لليوم الثاني.. السفارات المصرية في 18 دولة تواصل استقبال الناخبين بانتخابات المرحلة الثانية لمجلس النواب    بالفيديو.. تفاصيل بروتوكول التعاون بين "الإفتاء" و"القومي للطفولة" لبناء الوعي المجتمعي    القابضة للصناعات الغذائية: تطبيق أحدث نظم التسوق الحديثة داخل فروع "كاري أون" بالشراكة مع القطاع الخاص    الدفاع المدني: انهيار منزل مأهول بالسكان في شارع الشفاء غربي مدينة غزة    الفراعنة يستعدون للمواجهة الودية.. مصر تواجه نيجيريا في بروفة قوية قبل كأس الأمم الأفريقية 2025    عاجل- الأرصاد تحذر من أمطار متفرقة وطقس بارد اليوم.. خرائط الأمطار الكاملة    رئيس هيئة الاستثمار: نعمل على تقديم حوافز لشركات تكنولوجيا العقارات العالمية    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم الثلاثاء    مجسمات ضوئية واحتفالات متنوعة.. ارتفاع نسب الإشغال الفندقي بمنتجعات جنوب سيناء مع اقتراب الكريسماس    المجلس الأعلى يقر الشروط الجديدة لإنشاء معاهد عالية خاصة    الخارجية القطرية: ندين تصديق حكومة الاحتلال على إقامة 19 مستوطنة بالضفة الغربية    فريق الذكاء الاصطناعي بجامعة عين شمس يحصد جائزة أفضل مشروع    أمين عمر وأبو الرجال ضمن طاقم حكام نهائي إنتركونتننتال 2025    «لديه بعض المشاكل».. دغموم يكشف سبب عدم انتقاله للزمالك    برلماني يطالب بتعميم مبادرة حياة كريمة بجميع القرى على مستوى الجمهورية    ضبط 3 سيدات وشخصين بتهمة ممارسة أعمال منافية للآداب بالإسكندرية    عاجل- وزيرة التضامن تعلن ضوابط وشروط اختيار مشرفي بعثة حج الجمعيات الأهلية 1447ه    مصرع طالب جامعي على يد اخر فى مشاجرة بالمنوفية    الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025–2026.. امتحانات نصف العام وإجازة الطلاب    الشاعر جمال بخيت يرد على اتهام أم كلثوم بالبخل في فيلم الست    متحدث الأوقاف يكشف أهمية افتتاح متحف قراء القرآن الكريم في توثيق التلاوة المصرية    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    الاتحاد الأوروبي ولبنان يطالبان إسرائيل بالانسحاب واحترام وقف إطلاق النار    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    وزير التربية والتعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير العملية التعليمية بمدرسة الشهيد عمرو فريد المتميزة للغات    ضبط جزار ذبح ماشية نافقة خارج المجزر بالمنوفية    وزير الخارجية يبحث تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة بين مصر والمجر    الأهلي يوافق على عرض إشتوريل برايا لضم محمد هيثم    رمضان السيد: كأس العرب أقوى من أمم إفريقيا.. ومتفائل بمشوار الفراعنة مع حسام حسن    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر والقنوات الناقلة    التنازل عن أراضٍ لموسكو.. ما سبب المعركة الكلامية ل"زيلينسكي" مع واشنطن؟    خروقات متواصلة.. الاحتلال يرتكب 5 انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار في لبنان    الذهب يرتفع وسط توقعات بخفض جديد للفائدة في يناير    وزارة الصحة توجه رسالة مهمة للحماية من مضاعفات الإنفلونزا.. اعرفها    تعيين وتجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العينى    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    محافظ أسوان: صرف العلاج لأصحاب الأمراض المزمنة كل شهرين    نقيب المهن الموسيقية: فصل عاطف إمام جاء بعد تحقيق رسمي    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من فقرة الذكريات
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 10 - 2020

صادفت هذا الأسبوع الذكرى المئوية لميلاد الموسيقى العملاق فريد الأطرش، واحتفلت به أداة البحث جوجل فوضعت صورته ونبذة عنه على صفحة البحث، حكيت لأطفالى عن فريد الأطرش من ضمن محاولة مستمرة منى بالإبقاء على مرجعيات ثقافية أريدهم أن يعرفوها ويفهموا مصدرها، كأن أصر مثلا على أن يأخذوا دروسا فى رقصة الدبكة التى تنتشر فى بلاد الشام، لا يفهم أطفالى إصرارى على أن يتعلموا أشياء لا يروها فى محيطهم المباشر ولا تعد مرجعا فى حياتهم، ها أنا إذا أحكى لهم عن فريد الأطرش وانتقاله إلى مصر حيث استطاع أن يحقق مسيرة فنية ونجاحا جماهيريا بفضل موهبته فى المقام الأول إنما أيضا بفضل المساحة التى أتاحتها مصر فى ذلك الوقت للفنانين لكى يكتشفوا المسرح والشاشة.
***
يسألنى الأولاد بدهشة عن فرق بلد عن آخر من حيث توفير أجواء تساعد الفنانين على الانطلاق فأشرح بحذر وجود أولا إمكانيات مثل استوديوهات للتصوير ومدارس للموسيقى والمسرح والأهم من ذلك وجود هامش من الحرية يتحرك فى داخله الفنان ليعبر عن نفسه، أخيرا أحاول أن أشرح فكرة وجود جو عام يشجع على التعبير والإبداع والمنافسة فى الإنتاج، فأقول إن كثيرا من الكتاب اتخذوا من لبنان مكانا ينتجون منه أدبا وفكرا وكثيرا من الموسيقيين والممثلين سكنوا القاهرة فى أيامها الذهبية بحثا عن فرص للنجومية.
