الأزهري يعلن موعد إطلاق منصة الأوقاف الرقمية    البورصة المصرية تخسر 14.4 مليار جنيه في ختام تعاملات الاثنين    رئيس جامعة حلوان: استراتيجية واضحة لدعم الابتكار    الفراخ البيضاء ب100 جنيه للكيلو.. استمرار ارتفاع أسعار الطيور فى أسواق الإسكندرية    مصر تتعاون مع البنك الأوروبي لحشد استثمارات طاقة متجددة ب10 مليارات دولار    حماس تدعو لفتح المعابر وكسر حصار إسرائيل على غزة    "رويترز" عن مصدر مطلع: الولايات المتحدة واليونان من أبرز الدول المحتملة التي قد تزود أوكرانيا بأنظمة "باتريوت"    الإنجليزي ألكسندر أرنولد يعلن نهاية رحلته مع ليفربول    القليوبية.. ضبط 6 أشخاص لاستعراضهم بالأسلحة البيضاء من داخل سيارة بالطريق العام    الرئيس السيسي يستقبل سلطان طائفة البهرة بالهند    رئيس الوزراء يتابع خطوات تيسير إجراءات دخول السائحين بالمطارات والمنافذ المختلفة    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى المنصورة التخصصي للاطمئنان على مستوى الخدمات    لا يسري على هذه الفئات| قرار جمهوري بإصدار قانون العمل الجديد -نص كامل    نجم الزمالك السابق: نظام الدوري الجديد يفتقد التنافس بين جميع الأندية    منافس الأهلي.. بوسكيتس: لسنا على مستوى المنافسة وسنحاول عبور مجموعات كأس العالم    مدرب نيوكاسل: لن ننتظر الهدايا في صراع التأهل لدوري الأبطال    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض اللحوم والأسمنت وارتفاع الذهب    حال الطقس.. الأرصاد: موعد بداية تحسن الجو وأمطار على هذه المناطق    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    إحالة المتهم في قضية الطفلة مريم إلى الجنايات    وزير الأوقاف يشهد حفل تكريم المؤسسات الأهلية الفائزة في مسابقة "أهل الخير 2025"    جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع -صور    أعدادهم بلغت 2.6 مليون.. أشرف صبحي: الطلاب قوتنا الحقيقية    كارول سماحة تكشف مواعيد وأماكن عزاء زوجها وليد مصطفى في لبنان ومصر    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    فرص وظائف بالمجلس الأعلى للجامعات بنظام التعاقد.. الشروط وموعد التقديم    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية في مراكز طب الأسرة بأسوان    طريقة عمل البيتزا، أحلى وأوفر من الجاهزة    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    أمل عمار: النساء تواجه تهديدات متزايدة عبر الفضاء الرقمي    «وكيل الشباب بشمال سيناء» يتفقد الأندية الرياضية لبحث فرص الاستثمار    «الصحة» تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    هيئة الرعاية الصحية: نهتم بمرضى الأورام ونمنحهم أحدث البروتوكولات العلاجية    «تحديات العمل القضائي وبناء القدرات» في مؤتمر لهيئة قضايا الدولة    3 سنوات سجن ل "بائع ملابس" هتك عرض طالبة في الطريق العام بالإسكندرية    الكرملين: بوتين لا يخطط لزيارة الشرق الأوسط في منتصف مايو    إعلام إسرائيلي: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر    جامعة مايو تفتح ندوتها "الانتماء وقيم المواطنة" بكلمة داليا عبد الرحيم.. صور    جدول امتحانات الترم الثاني للصف الثاني الثانوى في القليوبية    بالمجان وبدءًا من اليوم.. أفلام عالمية وهندية وأوروبية تستقبل جمهور قصر السينما    "صحة غزة ": عدد الشهداء الأطفال تجاوز 16 ألفا.. والقطاع يشهد مؤشرات صحية وإنسانية خطيرة    وزير الخارجية العراقي يحذر من احتمال تطور الأوضاع في سوريا إلى صراع إقليمي    جامعة بنها تحصد عددا من المراكز الأولى فى مهرجان إبداع    الهند تحبط مخططا إرهابيا في قطاع بونش بإقليم جامو وكشمير    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    توقعات الأبراج اليوم.. 