا عام 1815، أما التطور الثانى، فكان تزايد عدد الدول القومية وتجذر مفهوم القومية فى ذهن الشعوب سواء تلك الاستعمارية أو شعوب الدول التى خضعت للاستعمار، بينما كان التطور الثالث والأخير هو بداية تفكك الإمبراطورية العثمانية التى مهدت الطريق لمزيد من التوسعات الأوروبية فيما أصبح يعرف فيما بعد بمنطقة الشرق الأوسط!
•••
التطور الأول (معاهدة فيينا)؛ كان أول اتفاق دولى يضع بعض القواعد الحديثة للعلاقات بين الدول، فقد اتفق المجتمعون (روسيا، النمسا، بروسيا، بريطانيا) على تحالفهم العسكرى للدفاع عن أى محاولة أوروبية لتهديد أمن باقى الإمبراطوريات الأوروبية. كان الاتفاق فى فيينا أيضا على عقد مؤتمرات دورية لمراجعة التزام الدول الأوروبية بالاتفاقية وهو ما مهد لما سمى بسياسة المؤتمرات الدولية، وهو أمر أيضا لم يكن معتاد فى العلاقات بين الدول. إلا أن معاهدة فيينا لم تصمد كثيرا وتحولت بمرور الوقت إلى مجموعة من اللقاءات الدبلوماسية غير المجدية وانتهت فعليا باندلاع حرب القرم بين الدولة العثمانية والإمبراطورية الروسية واستمرت لثلاث سنوات (1853 إلى 1856) قبل أن تنتهى بتوقيع معاهدة باريس فى 1856.
ورغم هشاشة معاهدة فيينا، إلا أن هناك اتفاق عام بين دارسى العلاقات الدولية أنها وضعت حجر الأساس للعلاقات الدولية، كما أنها ساهمت ولو بشكل غير مباشر فى تطور أفكار الوحدة الأوروبية، وخاصة ما طرحته روسيا من خلال التحالف المقدس سالف الذكر، من أن مبادئ الحضارة المسيحية يجب أن تشكل أساس السلام والمحبة والتعاون بين الدول الأوروبية.
تلى معاهدة فيينا بعض الاتفاقات الدولية مثل معاهدة أدرنه 1829 بين الدولة العثمانية وروسيا والتى خضعت من خلالها الدولة العثمانية لشرط روسيا فى التخلى عن صربيا والتعهد باستقلال اليونان، ومعاهدة لندن 1840 بين الدولة العثمانية من ناحية ودول التحالف المقدس بالإضافة إلى بريطانيا لدعم الدولة العثمانية ضد توسعات محمد على باشا فى بلاد الشام على حساب العثمانيين، بالإضافة إلى معاهدة نانكيج 1842 وهى المعاهدة التى تمكنت فيها بريطانيا من إجبار الصين على فتح موانيها للتجارة البريطانية بعد حرب الأفيون الأولى بعد أن كانت الصين تقصر التبادل التجارى على مدينة كانتون (حاليا جوانزاو).
•••
أما فيما يتعلق بالتطور الثانى، فرغم أن الدولة القومية بدأت فى البزوغ مع صلح ويستفاليا الذى أنهى ثلاثين عاما من الحروب الدينية فى أوروبا عام 1648، إلا أن مغامرات نابليون بونابرت بالإضافة إلى تزايد الاستعمار شكل وعيا جديدا على أساس قومى (الانتماء للأوطان ذات الحدود المُعرفة عوضا عن الانتماء للإمبراطوريات بناء على رابطة الدين) والتى ساهمت لاحقا فى تشكل حركات التحرر الوطنى والتى حصلت على الاعتراف الدولى لاحقا مع بداية القرن العشرين.
كان هذا التطور القومى أيضا سببا مباشرا فى تراجع دور الدين فى تشكيل مبادئ العلاقات بين الدول، وإن استمرت بعض المبادئ الدينية فى تشكيل توجهات السياسة الخارجية لبعض الدول.
•••
أما فيما يتعلق بالتطور الأخير، فإن تراجع الإمبراطورية العثمانية كان بمثابة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، شرق المتوسط، وشرق أوروبا، كما أنها ساعدت بريطانيا وفرنسا على الهيمنة على المنطقة العربية لاحقا، بالإضافة أيضا إلى تعضيد الأفكار القومية وخاصة فكرة القومية العربية على الأقل على المستوى الفكرى والثقافى.
