في تحد كبير نظم مهرجان كان السينمائي الدولي دورته ال74، وبطموح أكبر للحالمين من صناع السينما اختتم عروضه التي كشفت عن تجارب وموجات سينمائية مبهرة بأفكارها وصورتها وكسرها لكل مألوف على الشاشة، بحسب نقاد وعشاق السينما في العالم، وهو ما جعلها تنتزع آهات إعجاب توج بعضها بالجوائز، والبعض الآخر فتح لنفسه أسواق عرض وتوزيع جديدة. التحدي جاء بقرار إقامة دورة 2021 وسط تدابير احترازية كبيرة، بعدما تم إلغاء دورة العام الماضي بحضور جماهيري خشية تفشي وباء كورونا "كوفيد 19"، وخاصة أن الآلاف من سينمائيي العالم وعشاقها يسعون لحضور المهرجان سواء كانت لهم مشاركات فعلية في المسابقات أم لا، وأنا واحد منهم، كم كنت أتمنى حضور تلك الدورة إلا أن عدم حصولي على جرعتي المصل حال دون ذلك، وهو الشرط الأهم الذي وضعته إدارة المهرجان. ونعود للحظة الحلم بالجوائز التي ظلت تراود الجميع داخل المسابقة الدولية التي شهدت منافسة ساخنة بين 24 فيلما، والحقيقة أن كل من يقع عليه الاختيار داخل المنافسة يعتبر نفسه في منطقة أخرى وكأنه فاز بالجائزة؛ لأن الأفلام المشاركة في القسم الرسمي يتم اختيارها من بين آلاف الأفلام التي تتقدم للمهرجان. جاءت جوائز المهرجان هذا العام لتمنح سعفتها الذهبية لفيلم "تيتان Titane" للمخرجة جوليا دوكورنو، وهو فيلم إثارة درامي فرنسي بلجيكي، بطولة فينسنت ليندون وأغاث روسيل وجارانس ماريلييه ولايس سلامة. وأصبحت دوكورنو ثاني مخرجة تفوز بالسعفة الذهبية بعد جين كامبيون، التي فازت عام 1993 عن فيلم "البيان"، وتلك الجائزة أسعدت الكثير من النساء المشاركات، والتي اعتبروها انتصارا للمكالمات من المخرجات. وحصل فيلم ميموريا «Memoria»، للمخرج التايلاندي أبيشاتبونج ويراسيتاكول، الحاصل على السعفة الذهبية عام 2010، على جائزة لجنة التحكيم، "الجائزة الكبرى" مناصفة مع فيلم "ركبة عهد" «Ahed's Knee» إخراج الإسرائيلي ناداف لبيد، بينما ذهبت جائزة أفضل ممثل للأمريكي كاليب لاندري جونز عن دوره في فيلم نيترام «Nitram» الأسترالي للمخرج جاستن كورزيل. ويتناول الفيلم مذبحة بورت آرثر في تسمانيا بأستراليا، والتي أدت إلى مقتل 35 شخصا عام 1996، وكانت السبب في تغيير قوانين مراقبة الأسلحة في أستراليا، وأثار هذا العمل جدلا في أوساط عائلات الضحايا. وتواصل السينما الإيرانية زحفها نحو الجوائز، حيث فاز المخرج أصغر فرهادي وفيلمه "البطل" بالجائزة الكبرى للمهرجان، كان مناصفة مع فيلم المخرج جوهو كوزمانين "المقصورة رقم 6". وفازت بجائزة أفضل ممثلة رينات رينست، عن دورها في فيلم "أسوأ شخص في العالم"، بينما ذهبت جائزة أفضل مخرج إلى ليوس كاروكس، عن فيلمه "أنيت". وفاز بأفضل سيناريو تاكاماسا هاماجوشي عن فيلم "سائق سيارتي" للياباني ريوسوكي هاماغوشيأ ويروي هذا الفيلم الطويل ذو الجمالية المبهرة والمقتبس من رواية لهاروكي موراكامي قصّة شخصين يواجهان ماضيهما. وحصل فيلم كل الغربان فى العالم «All the Crows in the World» للمخرج تانج يي، على السعفة الذهبية لأفضل فيلم روائي قصير، في ختام الدورة ال74 من مهرجان كان السينمائي، بينما حصل فيلم «August Sky» للمخرجة جاسمين تينوتشي على تنويه لجنة التحكيم، بينما ذهبت جائزة «Caméra d'or» التي تمنح للمخرجين عن تجاربهم الأولى، للمخرجة أنتونيتا ألامات كوسيجانوفيتش عن فيلمها مورينا «Murina»، الذي شارك في أسبوعين للمخرجين وبعيدًا عن قائمة الجوائز، كانت هناك قوائم أخرى ضمت أهم الأفلام، ورصد موقع "ذا فيلم ستيج" الأمريكي أهم الأفلام التي شهدها المهرجان، وجاء من بينها: فيلم "كل شيء سار جيدًا" الفرنسي، بطولة صوفي مارسو وهانا شيجولا، ويتناول قصة أب في ال85 من عمره يجتمع بابنته مجددًا ويستدعيها للمكوث معه بعد إصابته بجلطة أدت إلى شلل، وفيلم "الوفد الفرنسي"، هو فيلم أمريكي كوميدي، بطولة تيموثي شالامي وبيل موري وفرانسيس مكدورماند وإخراج ويس أندرسون، وتدور أحداثه في مدينة فرنسية خيالية خلال فترة العشرينيات، حول مجموعة قصص يتم نشرها في مجلة الوفد الفرنسي. وفيلم "ميموريا"، بطولة تيلدا سوينتون وجين باليبار، ويتناول قصة سيدة من أسكوتلندا تلاحظ عند سفرها إلى كولومبيا مجموعة أصوات غريبة، وسرعان ما تبدأ في التفكير في معانيهم. وفيلم "ريد روكيت"، وسيمون ريكس، ويدور حول محتال أمريكي يعود إلى بلدته الأم حيث لا يطيقه أحد، وفيلم الخيال العلمي "بعد يانج" بطولة كولين فيرث وجاستن إتش مين، وتدور أحداثه في المستقبل حيث تعيد عائلة تعريف مفهومها حول الحب والتواصل بعد خسارة مساعدهم الآلي. وقد تكون السعفة الذهبية من نصيب امرأة هذه السنة، للمرة الثانية لا غير في تاريخ المهرجان، فجوليا دوكورنو، المخرجة الأصغر سنا في هذه الدورة، لم تلق استحسان النقاد مع عملها "تيتان" لكنها أثارت إعجاب الجمهور، ولا بدّ أيضا من حسب حساب للمخرجة المجرية إلديكو إنييدي مع فيلمها "ذي ستوري أوف ماي وايف" حول قصة حبّ من بطولة ليا سيدو. وكان المخرج سبايك لي، رئيس لجنة التحكيم، أول سينمائي أسود يتولى هذه المهام، صرّح في أول أيام المهرجان "لن أكون ديكتاتورا وسأتحلى بحس ديموقراطي.. لكن إلى حدّ ما، فإذا ما تعيّن عليّ البتّ في نتيجة متساوية، سأقوم بذلك، وسوف نمضي أوقاتاً طيّبة". وسيطر النساء على لجنة تحكيم مهرجان "كان" هذا العام، حيث ضمت 5 نساء مقابل أربع رجال.