3 أبراج تواجه أيامًا صعبة وضغوطًا ومفاجآت خلال الفترة المقبلة    بدرية طلبة تتصدر الترند بعد إطلالاتها في مسرحية «ألف تيتة وتيتة»|صور    محمود ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك الأهلي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    أمير هشام: الزمالك في مفاوضات متقدمة مع البركاوي.. وبوزوق ضمن الترشيحات    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاح فيروس كورونا: أسئلة أخلاقية تواجه العالم
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 02 - 2021

هل سيكون توزيع لقاح كورونا عادلاً؟ وكيف تُحدًّد الأولويات ووفق أي خطط وتشريعات؟ وهل يجوز - أخلاقياً - فرض التطعيم على الأفراد، حتى إن كان الهدف محاصرة وباء عالمي؟
تعيش البشرية لحظة "أخلاقية" صعبة، كأننا أمام خيارات تشبه أزمة البطلة في فيلم "خيار صوفي"، حين خيّرت في معتقل أوشفيتز بين إنقاذ ابنها أو ابنتها.
فكيف تختار الجهات الصحيّة الفئات الأكثر هشاشة إن كان عدد اللقاحات محدودا؟ وإذا تضاءلت الإمدادات، هل من الإنصاف في شيء تلقيح المرضى وكبار السنّ، أم تلقيح الشباب؟
في ظلّ كوفيد -19، كان على الشعوب أن تعيش وطأة التبعات الفجّة للسياسات الصحيّة والاجتماعية الراهنة: مكان ولادتك، جنسيتك، طبقتك الاجتماعية، جنسك عند الولادة، كلّها عوامل ستحدّد فرصك في النجاة، سواء لناحية وصولك إلى الحاجات الأساسية من غذاء وأمان خلال الحجر الصحّي، أو لناحية نيلك الرعاية الاستشفائية اللازمة.
ولم تتردّد شخصيات دينية في التعبير عن خشيتها من انعدام المساواة في توزيع اللقاحات، منذ الإعلان عن نجاح التجارب السريرية الأولى.
هكذا، دعا شيخ الأزهر، أحمد الطيب، الشركات المنتجة إلى إقرار سياسة عادلة في توزيع اللقاح وتغليب الضمير الإنساني على الحسابات المادية، قائلاً: "يجب ألا يُخذل اللاجئون والفقراء في حقهم للحصول على هذا اللقاح".
وقال البابا فرنسيس "كم سيكون الأمر تعيساً إن أعطيت الأولويّة في لقاح فيروس كورونا للأغنياء!"، وأضاف: "إنَّ الوباء قد كشف عن محنة الفقراء والتّفاوت الكبير الّذي يسود في العالم".
وبين السياسة والاقتصاد والقانون والفلسفة والدين، يقدّم الباحثون والمختصون في الأخلاقيات الطبية استشارات لصناع القرار في قضايا مصيرية، تتعلّق مثلاً بحدود الحياة (الإجهاض والقتل الرحيم)، والتبرع بالأعضاء وعدالة توزيع الرعاية الطبية والاختبارات العلمية على الأجنة والتعديلات الجينية والاستنساخ، إلى جانب خطط التلقيح.
وقد شارك أستاذ الأخلاقيات الطبية في جامعة بنسلفانيا، هارالد شميدت، في نقاشات حول خطط توزيع اللقاحات في الولايات المتحدة، ويقول ل"بي بي سي نيوز عربي" إنّ السؤال الأبرز الذي شغل المختصين، خلال تحديد الأولويات، كان: "هل علينا تقليل عدد الوفيات، أم الحد من انتشار الوباء"؟
كانت إجابة "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، وهي وكالة فدرالية أمريكية تشرف على السياسات الحصيّة، إنّ الأولوية ستكون "لتقليل عدد الوفيات، والحدّ من الإصابات الخطيرة، والحفاظ على سير الأعمال في المجتمع، وتخفيف أعباء الوباء عمّن يعانون أساساً بسبب التفاوت".
