هذه المرة لم تكن إنفلونزا الخنازير شريكا فى ابتعاد المواطنين عن التجمعات أثناء صلاة عيد الأضحى المبارك. وشهدت شوارع العاصمة صباح أمس إقبالا متوسطا من المصلين على المساجد الكبرى بالقاهرة، والتى طالما عمرت السنوات الماضية بالمصلين، وإذا كانت السيول أزعجت الحجاج فى السعودية فقد أصابت الأمطار شوارع القاهرة وبعض المحافظات فجر أمس بشلل مؤقت، وعاد الكثير من المصلين إلى بيوتهم قبل بدء الصلاة، بينما فضل البعض الآخر عدم النزول، وخوض الشوارع وسط الأمطار الغزيرة التى هطلت فجرا، فيما تبقت أعداد أخرى من الأسر والشباب وكبار السن تزرع الشوارع بحثا عن المساجد الكبرى للتكبير والتهليل والصلاة فيها، وحضور خطبة العيد. وتوافد على مسجد «محمود»، بشارع جامعة الدول العربية، جماعات من النسوة والرجال والأسر لحضور الصلاة، من أنحاء قريبة من المنطقة منها أحياء بولاق الدكرور وإمبابة وأرض اللواء وميت عقبة، فضلا عن أبناء المنطقة الساكنين بحى المهندسين، ولكن «الفراشة» التى أقامتها محافظة الجيزة لتستوعب عشرات الآلاف من المصلين، وعلق فوقها محافظ الجيزة وقيادات حى الدقى وأعضاء مجلسى الشعب والشورى وقيادات الحزب الوطنى دعايات تهنئ سكان الجيزة بحلول العيد، استوعبت أعدادا أقل من المتوقع بنسبة كبيرة، وهو ما أدى لعودة سيارات دورية الشرطة التابعة لمديرية أمن الجيزة إلى المديرية قبل انتهاء التكبير والصلاة، فيما تبقت سياراتان للحماية المدنية، وانسحبت سيارات الأمن المركزى فور انتهاء الصلاة وخطبة العيد، التى ألقاها الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، أكد فيها أن مفهوم التضحية لا يقتصر على ذبح الأضحية وتوزيعها على الأقارب والفقراء فقط، ولكن يمتد للتضحية فى سبيل الوطن، لافتا إلى أن كلمة الوطن كانت وستظل مفتاحا لفهم الدين والتعامل معه باعتبارها دينا إنسانيا يحض على الوحدة، وساق أحاديث نبوية فى هذا الصدد. وبينما لم يدع الدكتور عبدالجليل، بخلاف كل عام، للمجاهدين فى فلسطين، وجه خطابا للفلسطينيين، بناء على طلب من قناة «القدس»الفلسطينية، يدعوهم فيه للثبات على المبدأ، وأن يتوحدوا صفوفا، لأن الفرقة ضعف ومذلة. وقال أيضا: لا يمنع حزننا على ما يحدث فى الأراضى المقدسة من أن نفرح ونبتهل إلى الله بتحرير الأقصى. وبعد الصلاة، وزع عدد من الشباب أوراق الدعايات الانتخابية لمرشحين جدد لانتخابات مجلس الشعب، ووزع الحزب الوطنى ورقة لأمين المحافظة الدكتور مكرم جمعة هلال، دعا فيها للمصريين ومصر «وابنها البار حسنى مبارك» كتبت بخط كبير ولأسرته أن يديم الله عليهم الصحة والعافية، ويتحقق على يديه كل ما تصبو إليه مصر من رفعة شأن. ووزعت وزارة الأوقاف تهنئة على المصلين دعت فيها للم الشمل وحفظ مصر ووحدتها وأمنها واستقرارها، وأن يمنح الله الأمة العربية نعمة لم الشمل واجتماع الكلمة. وفى مسجد «الاستقامة» بميدان الجيزة، خطب الدكتور عبد الله محمد سعيد، خطيب وإمام المسجد، قائلا: من المفترض أن الأمطار فرقت جموع المواطنين، بينما كان الأدعى أن يتجمع الناس حول المساجد، فيوم الحشر أشد وأصعب على المسلمين كافة. وحض على التصالح بين الناس وإصلاح ذات البين، ونهى عن زيارة القبور فى العيد باعتباره عيد سرور وليس فرصة للحزن. وامتلأت شوارع الهرم كسائر شوارع العاصمة بالمياه الزلقة، والتى حالت دون وصول جموع المصلين إلى المساجد، وعزوف الكثير منهم عن الخروج، كما انتظر المصلون فى ميدان الجيزة انتهاء الصلاة وقوفا، لتعذر الجلوس وافتراش الأرض بسبب المياه، ولم يكن التواجد الأمنى بمنطقة الجيزة مكثفا. أما فى رمسيس فكادت الشوارع تخلو من المشاة وسيارات الأجرة باستثناء عدد قليل جدا، وخلا مسجد «الفتح» من التواجد الأمنى. ولم تكن إنفلونزا الخنازير بأى حال حاضرة وسط هذا المشهد، ولوحظ عدم ارتداء المواطنين الكمامات الواقية، التى نصحت بها أجهزة الإعلام ووزارة الصحة، وساد الأجواء هدوء ممزوج بالفرحة، دون أدنى ذكر لتخوفاتهم من إنفلونزا الخنازير أو المشاحنات والأحداث العشوائية التى صاحبت مباراة مصر والجزائر للتأهل لكأس العالم، بل كانت «القفشات» والنكات والكلمات كلها تدور حول الأراضى الزلقة و«هدوم» العيد التى اتسخت بفعل الأمطار. وفى مصر القديمة، انتشرت لافتات نواب مجلس الشعب الحاليين والمرشحين فى الدورة المقبلة، فى كل مكان بساحة مسجد عمرو بن العاص، التى امتدت لأكثر من 500 متر قبل وبعد الجامع، وازدحمت بعشرات الآلاف من المواطنين لتأدية صلاة العيد، ثم خرج الكثير من المصلين بعد أداء الصلاة يشترون الألعاب لأطفالهم و«البطاطا» من العربات السارحة، وانصرف معظمهم عن الخطبة التى تمحورت حول ابتلاءات الله، مستشهدا بقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام. وكان لافتا وجود أماكن مخصصة بجوانب ساحة الصلاة لأشخاص ينوون الترشح لمجلس الشعب، يوزعون فيها البالونات والألعاب على المواطنين الذين التفوا بدورهم على السيارات نصف النقل، وسط تواجد مكثف للأمن المركزى وسيارات المطافى والإسعاف، فيما غابت الكمامات أو أى مظهر من المظاهر الوقائية لتجنب فيروس إنفلونزا الخنازير.