أصدر مركز القاهرة لدراسات لحقوق الإنسان، وهو هيئة مستقلة، يوم الثلاثاء تقريرا يؤكد أن وضع حقوق الإنسان والحريات يتدهور في العالم العربي ولاسيما في مصر وفي سوريا مع إتباع أسلوب التعذيب لقمع المدافعين عن الحريات. واعتبر المركز في تقريره تحت عنوان "واحة الإفلات من المحاسبة والعقاب" أن: "حالة حقوق الإنسان في هذه المنطقة، تتجه إلى المزيد من التدهور، حتى بالمقارنة مع الوضع المتدهور عام 2008" وذلك في الدول ال12 التي استهدفتها انتقاداته، وهي مصر وتونسوالجزائر والمغرب والسودان ولبنان وسوريا وفلسطين والعراق والسعودية والبحرين واليمن. وأوضح التقرير: "في مصر مثلت عمليات القتل خارج نطاق القانون للعشرات من المهاجرين غير الشرعيين، أو عبر استخدام القوة المفرطة في ملاحقة بعض المشتبه بهم، وكذلك ممارسات التعذيب الروتينية وجها بارزا للحصانة التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية، في ظل حالة الطوارئ السارية قرابة ثلاثة عقود". كما اعتبر التقرير أن سوريا: "تتمتع بمكانتها المتميزة في الإجهاز على جميع صور المعارضة والحراك السياسي، والمظاهر المحدودة للتعبير المستقل، وفي قمع حراك الأقلية الكردية في مواجهة سياسات التمييز المنهجي ضدها، وتوجيه ضربات متلاحقة لمدافعي حقوق الإنسان. وبشان الأراضي الفلسطينية ندد التقرير ب"استمرار الصراع بين فتح وحماس الذي أفضى إلى تسييس التمتع بالحقوق والحريات، تبعا للانتماء السياسي، وقيام طرفي الصراع بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الخصوم، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب المفضي إلى الموت، والقتل خارج نطاق القانون". وبشأن السودان أكد التقرير أن: "النظام السوداني أكثر النماذج فجاجة في الاستخفاف باستحقاقات العدالة وتكريس الإفلات من العقاب عن جرائم الحرب في دارفور". وفي تونس: "بدت الدولة البوليسية مطلقة اليد في ممارساتها الهمجية ضد النشطاء السياسيين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنقابيين، والمنخرطين في الحراك الاجتماعي". وفي الجزائر شكل "قانون الطوارئ وميثاق "السلم والمصالحة الوطنية" وتطبيقات مكافحة الإرهاب، مدخلا معتمدا لتكريس سياسات الإفلات من العقاب، والتغطية على الانتهاكات الشرطية الجسيمة، والإخلال بمعايير العدالة وبضمانات حرية التعبير". وأضاف: "المغرب بدوره للأسف، يشهد تراجعا ملحوظا عن المكتسبات الحقوقية التي حظى بها المغاربة عبر عقد من الزمان، وخاصة في ظل التقاعس في تبني جملة من الإصلاحات المؤسسية في قطاعات الأمن والقضاء لمكافحة الإفلات من العقاب". كما ندد التقرير بالتمييز ضد الأقليات وقمع الحريات الدينية كما في السعودية والبحرين ومصر. من جانبه اتهم جيريمي سميث، ممثل المركز في جنيف حيث عرض التقرير أيضا يوم الثلاثاء، العديد من الدول العربية بالسعي إلى "تقويض سلطة" المؤسسات الدولية مثل مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان, كما اتهم بعض الدول بالرغبة في استخدام مفهوم "إهانة الأديان" من أجل "الحد من النصوص الأساسية للقانون وقمع الأقليات". ويطالب العالم الإسلامي بإصرار بالاعتراف بمفهوم إهانة الأديان" الذي ترفضه الدول الغربية التي تؤكد أنه سيحد من حرية التعبير بتشريع قمع التجديف. واستنادا إلى سميث فإن الدعم الأمريكي والأوروبي لإسرائيل يعطي ذرائع لمعارضي المفهوم العالمي لحقوق الإنسان. وأوضح أن: "الدول الغربية أضعفت كثيرا نظام حقوق الإنسان بالسعي إلى إعطاء حصانة لإسرائيل من جرائم الحرب التي ترتكبها. وهو ما استخدمته بشكل كبير بعض الحكومات للدعوة إلى نوع من التضامن المنحرف بين الدول النامية".