يلفت شميدت إلى أنّ توصيات الوكالة الطبية تبقى استشارية، وتختلف بين ولاية وأخرى، وحتى داخل الولاية ذاتها.
ويضيف: "في هذه المرحلة، لا يمكن التركيز ببساطة على تطعيم أكبر عدد ممكن من الأشخاص في أسرع وقت ممكن، لكننا بحاجة إلى إيلاء اهتمام وثيق أيضاً لمن ينال التطعيم. ففي الولايات المتحدة تضررت بعض الجماعات الهشة، خصوصاً الأقليات العرقية، بالوباء، بشكل أكبر"، لذلك لا يمكن تفادي التفكير بإنصافها عند توزيع اللقاح.
ويتابع: "من المفهوم أن يكون صبر الناس قد انتهى، ولكن من المهم أن نفهم أنّ ذلك لا يتعلّق بنا كأفراد، بل يرتبط بنا جميعاً كمجتمع. بالنسبة لبعضهم قد يكون اللقاح مفيداً، لكنه بالنسبة لآخرين مسألة حياة أو موت. ليست كل الاحتياجات متساوية، وأولئك الذين يمكنهم الانتظار بأمان لبضعة أشهر يجب ألا يأخذوا اللقاحات التي قد تنقذ حياة غيرهم".
أما الأخصائية في الأخلاقيات الطبية، تاليا عراوي، والتي كان لها دور استشاري في اللجنة الصحية المكلفة بوضع خطط توزيع اللقاحات في لبنان، فتقول إنّ التوزيع العادل والمنصف، "يجب أن يشمل كل من يعيش على الأراضي اللبنانية، من لاجئين وعمال مهاجرين وغيرهم، في إطار مراحل مدروسة جيداً".
وتضيف عراوي أنّ الامتيازات الطبقية أو أي شكل من أشكال التمييز، مرفوضة قطعا من وجهة نظر أخلاقية. تتابع في حديثها ل"بي بي سي": "من وجهة نظري الشخصية، مفهوم الشخصيات المهمّة أو ذات الامتياز بنية اجتماعية فارغة".
وترى عراوي أن تحديد من هو الأكثر عرضة للخطر محل نقاش علمي وأخلاقي، ويعتمد على عدّة نقاط، منها الأخذ بعين الاعتبار الأمراض التي قد تجعل فئة ما أكثر عرضة للإصابة، إلى جانب التفكير بالعمال الأساسيين، أو من يسمون عمال الخطوط الأمامية، الذين لا يملكون رفاهية البقاء في المنزل، ومن يعملون لمساعدة الآخرين، ويشملون طواقم الرعاية الصحية، وعمال النظافة، وعمال التوصيل".
وتضيف تاليا عراوي: "الدول الغنية، كما تسمينها، في حالة ثراء فاحش، على حساب الدول التي استعمرتها. وكما يقول الفيلسوف الأمريكي جون رولز، على الناس أن تتشارك مصيرها، والأغنياء عليهم واجب أخلاقي لتضييق الهوة بينهم وبين الفقراء أو إلغائها. اقترحت في لبنان فرض ضريبة على الأكثر غنى لمساعد الأقل حظاً في نيل رعاية طبية التي يجب ألا تكون ترفاً في كلّ الحالات".
الأسئلة الأخلاقية المرتبطة باللقاحات، ليست جديدة، وعمرها من عمر اختراع اللقاحات الأولى. لكنها تبدو اليوم أكثر إلحاحاً مع حجم الفجوة التي أظهرها كوفيد - 19بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وبين الفئات الاجتماعية الميسورة، وتلك الأكثر هشاشة.
