مصادر: غدا اجتماع تنسيقي بمستقبل وطن لإعلان القائمة الوطنية لانتخابات النواب المقبلة    البابا تواضروس يلقي وصايا داود النبي لابنه سليمان على كهنة 7 إيبارشيات بأسيوط (صور)    أخبار الاقتصاد اليوم: ارتفاع سعر الذهب.. خدمات مجانية لتطوير الأعمال الحرفية ضمن فعاليات معرض تراثنا.. أسهم الأسواق الناشئة تواصل ارتفاعها بدعم من التفاؤل بصفقات الذكاء الاصطناعي    وزير الزراعة يوضح الحقيقة الكاملة لأزمة غرق أراضي طرح النهر    ترامب ينشر رد حماس على خطته بمنصة تروث سوشيال    قيادي بحماس ل الشروق: رد الحركة على خطة ترامب لم يمس الثوابت المتمثلة في الدولة والسلاح وحق المقاومة    اليونيفيل: الجيش الإسرائيلي ألقى قنابل قرب عناصرنا في جنوب لبنان    حلمي طولان: المنتخب في ورطة قبل كأس العرب والأندية تبحث عن مصلحتها    درجات الحرارة غدا السبت في مصر    المنيا: سقوط توك توك في حفرة صرف صحي أمام وحدة صحية بأبو قرقاص دون إصابات    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بقنا    أنوسة كوتة تكشف تطورات الحالة الصحية ل ماس محمد رحيم    رياض الخولي في ندوة تكريمه بمهرجان الإسكندرية: «طيور الظلام» قفزة مهمة في حياتي الفنية    أوبرا دمنهور تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر (صور وتفاصيل)    بيحسوا بالملل.. 4 أبراج لا تحب الوحدة وتهرب من العزلة (هل أنت منهم؟)    4 عناصر يجب الانتباه إليها، النظام الغذائي المثالي للتعايش مع أمراض الكلى المزمنة    المنيا.. النيابة تنتدب الطب الشرعي لكشف ملابسات العثور على جثة شاب داخل مزرعة بسمالوط    وكيل جهاز المخابرات السابق: المصالحة الفلسطينية لم تعد أولوية في ظل الوضع الحالي    العقيد محمد عبدالقادر: إنجاز أكتوبر كان نصرًا عربيًا بامتياز    إرث أكتوبر العظيم    المحاسب الضريبى أشرف عبد الغنى: الإرادة السياسية للرئيس السيسى سر نجاح التيسيرات الضريبية    الاتحاد الأوروبي يطلق قواعد موحدة للشركات الناشئة في 2026 لتعزيز النمو    قوات جيش الاحتلال تقتحم بلدات في نابلس وتعتقل شابين فلسطينيين    لمدة 6 ساعات.. قطع المياه عن هذه المناطق بالجيزة خلال ساعات    الزمالك يدرس رحيل ثلاثة لاعبين في الشتاء.. عواد والجزيري على قائمة المغادرين    وزير الخارجية يثمن مساندة هايتي للدكتور خالد العناني في انتخابات منصب مدير عام اليونسكو    إيقاف عرض عدد من المسلسلات التركية.. والعبقري" من بينها    محمد كامل يُعلن أول قراراته: الحشد والتثقيف استعدادًا للإنتخابات    داء كرون واضطرابات النوم، كيفية التغلب على الأرق المصاحب للمرض    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    غلق وتشميع 20 مقهى ومحل ورفع 650 حالة إشغال في الإسكندرية    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    «السكان» تشارك فى الاحتفال بيوم «عيش الكشافة» بمدينة العريش    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    محمد صلاح يلتقط صورة تذكارية مع الكرة الرسمية لكأس العالم 2026    87 مليون جنيه لمشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بتلا والشهداء في المنوفية    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    القهوة بالحليب.. هل هي خيار صحي لروتينك الصباحي؟ (دراسة توضح)    استشاري مناعة: أجهزة الجيم ملوثة أكثر من الحمامات ب74 مرة (فيديو)    الإسماعيلي يواصل التعثر بهزيمة جديدة أمام سموحة    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    مهرجان شرم الشيخ للمسرح يعلن لجنة تحكيم مسابقة "عصام السيد"    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    باراجواي تعلن دعمها الرسمي للدكتور خالد العناني في انتخابات اليونسكو 2025    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    ضبط متهمين بالتعدي على طلاب أمام مدرسة بالمطرية    المصري يواجه البنك الأهلي اليوم في الجولة العاشرة من دوري نايل    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرادعى فى عين العاصفة
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 12 - 2009

من أجواء البرد والصقيع التى تلف فينا فى ذلك الوقت من السنة، جاء بيان الدكتور محمد البرادعى المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، ليفجر عاصفة هوجاء فى مصر، لمجرد أنه أراد أن يوضح للقوى السياسية، التى طالبته بالترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، طبيعة الشروط التى يرى ضرورة توافرها للقبول بهذه المحاولة. ومن الواضح أن البرادعى قد أراد بذلك أن يضع حدا لسيل بدأ ولا يكاد ينتهى، من المطالبات والتكهنات، التى أخذت تملأ فراغ الجو السياسى المقبض فى مصر.
والقارئ بموضوعية ودقة للبيان، يشعر أن الرجل قد أراد من ناحية أن يؤكد استعداده للعمل من أجل خدمة وطنه بالترشح لهذا المنصب. ولكنه أراد من ناحية أخرى أن يوضح لهؤلاء الذين يلحون عليه بالقبول، استحالة تحقيق هذا المطلب إلا إذا توافرت ضمانات الديمقراطية والشفافية فى الانتخابات الرياسية المقبلة. ولن تتحقق هذه الضمانات فى رأيه إلا بشروط خمسة، هى: إنشاء لجنة قومية مستقلة ومحايدة لتنظيم العملية الانتخابية. والإشراف القضائى الكامل على الانتخابات. ووجود مراقبين دوليين من الأمم المتحدة. وفتح باب الترشيح لجميع المصريين دون قيود. وأخيرا تنقية الجداول الانتخابية.