•••
خلال سنوات القرن التاسع عشر لم يكن هناك تنظيم دولي بالمعنى المتعارف عليه حاليا، فلم تتشكل أبدا خلال سنوات هذا القرن أى منظمة دولية تكون سلطتها فوق سلطة الدول وإن ظل هذا اتجاها فكريا معتبرا فى العلاقات الدولية يقابله اتجاه آخر وهو التمسك بسلطة الدولة القومية رافضا أن تخضع الأخيرة لأى سلطة أعلى منها. ورغم عدم وجود تنظيمات سياسية دولية إلا أن هذا القرن شهد بعض أوجه التعاون الدولى بخصوص قضايا بعينها، فعلى سبيل المثال تشكلت فى لندن عام 1840 معاهدة دولية لمناهضة العبودية، كما تشكلت بعض التنظيمات الدولية الفنية مثل الاتحاد الدولى للتلغراف الذى تأسس عام 1865 فى باريس والذى عمل على توحيد معايير الاتصالات الدولية بمعايير تكنولوجيا هذا العصر.
كذلك فمن أبرز الحركات التى ظهرت فى القرن التاسع عشر وظهر تأثيرها بقوة فى القرن العشرين على العلاقات الدولية وحتى اللحظة، هى الحركة الصهيونية التى تأسست عام 1897 عبر مؤتمرها الأول فى بازل وسعت إلى تهجير اليهود فى شرق ووسط أوروبا إلى فلسطين التاريخية تحت دعوى أن الأخيرة هى الأرض الموعودة لليهود. كانت الحركة الصهيونية رد فعل لحركة فكرية يهودية أخرى انتشرت فى القرن الثامن عشر فى أوروبا تسمى الهاسكالا وتسعى إلى تطبيع اليهود واستقرارهم فى الأوطان الذين يقيمون فيها مع التأكيد على تجذير الثقافة اليهودية فى هذه المجتمعات، لكن جاءت الحركة الصهيونية رافضة لهذا التوجه وداعية إلى هجرة يهودية (أوروبية ولاحقا دولية) لأرض الميعاد، واستخدمت الحركة أدوات كثيرة للضغط على الدول الأوروبية من أجل تحقيق أهدافها وكانت واحدة من أهم الفاعلين من غير الدول التى تؤثر على العلاقات الدولية فى تلك الفترة.
•••
يبقى القول إنه ومع نهاية القرن التاسع عشر ظهرت بعض القوى الدولية الجديدة من خارج أوروبا وأهمها الولايات المتحدة التى كانت بمثابة قوى إقليمية فى أمريكا الشمالية موسعة من انتشارها واستعمارها لأراضى الأخيرة، وكذلك القوة اليابانية التى ظهرت مع نهاية القرن التاسع عشر كفاعل إقليمى بطموحات للهيمنة على السياسة العالمية بدءا من آسيا.
كانت اليابان قد خرجت من عزلتها فى منتصف القرن التاسع عشر وتمكنت ثورة «ميجى» من إعادة القصر الإمبراطورى إلى واجهة الحياة السياسية فى اليابان، محدثا ثورة تحديثات ثقافية ومادية انتهت بعزم اليابان على المغامرة فى العلاقات الدولية وكسر الاحتكار الأوروبى للسياسة الدولية. وكانت البداية عام 1894 حينما قامت اليابان بتحقيق مجموعة من الانتصارات العسكرية الساحقة فى كوريا، مما دعا الإمبراطورية الصينية لمواجهة اليابانيين، وهى المواجهة التى أظهرت الانتصار الساحق للجيش اليابانى مبرهنة على تطور الأسطول الحربى اليابانى، ونتيجة لذلك أجبرت اليابان الإمبراطورية الصينية على توقيع اتفاق تنازلت بمقتضاه الأخيرة عن جزيرة فرموزا (تايوان حاليا) بالإضافة إلى أرخبيل البيسكادورس.
هذا التفوق اليابانى مع نهاية القرن التاسع عشر كان بمثابة التمهيد للثورة الصينية فى 1911 التى أطاحت بالأسرة الحاكمة فى الصين وكذلك كانت تمهيدا لمزيد من المغامرات الدولية اليابانية التى غيرت شكل العلاقات الدولية فى القرن العشرين.
أستاذ مساعد زائر للعلاقات الدولية بجامعة دنفر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.