عقب عشر سنوات من الانتفاضات العربية، لا يزال هناك استعداد كبير للهجرة في عدة دول في المنطقة. كانت هذه نتيجة استطلاع أجرته مؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية في ست دول عربية، وأطلعت عليه (د.ب.أ) اليوم الثلاثاء. وفي لبنانوتونس على سبيل المثال، قال حوالي ثلث المستطلع آرائهم في البلدين إنهم فكروا في مغادرة بلدهم خلال الاثني عشر شهرا الماضية. وبلغت نسبة من ذكروا ذلك في الأردن 26%، وفي المغرب 19%. وأعطت الغالبية العظمى أسبابا اقتصادية وراء التفكير في الهجرة، وكانت الوجهة الرئيسية المنشودة هي دول الغرب، وخاصة أوروبا. وبحسب الاستطلاع، كانت نسبة الاستعداد للهجرة في الفئة العمرية بين 18 و 29 عاما أعلى مقارنة بالفئة العمرية الأكبر سنا، كما كانت نسبة الاستعداد بين الرجال أكبر من النساء. ومع ذلك، فإن لبنان هو البلد الوحيد الذي زادت فيه الرغبة في الهجرة مقارنة باستطلاع أجري عام 2018 - من 26 إلى 34 في المئة. وبينما لم تتغير النسبة في تونس - وفقا للدراسة (حاليا 31 بالمئة) - فقد انخفضت في المغرب، وكذلك في ليبيا والجزائر إلى 16 بالمئة لكل منهما. ويرجح معدو الدراسة أن السبب في ذلك هو قيود السفر الصارمة أثناء جائحة كورونا. ولا يعد هذا الارتفاع في لبنان مفاجئا، حيث تشهد البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخها. وزاد الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت في أغسطس الماضي وتفشي جائحة كورونا الوضع سوءا. ويعيش أكثر من نصف السكان في فقر. وذكر أقل من واحد في المئة في الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "كونراد أديناور" أن الوضع الاقتصادي جيد في بلدهم. وحتى في تونس، يرى ثلاثة بالمئة فقط من الذين شملهم الاستطلاع أن الوضع الاقتصادي في بلدهم جيد أو جيد جدا. وللمقارنة: في المغرب تبلغ هذه النسبة 39 بالمئة. واستهلت تونس الانتفاضات العربية قبل عشر سنوات، كما أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي انتقلت إلى الديمقراطية. ومع ذلك، كانت هناك عدة مظاهرات ضد الحكومة في الأيام القليلة الماضية. وتعاني البلاد منذ فترة طويلة من أزمة اقتصادية حادة. كما رصد الاستطلاع تراجعا في تأييد الديمقراطية في تونس إلى أدنى مستوى له حتى الآن، حيث أجاب 33% فقط من التونسيين الذين شملهم الاستطلاع ب"نعم" على سؤال حول ما إذا كان ينبغي أن يكون لبلدهم نظام برلماني ذو منافسة حزبية حرة. وفي المقابل، بلغت نسبة التأييد في ليبيا 56%، وفي المغرب ولبنان 51% لكل منهما. وفي تونس، رصد معدو الدراسة إحباطا من النظام السياسي الذي لم يحسن حياة الناس بشكل ملحوظ. ووافق 61٪ من الذين شملهم الاستطلاع هناك على العبارة القائلة بأنه ينبغي إلغاء البرلمان ليحل محله قائد قوي. وقال رئيس البرنامج الإقليمي في المؤسسة للحوار السياسي في جنوب البحر الأبيض المتوسط ، توماس فولك، إن هناك رغم ذلك نقاط مضيئة بجانب الظلام في تونس، موضحا أن المواطنين هناك يقدّرون حرية التجمع والتعبير وحرية الصحافة، مضيفا أن هناك أيضا مستوى عالٍ من التأييد للمجتمع المدني، وقال: "هذا يدل على وجود مجتمع مدني. هذه نتيجة إيجابية". وبوجه عام، يرى عدد قليل نسبيا من الذين شملهم الاستطلاع أن البرلمان النيابي جزء من الحل. وفي المقابل، تركز الأغلبية على ضرورة وجود قائد يتحلى بالقدرة على إجراء الإصلاحات اللازمة. وبحسب معدي الدراسة، فإن مواطني المنطقة يشعرون بالإحباط، لأن الحكومات فشلت في معالجة القضايا الرئيسية التي أدت إلى انتفاضات 2011. ووفقا للاستطلاع، تتمتع ألمانيا بسمعة طيبة في المنطقة. ففي المغرب وتونس والجزائر، تتمتع ألمانيا بسمعة إيجابية لدى أكثر من 70٪ من المستطلع آرائهم هناك، وبلغت نسبتهم في ليبيا ولبنان أكثر من 50٪. وعزا معدو الدراسة ذلك على الأرجح إلى عدم وجود تاريخ استعماري لألمانيا في المنطقة، إلى جانب استقبالها للاجئين. وشملت الدراسة، التي أجريت خلال الفترة من أكتوبر حتى ديسمبر من العام الماضي، نحو 11 ألف شخص في المغرب وتونس والجزائر وليبيا والأردنولبنان عبر الهاتف. ومن المقرر أن تنشر المؤسسة نتائج الدراسة رسميا غدا الأربعاء.