قالت مجلة "إير فورس تايمز"، وهى لسان حال سلاح الجو الأمريكى، إن إرسال الولاياتالمتحدة لقاذفاتها الاستراتيجية الثقيلة من طراز "بى – 52 – اتش" لمنطقة الشرق الأوسط هذا الأسبوع يؤكد التزام واشنطن بحفظ الأمن والاستقرار الإقليمى وانخراطها فى قضاياه، وذلك برغم خفض التواجد العسكرى الأمريكى المباشر فى العراقوأفغانستان والصومال، وهو الخفض الذي ارتأه مراقبون انسحابا أمريكيا من قضايا منطقة الشرق الأوسط. وبحسب المجلة الأمريكية، أراد "البنتاجون" من إرسال قاذفاته الاستراتيجية الثقيلة إلى منطقة الخليج، إسداء النصح إلى قادة طهران بأن عليهم أن يفكروا ألف مرة إذا أرادوا القيام بعمل معاد للولايات المتحدة، معتقدين أن الفترة الانتقالية الرئاسية ما بين إدارتي الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، والرئيس المنتخب جو بايدن، قد تكون "فترة رخوة" ومناسبة لشن عدوان على الولاياتالمتحدة ومصالحها. ويرى المراقبون أنه مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى فى يناير 2021 لمقتل الجنرال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى فى يناير 2020، تتحسب الإدارة الأمريكية لأي عمليات انتقامية قد تقدم عليها إيران ضد أهداف ومصالح أمريكية فى منطقة الخليج والشرق الأوسط. واعتبرت مجلة "إير فورس تايمز" أن قرار واشنطن إرسال قاذفات المهام الثقيلة والصعبة "بى – 52 – اتش" إلى منطقة الشرق الأوسط، الذى تم تنفيذه فجر يوم الجمعة الماضى، يجب أن يفهم فى سياقه كرسالة طمأنة للأصدقاء فى الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، وكرسالة "ردع" للإيرانيين، لا سيما وأن إيفاد تلك القاذفات يعد الإيفاد الثانى الذى ينفذه سلاح الجو الأمريكى خلال أقل من شهر. وأكد الجنرال فرانك ماكينزى قائد القوات الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، فى تصريحات خاصة للمجلة، "أن التفسير الوحيد لأن تقطع قاذفاتنا الثقيلة ذهابا وإيابا مسافة تعادل نصف العالم بلا توقف ولمدة 36 ساعة طيران متصله قاصدة الشرق الأوسط، هو التزام الإدارة الامريكية بحفظ أمن واستقرار هذا الجزء من العالم". واستنادا إلى ذلك، دعت مجلة سلاح الجو الأمريكى "إير فورس تايمز" حلفاء الولاياتالمتحدة وأصدقاءها فى الشرق الأوسط إلى أن يكونوا على يقين من أن واشنطن لن تدر ظهرها لهم مثلما حاول البعض أن يصور، بعد صدور قرار من ترامب بسحب القسم الأعظم من القوات الأمريكية من العراقوأفغانستان والصومال. وبحسب الخبراء العسكريين، تتميز القاذفات العملاقة "بى – 52 – اتش" بقدرتها على حمل مقذوفات نووية وأخرى تقليدية أو حملهما معا، لهذا السبب يرى خصوم الولاياتالمتحدة مثل إيران فى تحريكهما "عملا من أعمال الاستفزاز واستعراض القوة"، حيث لا يتساوى الدفع بهذا الطراز من القاذفات الاستراتيجية الثقيلة إلى مناطق العالم المتوترة مقارنة بدفع واشنطن للمقاتلات الحربية التقليدية ذات القدرات الأقل. وبحسب التقارير الأمريكية، يأتى إرسال الولاياتالمتحدة لهذا النوع من القاذفات الثقيلة ذات الطابع الاستراتيجي إلى منطقة الخليج والشرق الأوسط فى وقت متزامن مع إجراءات سحب القوات الأمريكية من العراقوأفغانستان، حيث كان البنتاجون قد أعلن فى نوفمبر الماضى عن خطة لخفض عدد القوات الأمريكية فى العراقوأفغانستان بحلول منتصف يناير 2021 وهو ما تم البدء فى تنفيذه اعتبارا من مطلع الشهر الجارى. ويرى المراقبون أن هذا الإجراء الأمريكى يمثل وفاء لما تعهد به الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته دونالد ترامب لناخبيه خلال حملته الانتخابية فى العام 2016، بأن يعيد إلى أرض الوطن أفراد الجيش الأمريكى من ساحات الحروب البعيدة التى دفعت بهم إليها الولاياتالمتحدة خلال عقود طويلة من حكم إدارات أمريكية سابقة، وبموجب هذا السيناريو سيتم خفض القوات الأمريكية فى أفغانستان من 4500 فرد إلى 2500 فرد، وخفضها فى العراق من 3000 فرد إلى 2500 فرد بحلول منتصف يناير المقبل.