«أنا اسمى مرقص وهذا الاسم يحدد ديانتى بوضوح، الكل يعرف أنى مسيحى وهذا كثيرا ما يمثل لى معاناة كبيرة لكنى أتجاوز ذلك وأعود للعمل وللاندماج فى الحياة»، كلمات جاءت على لسان مرقص كمال، خريج كلية الهندسة، 29 سنه، الذى يضيف «نعم هناك تمييز فى الجامعة وفى العمل وفى الشارع وفى التليفزيون نواجهه كل يوم ومنذ أن كنت فى ابتدائى كنت أجد المناهج ولا سيما كتب العربى (كتب ومناهج اللغة العربية) مليئة بالآيات الدينية الإسلامية وهى نصوص للحفظ دون أن تكون هناك آية واحدة من الإنجيل وكان البديل أن أعرف دينى من الكنيسة، واعتبرت أن ما أتعلمه فى المدرسة هو فرصة للتعرف على الآخر المسلم الذى لا يعرفنى وليست لديه أى فرصه ليعرفنى إلا من خلال كتب منحازة ضدى تعلمه أنى كافر ومشرك». «تاريخيا كان أصحاب المعتقدات الدينية المخالفة للسائد فى المجتمع، هم العنصر الأضعف الذى تصب عليه لعنات الأخطاء السياسية ويدفع ثمن التراجع الثقافى والاجتماعى أكثر من الجميع، وعلى مدى عقود من تزايد المد الدينى فى المجتمع والدولة كان على المختلفين دينيا دفع الفاتورة»، وفقا لسليمان شفيق، محرر تقرير الملل والنحل والأعراق الصادر قبل أعوام عن مركز ابن خلدون، سواء أكان المختلف بهائيا أم قبطيا أم قرانيا أم شيعيا. «لا تثبت الحضانة للحاضنة الكافرة للصغير السن، لأن الحضانة ولاية ولم يجعل الله الولاية للكافر على المؤمن». بهذا النص قضت محكمة الأسرة بالدائرة التاسعة بالسيدة زينب فى 17 يوليو 2009 ، بنزع حضانة الطفل «أسر أسامة صبرى» من والديه البهائين وضمه لعمته المسلمة، خاصة أن والديه البهائيين كانا قد سافرا للخارج بعد تصاعد العنف الاجتماعى ضد البهائيين والذى انتهى بحرق منازلهم وتهجيرهم من قراهم فى سوهاج بعد أقل من شهر من صدور هذا الحكم. «إن النظام العام فى مصر يدميه النيل من دين الوطن الرسمى الذى استقر فى وجدان أغلبية الشعب المصرى.. إن من يعتقد فى اليهودية مدعو لاعتناق المسيحية، ومن يعتنق المسيحية مدعو لاعتناق الإسلام خاتم الأديان، والعكس غير صحيح فى جميع الأحوال، بمراد الله فى ترتيب تنزيل دياناته السماوية وبما يتفق مع النظام العام والآداب العامة فى مصر». بهذا الحكم قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى فى 30 يونيه 2009 برفض الدعوى المقامة من المواطن «جرجس ملاك وصفى» بإثبات خانة الديانة كمسيحى، بعد أن قامت مصلحة الأحوال المدنية «بتصحيحها» إلى الإسلام بعد أن اكتشفت أن والده كان قد اعتنق الإسلام قبل 40 عاما عندما كان جرجس طفلا، وفقا لتقرير المبادرة المصرية لحقوق الشخصية فى الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2009. ووفقا لكمال زاخر، مؤسس التيار العلمانى القبطى، فإن «الأقباط بحكم كونهم أكبر الأقليات الدينية فى مصر والشرق الأوسط، كانوا العنصر الأكثر تعرضا للانتهاك اليومى لحقهم فى حرية الاعتقاد سواء على المستوى المؤسسى فى إجراءات الدولة، التى استبعدتهم من المشاركة فى أغلب المناصب السيادية والمواقع المؤثرة، أو على المستوى الاجتماعى، أو الدينى متمثلا فى المؤسسة الدينية التى حملت لواء حماية الأقباط إلا أنها فى سبيل ذلك عزلتهم عن المجتمع ومارست ضدهم ما اعتبره الكثيرون سنوات من الحرمان الكنسى تضاف إلى سنوات الحرمان الوطنى». ووسط عشرات الصور من التمييز يبقى تمييز الدوله تجاه الأقباط هو الأكثر إثارة للنقاش، وفقا للنشطاء الحقوقيين، فعبر أكثر من نصف قرن لم يترق أى قبطى لرئاسة أى من الجامعات المصرية أو عمادة أى من الكليات، ولم يعين فى منصب محافظ سوى قبطيين فقط، ويغيب عن عدد من أجهزة الدولة الأمنية، وعلى رأسها جهاز أمن الدولة، أى تمثيل قبطى من الأساس. «المرأة القبطية يقع عليها القمع مضاعفا»، كما ترى منيرفا سعد، خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة، وتقول «على سبيل المثال ولأنى بالطبع غير محجبة فعندما أسير فى أى شارع فى وقت متأخر فهذا يعنى للكثيرين أننى فرصة أو متاحة لهم وهم يعتبرون فى عدم تحجبى نوعا ما من الموافقة على معاكساتهم وتحرشاتهم لا لشىء إلا لأنى إمرأة غير محجبة !! والأمثله كثيره على ذلك». «صحيح أن المجتمع بشكل عام أخذ يتوجه ناحية المزيد من التشدد فى تفاصيله اليومية لكن الأقباط كانوا أصحاب النصيب الأوفر من تحمل هذا العبء»، كما يؤكد الكاتب سامح فوزى، مشيرا إلى أن معاناة الأقباط متكررة وفى بعض الأحيان متطابقة فى ظل حالة من انعدام قبول الآخر فى المجتمع وهذا ما يجعل الناس الآن تنزعج من بناء كنيسة أو حتى من فستان قصير تلبسه امرأة بينما لم تنزعج لهذا منذ خمسين عاما.