عرض فيلم «الكبار» على أحد مواقع الإنترنت بالتزامن مع عرضه فى دور العرض وبموافقة الشركة المنتجة، يعد أول حادثة من نوعها فى تاريخ السينما، وتكرار ذلك مع أغانى الألبومات الجديدة، يفتح الباب أمام استخدام الإنترنت كوسيلة جديدة لتحقيق ربح من العمل الفنى، بعد أن ظل لفترة طويلة مصدر إزعاج للمنتجين بسبب السطو على الأعمال الفنية. والسؤال: هل سيؤثر ذلك على عملية توزيع الفيلم فى باقى الدول، وهل ستكون للرقابة سلطة على هذه الأعمال؟ أوضح جمال العدل منتج فيلم «الكبار» أن الهدف من عرض الفيلم على الإنترنت هو توفير دخل موازٍ للفيلم، خاصة أن هذا الدخل مهما كانت قيمته أفضل من عدمه حيث إن معظم مواقع الإنترنت تعرض معظم الأفلام الجديدة أثناء عرضها فى دور العرض من خلال القراصنة مما يؤثر على الدخل العام، وقال جمال: العرض على الإنترنت كان يبدأ بعد رفع الفيلم من دور العرض، لكننى قبلت عرضه فى نفس توقيت عرضه فى دور العرض لتوفير دخل أفضل، وفى الوقت نفسه إتاحة نسخة جيدة منه لجمهور الإنترنت لأنى لا أجد أزمة كبيرة إذا تم عرض الفيلم على مواقع الإنترنت أثناء عرضه فى دور العرض، فجمهور السينما يختلف عن جمهور التليفزيون، ويختلف أيضا عن جمهور الإنترنت، كما أن المنتج من الممكن أن يحصل على مبلغ يتراوح بين 50 و100 ألف دولار نظير عرضه لمدة شهر على أحد المواقع، خاصة التى تنجح فى جذب رعاة. ويرى جمال أنه حان الوقت لاستخدام الإنترنت كمصدر دخل للفيلم، خاصة أن هذا النظام معمول به فى كل دول العالم، ولابد من خوض التجربة الآن بدلا من أن تفرض علينا خلال السنوات المقبلة، والمشكلة الوحيدة هى أن مواقع الإنترنت لا تملك آليات للحفاظ على الفيلم أو تقنين عملية المشاهدة، فالمنتج سيتعرض لخسائر كبيرة إذا أتاحت للجمهور تنزيل الفيلم، وقال: تسويق الأفلام على مواقع الإنترنت يتم من خلال الموزع وليس بشكل منفرد، حتى يتم الحفاظ على باقى وسائل دخل الفيلم، لذلك عندما قررت عرض الفيلم على الإنترنت بالتزامن مع عرضه فى دور العرض، وقعت عقدا مع الموقع ووضعت شرطا جزائيا يضمن عدم تسريبه إلى مواقع أخرى، وحتى الآن لا توجد لائحة محددة لأسعار البيع على مواقع الإنترنت لأنها وسيلة مستحدثة مازلنا نتحسس تفاصيلها، كما أنه من الصعب وجود موزع خاص للإنترنت. محسن جابر، رئيس اتحاد منتجى الصوتيات، يرى أن الإنترنت لم يمثل أى دخل لشركات الأغانى حتى الآن، وقال: هناك مواقع تتيح للمستخدمين تنزيل الأغانى دون مقابل، وهذا اضطرنى إلى إتاحة تحميل الأغنيات الخاصة بشركتى مجانا على موقع الشركة لجذب عدد كبير من المستخدمين، الأمر الذى يترتب عليه جذب بعض الرعاة للموقع ويوفر دخلاً موازياً للألبوم، خاصة أن صناعة الصوتيات تتعرض لأزمة كبيرة وخسائر فادحة بسبب «الإنترنت» التى كان من الممكن أن تمثل إضافة كبيرة. وأكد جابر أن هناك وسائل أخرى لتوفير دخل للألبومات، منها مشروع «صندوق الأغانى» الذى يسمح لأصحاب التليفونات المحمولة بالحصول على أغانى الألبومات الجديدة على تليفوناتهم، لكنه لا يمثل دخلا كبيرا لعدم إقبال كل أصحاب التليفونات عليه. اعتبر المنتج محمد العدل أن التعامل مع مواقع