اعتبر سياسيون وبرلمانيون وأساتذة قانون دستورى أن إعلان الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية، استعداده للتحرك السلمى مع الشعب لتغيير الدستور، هو الوسيلة الأمثل للمشاركة فى المرحلة المقبلة . وأكدوا فى الوقت ذاته أن ترشيح البرادعى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة هو حق طبيعى يكفله الدستور لكل مصرى، إلا أنهم شككوا فى إمكانية حدوث ذلك على أرض الواقع بسبب ما وصفوه بالقيود التى تفرضها المادة 76 من الدستور. واعتبر الدكتور إبراهيم يسرى، مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة القانون الدولى والمعاهدات الدولية الأسبق، تحقيق الشروط التى وضعها البرادعى للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية ب «صعبة التحقيق»، وقال :«المسألة كلها نظرية رومانسية، صنعناها بأنفسنا ونحن نعلم أن التوريث هو الذى سيتم فى النهاية وأن كل شىء جاهز ومعد لتسييره». وحول إمكانية ترشيح البرادعى كمستقل للانتخابات الرئاسية، قال يسرى :«إن ذلك لن يحدث بسبب المادة 76 التى تتطلب تأييد 250 عضوا له من مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية بالمحافظات، وكلهم «بتوع الحكومة» مشككا فى نزاهة الانتخابات البرلمانية القادمة التى سيشوبها التزوير من وجهة نظره. وفيما يتعلق بالتكهنات المتداولة حاليا عن حدوث تعديلات دستورية، أوضح يسرى :«كل ذلك ضبابات، وفى النهاية القرار يرجع لشخص واحد فقط هو الرئيس». ووصف المستشار محمود الخضيرى، منسق جماعة «مصريون من أجل انتخابات حرة وسليمة»، ما سماه بإصرار الدكتور محمد البرادعى، بخوض الانتخابات الرئاسية، المزمع عقدها عام 2011، كمرشح مستقل ب«الخطوة العقلانية». وأكد أن «الأحزاب التى طالبت البرادعى بالترشح على قائمتها ستعلو على أكتافه، وستستفيد من ثقله السياسى والدولى، وأضاف :«لن يستفيد البرادعى شيئا فى حالة ترشحه على قائمة أى حزب، لعدم وجود حزب قادر على استيعاب ثقله السياسى». وأعرب الخضيرى عن أمله فى أن يسفر ما سماه ب «التحرك القوى والحاشد» للقوى الوطنية، عن تعديل المادة 76 من الدستور بحيث يفتح الباب للترشح لمنصب الرئيس ب «شروط ميسرة»، على حد تعبيره. وأضاف: «لا نريد تعجل الأمور، ونستطيع اختبار مدى استجابه الحكومة خلال العامين القادمين»، وتوقع الخضيرى حدوث حراك سياسى فى حالة توحد القوى الوطنية حول هدف واحد، وإنهاء الشقاق بينها. واتفق معه الدكتور جمال زهران، النائب المستقل بمجلس الشعب، الذى أكد عدم وجود أى بديل عما وصفه ب «تفكيك» المادة 76 من الدستور لإتاحة الفرص المتساوية أمام المرشحين المستقلين لخوض الانتخابات. وقال : «إعلان البرادعى عن استعداده خوض الانتخابات بشروط كشف وجود عجز دستورى عن استيعاب ترشح أحد المستقلين يتمتعون بهذا الثقل « نافيا إمكانية اتجاه أى من الأحزاب والقوى السياسية المزايدة على هذه الشروط. وأضاف :«المعارضة شريك رئيسى فى معركة التغيير، والنظام الحاكم لا يملك الكلمة الوحيدة، والبرادعى شخص مناسب جاء فى الوقت المناسب والخيار للمواطن». وقال الدكتور محمد الميرغنى، أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس: إنه حسب التعديلات الدستورية الأخيرة، فإنه يستحيل لأى إنسان أن يرشح نفسه خارج إطار الحزب الوطنى أو الإرادة السياسية»، مشيرا إلى إمكانية تعديل دستورى جديد إذا حدث ضغط شعبى قوى على السلطة السياسية، وأضاف «إن تفكير البرادعى فى ترشيح نفسه للرئاسة هو حقه الطبيعى لتوافر كل الشروط فيه»، حسب قوله. كما أيد السفير الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، مطالبة البرادعى لتغيير الدستور، واستعداده للتحرك الشعبى من أجل ذلك وقال: « هذه المطالبات يجب أن تستمر على الرغم من استحالة حدوث تعديلات جديدة حاليا، لأن المتبقى على الانتخابات أشهر قليلة وبالتالى فلن يكون هناك خيار للسلطة سوى التزوير». وقال الأشعل: إن فرصة البرادعى فى الحصول على تأييد أعضاء مجلس الشعب واردة، لكنه اعتبر أن ذلك أمر مستحيل بالنسبة للمحليات بسبب سيطرة الحزب الوطنى عليها، على حد تعبيره. وتعليقا على حديث البرادعى عن عدم ترشحه للرئاسة تحت مظلة أى من الأحزاب السياسية وعن وجود خلل فى التجربة الحزبية فى مصر، قال الأشعل: «الأحزاب استكانت وقبلت بالقيام بهذا الدور، وكرست الفساد السياسى فى مصر واكتفت بالحصول على المعونة من الدولة».