دخول سوق الكاسيت نفقا مظلما لم يكن الضربة الوحيدة للمنتجين، فسهولة تحميل الأغانى عبر شبكة الإنترنت كانت الضربة القاصمة بالفعل، الأمر الذى دفع المنتجين للبحث عن بديل آخر لوقف نزيف الخسائر المستمر، ومن هنا كان الاهتمام بالحفلات الحية التى باتت تمثل مصدرا مهما للمنتجين لتعويض خسائرهم.. غير أن بعضهم يشكك فى ذلك ويؤكد أن حجم الخسائر ضخم للدرجة التى تجعل من الصعب على أى حفل أن يعوضه. الفنان على الحجار يتبنى الرأى الأخير، ويقول إن الحفلات الحية من الصعب أن تشكل دخلا رئيسيا للمنتج لعدة أسباب أهمها الضرائب المرتفعة التى تفرضها الدولة والأجور الباهظة التى يتقاضاها الفنانون، بالإضافة إلى الروتين الحكومى الذى يعد أهم عقبة لدرجة أن المغنيين يذهبون للغناء فى الدول العربية التى لا يوجد عندها هذا الروتين. ودعا الحجار إلى تخفيف الإجراءات الحكومية للموافقة على إقامة هذه الحفلات وتقليل نسبة الضرائب، وكذلك تخفيض سعر التذكرة، مشيرا إلى أن المطالب السابقة أساسية ليتمكن المنتج من تعويض خسارته. وسرد الحجار واقعة حدثت له فى التسعينيات، وقال إنه كان يرغب فى إنتاج حفلات لزملائه من المطربين بالاشتراك مع مخرج تليفزيونى رفض ذكر اسمه واقترح عليه الأخير الذهاب لأحد المنتجين ومنحه مبلغا قدره 22000 جنيه ليتنازل لهم عن إحدى الحفلات المخصصة له والمعفاة من الضرائب، ولكن الحجار رفض ذلك لأنه اعتبرها رشوة وسرقة للدولة. ودافع الحجار عن متعهدى الحفلات قائلا «إنهم معذورون فى ذلك لأن هناك أماكن لإقامة الحفلات معفاة من الضرائب ولكن الدولة ترفض إقامة حفلات فيها لأسباب تتعلق بالأمن». بدوره قال الفنان إيمان البحر درويش إن الحفلات تشكل دخلا رئيسيا للمنتج إذا كان معروفا ومحبوبا وقادرا على جذب الجماهير، وحفلات اللايف كانت ومازالت تحقق دخلا كبيرا، والمنتج يتقاضى نسبة من إيراد الحفل بالاتفاق مع المطرب. غير أن درويش رفض ما يردده البعض عن انهيار سوق الكاسيت، وقال إن هناك بعض الناس الذين يرددون أن هذا الانهيار سببه القنوات الغنائية وإذاعة الfm رغم أنه لو أن أحدا يحب أغنية معينة سيجتهد لشرائها، وأضاف أنه من المفروض إذا تعرض الكاسيت للانهيار أن نبحث عن بديل آخر. ورفض درويش أيضا أن مقولة «الجمهور عايز كده» هى سبب انهيار سوق الكاسيت، مشيرا إلى أن كل ما يقال فى هذا الصدد نوع من المغالطات، وتساءل عمن له المصلحة فى انهيار ذوق الشباب وثقافته ومشاهدتهم للنماذج التافهة؟!، مضيفا أن الدخل الوحيد للمنتجين حاليا هو «حفلات اللايف» و«الرنات»، هذا البيزنس الذى لو وجد فى أى دولة من العالم المتقدم لكان مصيره الفشل الذريع. وعن البديل المناسب، اقترح إيمان البحر الاستمرار فى تقديم أشكال فنية جديدة ومختلفة إلى أن يعتاد الجمهور على نوع جيد سيتقبلونه بعد فترة بالتأكيد. وفى المقابل، نفى الموسيقار حلمى بكر إمكانية أن تدر حفلات اللايف دخلا رئيسيا للمنتج بسبب الضرائب المرتفعة التى تصل إلى نحو 40% بالإضافة إلى أجور المطرب والفرقة، غير أن الحفلات أصبحت تعتمد حاليا على التحايل من ناحية المنتجين الذين إذا انتهجوا أى نهج قانونى «هيتخرب بيتهم» لأن الحفلات تعد بمثابة الدعاية الأساسية لأى ألبوم غنائى. وحول مسألة التسريب، قال بكر إن التسريب يكون لصالح المنتج لدرجة أن مكسب المنتجين فى البداية بسبب الرنات كان يصل لنحو 150 مليون جنيه، ووصل الأمر لدرجة أنه يوجد حاليا ملحنون لتلحين الرنات والsms، موضحا أن هناك عددا من المغنين حاليا عندما أقدموا على إحياء الحفلات لترويج ألبوماتهم تعرضوا لخسائر فادحة واصفا إقامة الحفلات حاليا ب«الفضيحة». وأشار إلى أن المنتجين الذين يمتلكون قنوات غنائية يستطيعون تعويض الخسارة بل إن هذه القنوات تكسب أفضل من الكاسيت. أما نقيب الموسيقيين منير الوسيمى فيرى أن حفلات اللايف تشكل حاليا الدخل الرئيسى للمنتج الذى يلجأ لمقاسمة المطرب ربحه فى الحفل، وفى المستقبل سيكون النجاح للحفلات التى تستعين بمطربين معروفين، مضيفا أن البديل المناسب لتعويض المنتج لخسارته يتمثل فى تقنين نقل الأغانى من على الإنترنت بل ولابد من تجريم ذلك. تامر عبدالمنعم، أحد منظمى الحفلات فى مصر، اعتبر مسألة أن تشكل حفلات اللايف الدخل الرئيسى للمنتج أمرا صعبا لأن المنتج يتكلف مبالغ باهظة لإقامة هذه الحفلات التى تحتاج لدعاية مكلفة جدا بالإضافة لأجر المطرب خاصة إذا كان من الصف الأول. وحول الحل المناسب لمواجهة جريمة القرصنة، قال عبدالمنعم إنها مشكلة تحتاج لضوابط وإجراءات قانونية لحماية حقوق الملكية الفكرية وحتى لا يستطيع أى شخص الدخول على الإنترنت وتحميل الأغانى دون حساب، فالغرب لا يوجد لديهم مثل هذه المشكلات لالتزامهم بإجراءات وقائية وقانونية صارمة.