يصادف اليوم الأحد الموافق 28 فبراير، اليوم العالمي لتنسيق الأزهار، التي تعد من وسائل الراحة النفسية وتقليل التوتر، كما تعمل على تعزيز المزاج الجيد وتحسين الذاكرة وتقليل الألم لدى الكثيرين، وهي احتفالية عالمية جاءت من خلال مبادرات شخصية. تسببت الحرب العالمية الأولى من عام 1914 1918 في خسائر بشرية جسيمة، حيث قتل حوالي 8.5 مليون جندي من إصابات أو أمراض في ساحة المعركة، كما دمرت المناظر الطبيعية في أوروبا الغربية، وكان الخشخاش الأحمر من أهم هذه المناظر الطبيعية المدمرة في ساحات القتال، وبفضل قصيدة مشهورة أصبح رمزًا قويًا للذكرى. مزقت الحرب الحقول والغابات والأشجار والنباتات، لكن في أوائل ربيع عام 1915 الدافئ، بدأت الزهور الحمراء الزاهية تتجول في الأرض التي دمرتها المعركة، والمعروف باسم خشخاش فلاندرز والخشخاش الأحمر وزهرة الذرة، وفقا لموقع "هيستري" الأمريكي. • البداية.. قصيدة كتبت في ساحة القتال اكتشف اللفتنانت كولونيل جون ماكراي، وهو كندي عمل كجراح لواء لوحدة مدفعية تابعة للحلفاء بعد وقت قصير من معركة إيبرس الثانية، واعتنى ماكراي بالجرحى وألقى نظرة مباشرة على مذبحة ذلك الاشتباك، حيث أطلق الألمان العنان لغاز الكلور القاتل لأول مرة في الحرب، وقُتل وجُرح حوالي 87 ألف جندي من الحلفاء في المعركة، وكان أحد أصدقاء ماكراي، الملازم ألكسيس هيلمر، من بين القتلى. وكتب ماكراي قصيدة "في فلاندرز فيلد"، مندهشًا من مشهد الأزهار الحمراء الزاهية على الأرض المكسورة؛ حيث قام بتوجيه صوت الجنود الذين سقطوا مدفونين تحت زهور الخشخاش القاسية، نُشرت القصيدة في مجلة "بانش" في أواخر عام 1915، وباتت تستخدم بعد ذلك في العديد من الاحتفالات التذكارية، وأصبحت واحدة من أشهر الأعمال الفنية التي ظهرت خلال الحرب، انتشرت شهرتها على نطاق واسع بعدما توفي مكراي من الالتهاب الرئوي والسحايا في يناير 1918. • حملة زهور الخشخاش.. رمز وطني للذكرى ودعم المحاربين قرأت امرأة تُدعى موينا مايكل -كانت أستاذًا في جامعة جورجيا وقت اندلاع الحرب، وأخذت إجازة للتطوع في مقر جمعية الشابات المسيحيات في نيويورك، التي دربت ورعت العمال في الخارج- في صفحات مجلة "فلاندرز فيلد" في شهر نوفمبر، قبل يومين فقط من الهدنة، وكتبت قصيدتها الخاصة ردًا على ذلك، مستوحاة من قصائد مكراي، التي أسمتها "يجب الحفاظ على الإيمان". وكدليل على الإيمان وتذكرًا لتضحيات فلاندرز فيلد، تعهدت مايكل بارتداء الخشخاش الأحمر دائمًا؛ إذ وجدت مجموعة أولية من أزهار الأقمشة لنفسها ولزملائها في متجر متعدد الأقسام، بعد انتهاء الحرب، عادت إلى مدينة أثينا الجامعية، وابتكرت فكرة صنع وبيع نبات الخشخاش الأحمر لجمع الأموال لدعم قدامى المحاربين العائدين. خلقت حملة مايكل رمزا وطنيا للذكرى، عبارة عن خشخاش بألوان أعلام دول الحلفاء متشابكة حول شعلة النصر، وبالرغم من أنها لم تنجح كثيرًا في البداية، لكن في منتصف عام 1920، تمكنت من الحصول على فرع جورجيا من الفيلق الأمريكي، وهو مجموعة من قدامى المحاربين، لتبني الخشخاش كرمز لها، وبعد ذلك بفترة وجيزة، صوت الفيلق الوطني الأمريكي لاستخدام الخشخاش كرمز وطني رسمي للذكرى عندما اجتمع أعضاؤه في كليفلاند في سبتمبر 1920. • زهور الخشخاش.. لاستعادة فرنسا على الجانب الآخر، دافعت امرأة فرنسية تدعى "آنا جيران" عن القوة الرمزية للخشخاش الأحمر منذ البداية، بعد دعوتها إلى مؤتمر الفيلق الأمريكي للتحدث عن فكرتها حول "يوم الخشخاش المشترك بين الحلفاء"؛ حيث ساعدت جيران في إقناع أعضاء الفيلق باعتماد نبات الخشخاش كرمز لهم، والانضمام إليها من خلال الاحتفال بيوم الخشخاش الوطني في الولاياتالمتحدة بعد مايو. ونظمت جيران النساء الفرنسيات والأطفال والمحاربين القدامى لصنع وبيع الخشخاش الاصطناعي؛ كوسيلة لتمويل استعادة فرنسا التي مزقتها الحرب، ربما كانت الفرنسية هي الشخصية الأكثر أهمية في نشر رمز إحياء ذكرى الخشخاش عبر دول الحلفاء الأخرى. • الخشخاش رمزا للذكرى بمختلف الدول في غضون عام، جلبت جيران حملتها إلى إنجلترا؛ حيث عقد الفيلق البريطاني حديثا عن أول "نداء من الخشخاش" على الإطلاق في نوفمبر 1921، الذي باع ملايين الزهور الحريرية وجمع أكثر من 106 آلاف جنيه إسترليني، للبحث عن عمل وسكن لقدامى المحاربين في الحرب العظمى، وفي العام التالي، أنشأ الرائد جورج هوسون مصنع الخشخاش في ريتشموند بإنجلترا، لتوظيف الجنود المعاقين لصنع النسيج والورق المزهر. سرعان ما حذت دول أخرى حذوها في تبني الخشخاش كرمز رسمي للذكرى؛ حيث يرتدي ملايين الأشخاص في المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وبلجيكا وأستراليا ونيوزيلندا الزهور الحمراء كل 11 نوفمبر للاحتفال بذكرى هدنة عام 1918.