رحل عن عالمنا، اليوم، رئيس وزراء البحرين، الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، عن عمر يناهز 84 عاما، بعد نصف قرن قضاها في منصبه، وهي الولاية الأطول لرئيس حكومة على مستوى العالم وأحد أبرز السياسيين البحرينيين. ووفقا لوكالة الأنباء البحرينية الرسمية، توفي رئيس الوزراء، الذي يعد أحد أقوى رجال المملكة الخليجية الصغيرة منذ استقلالها، في مستشفى بالولايات المتحدةالأمريكية، خلال تلقيه العلاج جراء مشاكل صحية، على أن تجري مراسم الدفن بعد وصول جثمانه إلى البحرين، لتقتصر على عدد محدد من الأقارب، في ظل الإجراءات الوقاية والاحترازية التي تتبعها الدولة في مكافحة فيروس كورونا. وخلال فترة ولايته التي امتدت لنحو خمسة عقود، كان رئيس الوزراء البحريني الراحل شخصية رئيسية في المملكة البحرينية، فهو أبرز السياسيين البحرينيين، الذي شغل منصب رئيس وزراء البحرين مُنذ عام 1970، وتحديدا قبل عام على استقلال البحرين، في 15 أغسطس 1971. وقبل رحيله، كان الأمير خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، المولود في عام 1935، يحمل رقم أطول فترة لرئيس وزراء حالي في العالم، بالرغم من فقدانه بعض سلطاته بموجب دستور 2002، حيثُ أصبح للملك سلطة تعيين الوزراء وإقالتهم إلى جانب مجلس النواب البحريني. -من هو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة؟ نشأ خليفة بن سلمان آل خليفة، في رعاية والده سلمان بن حمد آل خليفة، حاكم البحرين السابق، الذي حرص على تربيته وأخيه الأكبر، عيسى بن سلمان آل خليفة، منذ نعومة أظفارهم على تحمل المسؤولية، فلم يكد الأمير خليفة يبلغ السابعة من عمره، حتى أصدر والده أمرا بحضور مجلسه، وهناك بدأ الإطلاع على مشاكل المواطنين وما يشغل اهتمامهم وعلى السياسة الحكيمة التي ينتهجها والده في إدارة شؤون الحكم. لم تمضِ سوى فترة قصيرة، حتى التحق الأمير خليفة بالتعليم النظامي، على يد مجموعة من أكفأ المعلمين، قبل التحاقه بإحدى المدارس التابعة للحكومة، وبمجرد إنتهاءه سافر الأمير الشاب للدراسة في بريطانيا، في عام 1957. بعد إنهاء دراسته في الخارج، عاد الأمير خليفة ليبدأ في مهام عمله، ويلتحق بالحياة السياسية في البحرين، فبدأ بالعمل في ديوان والده الحاكم، فكان مُساعدًا في الديوان يعهد إليه العديد من المهمات من قبل الحاكم مباشرة، وكان معظمها يتركز في أمور المواطنين وخاصة الجوانب الاجتماعية. بدأ الأمير خليفة يتدرج في المناصب السياسية، حتى وصل إلى منصب رئيس الوزراء بمملكة البحرين، في عهد أخيه الأكبر الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، في 19 يناير 1970، وهو المنصب الذي ظل يحتفظ به في عهد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة وحتى وفاته، ليتم سبعين عاما في خدمة مملكته. وقرابة سبعة عقود، قضاها الأمير البحريني في خدمة وطنه، استطاع أن ينجح خلالها في وضع منهج متوازن للتنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البحرين، لتصبح مركزا اقتصاديا وصناعيا وعاصمة مالية تجذب الكثير من المؤسسات العالمية والعديد من البنوك الدولية، فشهدت البحرين خلال فترة توليه مجلس الوزراء نهضة تنموية وتحديثا وتطورا متواصلا، وفقا لما ذكرته بوابة "العين الاخبارية" البحرينية. نال الأمير البحريني، ورئيس مجلس الوزراء الأطول في تاريخ العالم، العديد من الأوسمة والجوائز لمساهماته في النهوض بدولة وإرساء الأمن والسلام، حتى منحه عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في عام 2009، لقب "صاحب السمو الملكي الأمير"، تقديرا لجهوده في إدارة سدة الاقتصاد والتنمية الشاملة وإرساء قواعد التنمية البشرية والحضرية تحقيقا لصالح الوطن والمواطنين والارتقاء بجوانب الحياة في مملكة البحرين. ولكن، في نهايات عهده شهدت المملكة الخليجية اضطرابات متقطعة، منذ العام 2011، عندما نفّذت الأجهزة الأمنية حملة ضد المشاركين في تظاهرات ضخمة قادها المواطنون الشيعة المطالبون بملكية دستورية، لتضطر السلطات لإيقاف مئات الناشطين والسياسيين المعارضين لمحاكمتهم، وفقا لما ذكرته وكالة "فرانس 24" الفرنسية.