لا يعرف الكثيرون أن مصر فازت بكأس العالم، ليس فى كرة القدم ولكن فى مشروعات يستفيد منها المجتمع، هذه الحقيقة سجلتها تصفيات كأس العالم لعام 2009 فى مشروعات ريادة الأعمال والتى نظمتها منظمة «سيف» الدولية هذا العام فى ألمانيا. تعانى جزيرة وراق العرب من غياب الصرف الصحى، وتتفاقم المشكلة فى ظل اعتماد الجزيرة على النشاط الزراعى الأمر الذى يتسبب فى نشر المخلفات الحيوانية. كما تعانى الجزيرة من عدم توافر الخبز بسبب اعتمادها على «فرن» وحيد عليه الكثير من المخالفات الأمر الذى يعوق تقديم خدماته لأهل الجزيرة مما يضطرهم للعبور بمعدية للوصول إلى أقرب فرن والحصول على «رغيف». حل مشكلات هذه المنطقة كان الهدف الذى حرك مجموعة من الشباب بالجامعة الفرنسية بالقاهرة للتفكير فى حل بسيط يتلخص فى استخدام المخلفات الآدمية والحيوانية فى إنتاج الوقود الحيوى والاستفادة بهذه الطاقة فى تشغيل «فرن العيش» بالجزيرة. كان ذلك واحدا من ست مشاريع تقدم بها 71 طالبا مصريا بالجامعة الفرنسية إلى مسابقة كأس العالم لعام 2009 لمنظمة «سيف»، منظمة دولية لتنمية فكر ريادة الأعمال بين الطلبة، والتى انعقدت فى ألمانيا هذا العام. ويتنافس فى هذه المسابقة الشباب من مختلف العالم على عرض مشروعات تجمع بين فكر ريادة الأعمال تحقق فائدة للمجتمع. الصعود لنهائيات كأس منظمة سيف يشبه إلى حد كبير طريقة الصعود إلى نهائيات كأس العام فى كرة القدم، حيث تنافس فريق الجامعة الفرنسية مع مجموعة من الفرق الممثلة لجامعات فى مصر على أكثر المشروعات نجاحا من الناحية الاقتصادية وإفادة للمجتمع، وبعد الفوز تأهل الفريق للمسابقة النهائية المقامة فى برلين، حيث قاموا بعرض 6 مشروعات من 13 مشروعا نفذها الفريق فى مصر. وفاز الفريق المصرى بمشروعاته الست بالجائزة الأولى فى برلين بعد منافسة محتدمة مع فرق ممثلة لأربعين دولة، ولكنهم لم ينجحوا فى إتمام مشروع فرن العيش فى وراق العرب على أرض الواقع فى مصر «ينقصنا بعض التراخيص كترخيص الحصول على حصة من الدقيق المدعوم» كما قالت عايدة سامور مدير المشروع بفريق العمل الطلابى مشيرة الى أن البيروقراطية لم تكن وحدها هى العقبة أمام تنفيذ مشروعاتهم، ولكن ثقة المستهدفين من مشروعاتهم الاجتماعية أيضا وتجاوبهم مع مبادراتهم التنموية كانت مشكلة حقيقية. ولم تقتصر أفكار الطلبة الحائزين على المركز الأول فى المسابقة عند هذا الحد، فقد امتد خيالهم إلى استغلال واحدة من أهم المراكز الثقافية فى مصر ألا وهو سوق «سور الأزبكية» والذى تتجمع فيه مكتبات بيع الكتب المستعملة ويتم من خلاله تداول كم كبير من الكتب المنشورة على مر العقود الماضية. لاحظت مجموعة الجامعة الفرنسية أن مكتبات هذه السوق العتيقة تعانى ضعف مبيعاتها، لذا أعد الطلبة خطة تسويقية لمكتبات سور الأزبكية ساهمت فى رفع مبيعاتهم، واعتمدت الخطة على مختلف أساليب الترويج التى تنفذها الشركات الكبرى، بدءا من تصميم شعار أنيق وجذاب للسوق وتصميم 100 ألف حقيبة خاصة بمبيعات السوق تحمل الشعار و2500 بطاقة تحمل نفس الشعار، وكذلك إنشاء موقع إلكترونى للسوق على الإنترنت يضم قاعدة بيانات مفصلة عن الكتب المعروضة فى 50 مكتبة. كما قام الطلبة بتنظيم 4 معارض خارجية لمكتبات السور ثلاثة منهم فى الجامعات والرابع فى الكوربة بمصر الجديدة الأمر الذى ساهم فى رفع مبيعاتهم بنسبة 100%، كذلك قام الطلبة بالترويج لمنتجات «سور الأزبكية» فى «الكافيهات» من خلال وضع 3 حاملات كتب ساهمت فى رفع المبيعات بنسبة 21%. عندما تطالع الورقة المقدمة من طلبة الجامعة الفرنسية لمسابقة «سيف» الدولية تلاحظ إشارة واضحة على الغلاف بأن الأوراق مصنعة من مخلفات قش الأرز بنسبة 100%، ولا يقتصر اهتمام فريق الطلبة المصرى بقضية قش الأرز على ذلك فقط، ولكنهم صمموا مشروعا لمكافحة التلوث الناتج عن حرق قش الأرز كان واحدا من أبرز المشروعات التى حازوا بسببها على «كأس العالم» فى مشروعات ريادة الأعمال. بحسب تقديرات ورقة عمل طلبة الجامعة الفرنسية فإن حرق قش الأرز يتسبب فى 42% من التلوث فى القاهرة، وبينما 20% من قش الأرز يتم جمعه وضغطه فإن 80% منه يتم حرقه، ومن أجل الحد من هذه الظاهرة اتجه فريق الطلبة إلى تحفيز نشاط إعادة تدوير قش الأرز من خلال الربط بين أكبر المنظمات العاملة فى مجال إعادة تدوير قش الأرز مع شركتين تعملان فى زراعة فطر عش الغراب، حيث يستخدم قش الأرز فى العملية الزراعية لهذا الفطر. هذا إلى جانب دعم مؤسسة لتسويق المنتجات المصنعة يدويا من مخلفات قش الأرز تعمل تحت اسم «نافذة»، بطرق عدة كتصميم موقع على الإنترنت للمؤسسة وكذلك تصميم 5 معارض لتسويق منتجات الشركة ساهمت فى زيادة مبيعاتهم بنسبة 35% فضلا عن المساعدة فى زراعة فطر عش الغراب. ومن سور الأزبكية إلى الواحات البحرية التى يراها طلبة الجامعة الفرنسية «منطقة منسية فى الصحراء المصرية»، على حد وصف ورقة الطلبة الفائزين بالكأس، وبقدر ما تتمتع الواحات البحرية بالتمور والصناعات اليدوية المتميزة إلا أن أهل الواحة يواجهون مشكلة عدم وجود الأسواق أمام منتجاتهم بالشكل الملائم وقلة مهاراتهم فى إدارة مشروعاتهم الخاصة، لذا قام فريق الطلبة بتقديم جلسات تدريبية لأهل الواحة لتنمية مهاراتهم فى المحاسبة ومراقبة الجودة ودراسات السوق وتنشيط تسويق منتجات الصناعات اليدوية من خلال إقامة المعارض المختلفة، كذلك فتح قنوات جديدة لتوزيع منتجات الواحة من التمور، كالتسويق فى 4 هايبر ماركت، وعمل عقد مع شركة لصناعة مستحضرات التجميل لاستخدام نوى البلح فى عمليتها التصنيعية وهى الإجراءات التى ساهمت فى زيادة مبيعات الواحة من منتجات التمور 60%.