بحسب موقع "تاريخ اللقاحات" الصادر عن "كلية أطباء فيلاديلفيا"، يمكن تلخيص الإشكاليات الأخلاقية المحيطة بالتطعيم، وخطط التمنيع العامة، ضمن أربعة نطاقات:
-إلزامية التطعيم وفرضه في المدارس أو على الأفراد، وذلك يشمل في دول عدّة بروتوكول اللقاحات التي تمنح للأطفال في سن مبكرة، والتي كانت طريقة لمحاصرة أوبئة لم تعد موجودة على مرّ التاريخ. وأحياناً ما تصطدم هذه الإلزامية بقناعات ثقافية أو دينية لدى بعض المجموعات.
-الأبحاث والدراسات الكافية على اللقاحات، وكيفية اختيار الأشخاص المشاركين في التجارب، وإمكانية إصابتهم بالمرض، وكيفية ضمان سلامة اللقاح ونجاعته.
-الموافقة المستنيرة على تناول اللقاح، وتعني إيضاح محتويات الجرعة، آثارها الجانبية، والحصول على موافقة خطية من المتلقين قبل التطعيم.
-سهولة الحصول على اللقاحات وتوزيعها بشكل عادل بين الأفراد، من دون تمييز على أساس الطبقة أو العرق أو التواجد الجغرافي.
قد تكون الإجابات العلميّة أكثر ميلاً إلى الحسم، من الإجابات الأخلاقية أو القيمية. فحتى بوجود إحصاءات ودراسات واضحة، قد تحدّد القيم الثقافية أو الدينية في مجتمع ما، أولويات ومحاذير مختلفة. على سبيل المثال، يعدّ استخدام خلايا الأجنة في بعض اللقاحات مشكلة لأتباع المسيحية والإسلام، فيما وجدت دول إسلامية حلولاً لتفادي استخدام لقاحات تحتوي على دهون الخنزير.
فمن جهة، ومع صعود نظريات المؤامرة والأخبار الكاذبة، بدا كأنّ بعضهم يعيد اختراع العجلة من جديد، كأننا نصنّع لقاحات للمرّة الأولى، وكأنّ التطعيم لم يكن ثورة طبيّة أسهمت في إبادة أوبئة وإنقاذ الملايين.
ومن جهة ثانية، رأى كثر أنّ البيانات والمعلومات الطبيّة المحصورة بيد قلّة، تحت وطأة الطوارئ الصحية، حيّدت الجمهور العريض عن حقه في طرح أسئلة حول التصنيع، وعدالة التوزيع، والموافقة على نيل اللقاح مع فهم آثاره الجانبية.
وأصدرت منظمة الصحّة العالمية في سبتمبر الماضي، ما أسمته "إطار قيم" وضعه فريق الخبراء الاستشاري الاستراتيجي المعني بالتمنيع، ويضمّ أطباء وباحثين من عدّة دول حول العالم، برئاسة الطبيب أليخاندرو كرافيوتو من المكسيك.
وشمل الإطار عدّة مبادئ عامة، تسعى المنظمة لتطبيقها خلال توزيع اللقاح:
-حماية الرفاه البشري ويعني الأمن الصحي والاجتماعي والاقتصادي وحقوق الانسان والحريات المدنية ونماء الأطفال.
-احترام المساواة بين البشر، وتحقيق الانصاف في الاستفادة من اللقاحات على الصعيد العالمي وعلى الصعيد الوطني.
-رد الجميل للأفراد والمجموعات التي أسهمت في مواجهة الوباء، مثل الأطقم الطبية والعمال الأساسيين.
كلّ ذلك سيكون قابلاً لإعادة التقييم والنقد، خصوصاً أنّ وطأة الحالة الطارئة تحول دون تنفيذ الخطط المرجوة على أرض الواقع، خصوصاً في مناطق الحروب والأزمات الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.