توفي صباح اليوم الاثنين، الموسيقار الكبير عبده داغر "موتسارت العرب" كما لقبه البعض، عن عمر يناهز 85 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، وأعلن خبر الوفاة ابنه المؤلف الموسيقي دكتور خالد داغر، رئيس البيت الفني بدار الأوبرا. ويعد داغر أحد أهم من أنجبت الموسيقى العربية عبر تاريخها كعازف لآلة الكمان والعود، والذي أسس أول منهج دراسي عربي لتعليم الموسيقى، وتتلمذ على يده آلاف الموسيقيين من جميع أنحاء العالم. ولد عبده داغر، في مدينة طنطا عام 1936، وكانت بدايته مع العود، فوالده صاحب محل صناعة أعواد تعلم العزف على آلة العود في سن السابعة، على غير رغبة والده، ثم جذبته آلة الكمان، بعدما شاهد عازف الكمان الكلاسيكي "David Oistrakh"، وتعلمها في سن العاشرة. في طنطا، بدأ حياته مع المطربة هنيات شعبان، وعمل مع "الصييتة والعوالم" في الموالد. لم يهجر داغر العود، وأسس ورشة لصناعته في شبابه عمل عبده داغر كعازف للكمان في تخت العديد من مشاهير الغناء المصري مثل كوكب الغناء العربي أم كلثوم وموسيقار الجيلين محمد عبد الوهاب ومحمد عبد المطلب. وكون ثنائيا فريد مع الشيخ محمد عمران، أبهر العالم بدائهما الفني. النشأة في ملتقى الموسيقيين النشأة في طنطا، حيث والده كان مدرسا للموسيقى تتلمذ على يديه مجموعة كبيرة من الفنانين منهم محمد فوزي، بليغ حمدي، وكان منزلهم ملتقى الفنانين والموسيقيين. منذ صغره عشق الموسيقى، والغريب أن والده منعه من مماسة الموسيقى، لأن العائلات، في هذا الزمن، كانت تعتبر الموسيقى حراما حتى أن أي أسرة كانت ترفض زواج ابنتها من الموسيقي، أو الممثل. وفي رحلته الموسيقية، علم داغر نفسه الموسيقى حتى استطاع لأول مرة في تاريخ الموسيقى المصرية عمل منهج موسيقي لها، قبل ذلك كنا نعتمد على المناهج التركية والغربية. ويحكي داغر، أنه كانت أمامه فرصة للسفر إلى إيطاليا لكن حال رفض والده دون ذلك، حيث يقول: "في بداية مشواري التقيت فنانا عالميا David Oistrakh في طنطا وكان يلعب بتكنيك عالمي، وعندما شاهدني توقع أن يكون لي مستقبل كبير، وكان يريد أن يصطحبني إلى إيطاليا ورفض والدي". وكان الراحل يردد دائما: "لا تكن إلا نفسك، لا تتشبه بأحد، لأن هذا الأمر هو الذي جعله يصل إلى العالمية". رحلته إلى القاهرة وعلاقته بالمشايخ جاء إلى القاهرة في عمر 11 سنة، وكان يهرب من بيت الأسرة للعمل مع "العوالم"، ثم عمل مع المشايخ الذين تعلم منهم كل شيء، و كان يقول: "قناعتي أن المشايخ هم أساس المزيكا في الكون، والقرآن الكريم علم الدنيا كلها علم الموسيقى، ويكفي أن كل عظماء الموسيقى العربية تخرجوا من مدرسة المشايخ منهم محمد عبدالوهاب، ورياض السنباطي، وسيد درويش، وغيرهم". وتابع: "أول من لحن هم المشايخ القصبجى خريج الأزهر، ووالده علي القصبجي، شيخ وملحن، حتى الشيخ سيد درويش كان شيخا، وعبدالوهاب تعلم على يد المشايخ وكان حريصا على أن يستمع إليهم، وأم كلثوم والدها كان شيخا، وتعلمت من المشايخ كل شيء، بعد ذلك ظهر الملحنون". وتعد النقلة الثانية في حياته الفنية عندما عمل مع تخت الإذاعة، وكان المسئول وقتها "الشجاعي"، وكان يعرف والده، وأحضر معه صوتا جديدا تسمى عنايات شعبان من مدينة قلين بكفر الشيخ، كانت مثل أم كلثوم على حسب تعبيره، وتم تعينه في الإذاعة بسبعة جنيهات في الشهر، وفي نفس الوقت كان يسجل للسينما، كما أسس الراحل فرقا لمحمد رشدي وشفيق جلال والكحلاوي. مؤسس فرقة الموسيقى العربية يعد عبده داغر هو صاحب فكرة تأسيس فرقة الموسيقى العربية، بدأت الفكرة من خلال برنامج إذاعي كان يقدمة سليمان جميل، شقيق فايدة كامل، وخرج من هذا البرنامج عمار التشريعي وغيره. وعندما سأل مقدم البرنامج، داغر في إحدى الحلقات، ما هي أمنيتك؟ قال تكوين فرقة للموسيقى العربية، لأن إسرائيل وقتها كانت أسست فرقة قبلنا ونسبت الموسيقى العربية لها، على حسب قوله، مضيفا أنه سمع هذا الكلام من ثروت عكاشة وكان وقتها وزير الثقافة، ووقتها كان يعمل "داغر" في مسرح البالون، مع شفيق أبو عوف، وطلب الوزير تنفيذ الفكرة فورا. بعد ذلك تواصل معه شفيق أبو عوف، وطلب منه وضع خطوات التنفيذ، وذهبا سويا إلى معهد الموسيقى العربية الأصلي، وبدأوا في تكوين الكورال من المعهد وطلب الاستعانة بالمنشدين، وكان من أعضاء الفرقة الحريري ومحمود القصبجي وأعضاء من فرق أم كلثوم وعبدالوهاب، وجميعهم شكلوا هيكل الفرقة الوليدة، وحاولوا وقتها الاستعانة بأهم موسيقيين، لأنها فرقة تمثل الدولة. وخلال إحدى البروفات حدثت بين داغر وبين عبدالحليم نويرة، قائد الفرقة مشكلة لأنه طلب منه تعديل بعض الأمور الخاصة بغناء الكورال، وهو الأمر الذي أزعج نويرة، وإذا به يمنعه من العمل، إلى أن تدخل البعض وأوضحوا له صحة الملحوظات التي قالها داغر، كما أوضحوا له أنه صاحب فكرة قيادته للفرقة من الأساس، وعاد مرة أخرى للفرقة. في حديقة الخالدين مع بيتهوفن و باخ وموتسارت وضعت له ألمانيا تمثال بجوار تماثيل "موتسارت" و"بتهوفين" و"باخ" في حديقة الخالدين بألمانيا، ويلقبه العالم ب"موتسارت"، وكُرم عبده داغر من قبل مؤسسات عالمية، منها دبلومة فخرية في الموسيقى العربية عام 2005 من زيوريخبألمانيا، لتدريسه في الجامعة الآلات الوترية والنحاسية والنفخ، كما كرّمته جامعة جينيف، فيما اختيرت مؤلفاته ضمن مناهج تعليم الموسيقى في أكثر من دولة أجنبية.