***
أدندن أغنية عبدالحليم حافظ «أسمر يا اسمرانى» فتلمع عينا ابنى الأكبر ويقول إننى كنت أغنيها له فى سنواته الأولى حين أكدت له أن عينيه أجمل عينين، أفرح جدا أنه تذكر الأغنية وأنها ارتبطت فى عقله بنوع من التعبير عن حبى له، كنت أغنيها له حين كنا نعيش بعيدا جدا وفى بلد لا ينطق بالعربية.
***
أفخر من قدرة أولادى الثلاثة بأن ينتقلوا دون جهد من اللهجة السورية التى يستخدمونها معى إلى التحدث باللهجة المصرية مع زوجى المصرى، أعى أن اللغة التى يستخدمونها تكاد أن تخلو من مراجع ثقافية ومجتمعية كانت بالنسبة لى ثابتة، عبدالحليم حافظ وليلى مراد والسينما المصرية وفيروز ومن بعدها أم كلثوم؛ حيث استسغتها على كبر وليس فى الصبا، أو رقصة الدبكة والإشارة إلى مناطق كالجبل فى لبنان، أى جبل، أو الحارة فى دمشق أو الإسكندرية، كلها أمور كنت أظنها ثابتة أشير إليها فى أحاديث مع أطفالى لأتفاجأ بعيون متسائلة تنظر إلى.
***
موضوع تغيير المرجعيات المجتمعية والثقافية خصوصا فى الطبقات الوسطى فى المنطقة يشغلنى كثيرا وأجد نفسى أحاول طوال الوقت أن أُدخل فى حياة عائلتى اليومية قصصا وأسماء ربما لم تعد تعنى شيئا بالنسبة لجيل اليوم، لا أعرف كيف تَشَرَب جيلى وبشكل أظن أنه كان طبيعيا أسماء نجوم السينما والأغانى القديمة وألعاب شعبية رغم أنها من جيل سبقنا، وها أنا أجد نفسى أبذل جهدا خاصا حتى يكتسب أولادى ثقافة فنية ومجتمعية لم تعد جزءا من ثقافة جيلهم.
***
أقول لابنى إن فريد الأطرش من جبل الدروز فى سوريا فيسألنى عن معنى كلمة «دروز»، أشرح له كما أستطيع عن سحر طائفة معروفة بعمق أسرارها وجمال أرواح ناسها، أصف له بيوتا كريمة مفتوحة للضيف وشيخا يلبس الشروال التقليدى فى عينيه الخضراوتين عمق يسحبنى إلى دواخل نفسه دون أن ينطق بكلمة، أحكى لابنى عن قرى تربتها خصبة وجبالها لونها أخضر فيستمع إلى دون أن تكون عنده أى ذاكرة بصرية أو حسية كتلك التى اكتسبتها أنا من خلال زيارة أصدقاء فى منطقة السويداء فى سوريا أو الشوف فى لبنان.
***
أظن أننى أقسو قليلا على عائلتى فى محاولاتى الدائمة أن أجعلهم يحبون ما أحب أو بعضه. أظن أننى أريدهم أن يفهموا مكانة عبدالوهاب وأسمهان فى الوعى الجماعى لجيلى إنما أكثر للجيل الذى سبقنى. أريدهم أن يعرفوا أن بلادهم ليست ما يروه اليوم من تفتت وموسيقى جلها ردىء وكلمات بذيئة أصبحت دارجة. أقول لهم هذا وأنا أعى تماما أننى انتقلت إلى خانة القديم وأن كثيرا مما أوصى به قد يرونه على أنه مضى، أظن أن فى محاولتى أن أحافظ على كلمات وأغانٍ وعلاقة خاصة بزمن مضى فأنا أحاول أن أبقيها جميعها حية من خلال الممارسة. أريد أن أسمع بعض الكلمات وأن يدندن أولادى أغانى لم تعد تظهر سوى على فقرة الذكريات فى راديو الذكريات.
***
أشعر أننى بدأت أصلا بالانتقال إلى فقرة الذكريات. أنا همزة وصل بين جيلين. ما زلت أمسك بيد أبى وهو يدخل إلى محل لبيع تسجيلات الموسيقى فيخرج منه وهو يكاد أن يطير بدل أن يمشى على الرصيف لأنه حصل أخيرا على تسجيل نادر لحفلة من حفلات صباح فخرى عملاق الموشحات الحلبية. وأمسك باليد الثانية بثلاثة أولاد أريدهم أن يحفظوا أغنية فوق النخل حتى لو تعرفوا عليها بنغماتها الحديثة التى تبناها فنان عصرى. المهم أن يفهموا أن فى العراق بساتين من النخيل لا تنتهى وخيرات وأنهار وكلمة «تتدللى» حتى لو لم يلتقوا بأصدقاء عراقيين.
***
أنا همزة وصل أتعب أحيانا من التمسك بالماضى إلى أن تلمع عينا ابنى السوداتين ويتذكر أغنية «أسمر يا اسمرانى» من طفولته فيذوب قلبى وأواصل مهمتى كفقرة الذكريات فى حياة أولادى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.