الإنترنت دون ضمانات سيؤثر بشكل كبير على الصناعة وخاصة التوزيع الخارجى للفيلم فى معظم الدول العربية، لأن الموزع لن يجد فيه فرصة جيدة بعد أن تم انتشاره وبنسخة جيدة على معظم مواقع الإنترنت، وقال: لابد من وجود تقارب فى وجهات النظر بين المنتجين وأصحاب المواقع حتى نستطيع أن نستفيد بالإنترنت كمصدر دخل إضافى، وليس لدىّ مانع بأن يتم عرض الفيلم على المواقع بالتزامن مع عرضه فى دور العرض لأنى مقتنع بأن كل جمهور يلجأ إلى الوسيلة التى يفضلها، لكن لابد أن نعترف بأن «الإنترنت» ستكون الحل البديل خلال الفترة القادمة، خاصة بعد أن تراجع بيع الأسطوانات المدمجة للأفلام، وأعتقد أن هذه الأسطوانات ستتلاشى فى وقت ما، مثلما حدث مع شرائط الفيديو، لذلك على المنتج أن يستحدث وسائل دخل إضافية حتى لا يتعرض لخسائر كبيرة، خاصة إذا كانت هذه المواقع قادرة على تحقيق دخل جيد. وأكد العدل أن معظم مواقع الأفلام الموجودة فى مصر الآن لا تستطيع أن تحمى الأفلام، وهذا يمثل خطورة كبيرة على الأفلام التى يتم عرضها بالتزامن مع دور العرض، وقال: هذا ما جعلنى أرفض أكثر من عرض لتسويق أفلامى على الإنترنت، لكننى أدرس مع بعض المنتجين آلية عمل السوق الأمريكية لنتعرف على كيفية تعاملها مع مواقع الإنترنت حتى نستطيع أن نستوعب هذه الآلية ونقنن خطورتها، كما نحدد موعد تسويق الفيلم على الإنترنت حتى لا يتم الإضرار بالوسائل الأخرى. أما بخصوص دور الرقابة ومدى تدخلها فى الأفلام التى تعرض على مواقع الإنترنت، أكد سيد خطاب، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، أن الرقابة لا تملك قانوناً واضحاً يسمح لها بالتدخل رقابيا فى كل ما يعرض على المواقع، وقال: نحن نعمل حتى الآن بالقانون الصادر عام 1955، لذلك لا يُسمح للرقابة بمراقبة الأعمال على أى مستحدثات تكنولوجية، و«الإنترنت» تعتبر الآن وسيلة جماهيرية لأن رسائلها تعرض على عدد كبير من المستخدمين وهذا يمثل خطورة، وقد قمت بالفعل بإعداد مذكرة إلى المجلس الأعلى للثقافة الذى يتبع له جهاز الرقابة تضم تصوراً جديداً لتحديث الجهاز الرقابى حتى يتواكب مع التطورات التكنولوجية، وبصراحة: الجهاز تعامل مع منتجى الأعمال الفنية الموجودة على الإنترنت بشكل ودى ودون إلزام، نظرا لوجود علاقة عمل مستمرة بين المنتجين والجهاز، لذلك من الصعب أن يعرضوا مشاهد اعترضت عليها الرقابة فى العمل الفنى الأصلى حتى لا يفسد ذلك علاقة العمل والمصداقية بيننا. وأكد خطاب أن قانون الرقابة الحالى لا يسمح أيضا برقابة أعمال القنوات الفضائية خاصة التى تبث من خارج مصر أو حتى الموجودة فى منطقة النايل سات، لأنها تخضع لقواعد المنطقة الحرة، كما يسمح بالرقابة على الأعمال التى تصور داخل مدينة الإنتاج الإعلامى، وهذه الأعمال تلجأ إلى الرقابة فى حالة رغبة أصحابها الحصول على تصاريح للتصوير الخارجى سواء داخل او خارج مصر، وقال: نحن على أعتاب مرحلة بث مختلفة خلال السنوات القادمة لأن عملية البث التقليدية ستختفى تماما، وقد تبث معظم الأعمال من خلال القمر الصناعى مباشرة، لذلك لابد أن تكون هناك آليات جديدة ووسائل مختلفة لاستمرار عمل الرقابة.