وتعليق الجواب على شرط أو شروط مستحيلة التحقيق على أرض الواقع هو بحكم المنطق استبعاد للقضية برمتها. وهو كما نرى ما حدا بقيادات الوطنى إلى الهجوم الشرس على البرادعى، فاتهموه بشتى الاتهامات التى تراوحت بين ازدواجية الجنسية والعمالة للغرب، أو فى أهون الاتهامات بمحاولة فرض شروط خيالية بعيدة عن الواقع والقيام بانقلاب دستورى. وطالبه أحدهم بأن يعود لمصر أولا، ويكف عن تلقين المصريين دروسا.. لأن فترة غيابه الطويلة خارج مصر، جعلته لا يعرف حجم المتغيرات، التى شهدها الواقع السياسى المصرى، وفى مقدمتها تلك التعديلات الدستورية الملهمة، واللجنة القومية المستقلة التى تنظم جميع الإجراءات الانتخابية. وبعبارة أخرى فلا مجال للبحث عن ضمانات أو شروط جديدة، ولا مجال للتشكيك فى نزاهة العملية الانتخابية المصرية، كما تدعى القوى المعادية لمصر!
هل معنى ذلك فعلا أن البرادعى يطالب بشروط مستحيلة، لا مثيل لها فى النظم الديمقراطية الأخرى فى العالم.. وهل يغيب فعلا عن إدراكه أن مثل هذه الشروط يتطلب لتحقيقها إيمان جماعة الحكم بالديمقراطية وتبعاتها، وتوافق القوى السياسية على ضرورة تصحيح العوار الكامن والظاهر فى الحياة السياسية، وتمكين الشعب من ممارسة حرياته وحقوقه السياسية دون وصاية أو إملاء، ودون تزوير أو قمع!
لا يوجد أدنى شك فى أن البرادعى يدرك ذلك تماما. ولذلك فهو يطرح هذه الشروط التى يعرف كل عاقل أنها لن تتحقق بين يوم وليلة، وأنها تحتاج إلى وقت وجهد لتنفيذها وإلى تغيير فى الآراء والعقلية ويضاعف من صعوبة الموقف أن البرادعى يبدو كمن يصرخ فى البرية.. لأن أحزاب المعارضة ليس لها موقف أو رأى حاسم. وأنها كما وصفها د. حسام عيسى أستاذ القانون مجرد أجنحة للحزب الحاكم، لا يهمها غير التفاوض على 4 أو 5 مقاعد فى مجلس الشعب.
لقد كنت من الموقنين منذ بدأت «هوجة» الحديث عن الترشح للرياسة، والمزاد الذى تنافست فيه قوى سياسية عديدة لترشيح شخصيات مرموقة تحظى باحترام الشعب المصرى، طرحت فيها أسماء البرادعى وعمرو موسى وزويل وغيرهم، إن المسألة لا تعدو أن تكون تعبيرا عن السخط وعدم الرضا عن الأوضاع والممارسات الانتخابية الراهنة، ولا عن الأسماء والشخصيات التى يتردد أن الحزب الوطنى بصدد تمكينها بأساليب ملتوية، من الصعود إلى أعلى مراتب الحكم بالتوريث أو بغيره. وفى اعتقادى أن كل هذه الترشيحات كانت بمثابة صرخة احتجاج أو حشرجة شعبية تعبيرا عن رفض ما هو قائم، والتأكيد على أن لدينا فى مصر ما هو أفضل منه، لو نظرنا حولنا وأعدنا ترتيب الأمور طبقا لقواعد الحكم الرشيد والديمقراطية الحقيقية.
عند هذا الحد كان يمكن أن تهدأ العواصف وتسكن الزلازل التى ما أظن أن الرجل كان يتوقعها. فعلى الرغم من أن من حق كل مواطن مصرى أن يقول رأيه فى أفضل السبل المؤدية للإصلاح السياسى وإقامة حكم رشيد. إلا أنها حين تأتى من مصرى يحظى بمثل هذه المكانة الدولية، ولديه أرضية واسعة من الثقة الشعبية.. فهو فى نظر زبانية الحكم قد اقترب من قدس الأقداس، ونطق بالأهوال التى يرددها عملاء الغرب، حول نزاهة الانتخابات وتعديل الدستور، وكل ما يضفى على الحياة السياسية مصداقيتها.
ربما كان الخطأ الذى وقع فيه البرادعى، أنه صدق أصوات الضجيج الحزبى والسجال السياسى والخطب المنبرية، التى ملأت الساحة فى مصر حول أزهى عصور الحرية والديمقراطية، فسارع إلى الرد على الذين يطالبونه بدخول المعمعة لتحديد الشروط التى يراها واجبة لانتخابات الرياسة. وهى شروط يعتقد أكثر المتفائلين أنها لا يمكن أن تتحقق قبل 20 أو 30 عاما أخرى.. وإلا يكون البرادعى كمن يضع العربة قبل الحصان.
والواقع أننا لدينا عربة ولكن ليس لدينا حصان.. فإذا كان لشروط البرادعى من فائدة، فهى أنها أضاعت براءة الكثيرين، الذين وجدوا أسماءهم مطروحة للترشح للرياسة. وأسقطت أوهام الذين ظنوا أنهم بدعوة البرادعى للترشح قد قطعوا جزءا من الطريق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.