طغت على السطح فى الآونة الأخيرة قضية فى المحاكم البريطانية حول طالب يهودى يبلغ من العمر 12 عاما لم تقبله أحد المدارس الدينية اليهودية فى العاصمة البريطانية لندن وهى «المدرسة اليهودية الحرة» بسبب عدم تحديد هويته الدينية هل هو يهودى أم لا؟ بالرغم من أن والده يهودى متعصب. وقد أثير سؤال فى قاعة المحكمة العليا البريطانية عن طريق أحد القضاة حول من هو اليهودى؟ ومن الذى يحدد؟ وهو تساؤل يضرب فى صلب الهوية اليهودية، ويؤدى إلى انقسامات مريرة فى المجتمع اليهودى فى بريطانيا الذى يتكون من 300 ألف يهودى. وقد تأسست «مدرسة اليهود الحرة» عام 1732، وهى من المدارس المهمة لدى مجتمع اليهود فى شمال لندن، ويدرس بها نحو 1900 طالب، ويتقدم اليها سنويا أضعاف هذا العدد. ويوجد فى بريطانيا نحو 7000 مدرسة دينية تمثل ديانات كثيرة منها اليهودية والإنجليكانية (الكنيسة البريطانية)، والكاثوليكية، والاسلام. وتدار هذه المدارس وفقا لقانون صدر فى العام 2006 وهو الذى ينظم عمل المدارس الدينية، وحيث تعطى الأولوية اللتحاق بها للمنتمين للديانة التى تتبع لها المدرسة. ولكن فى «مدرسة اليهود الحرة» تحدد أحيانا أولوية المتقدمين أحيانا المحاكم وليس إدارة المدرسة، حيث تحدد المحكمة هوية المتقدم هل هو يهودى أم لا. فالمدرسة تعرف اليهودى وفقا للتعريف الأرثوذكسى (الأصولى) الذى وضعه جوناثان ساكس كبير حاخامات اتحاد المعابد العبرية فى الكومنولث، والذى يعتبر اليهودى هو من تكون والدته يهودية. ولأن والدة الطالب الذى رفع قضية قبوله فى «مدرسة اليهود الحرة» كانت مسيحية أرثوذكسية وتحولت إلى اليهودية لاحقا، تقول إدارة المدرسة انها ليست يهودية وبالتالى ابنها أيضا الذى رفضت طلب التحاقه. واعتبرت عائلة التلميذ أن ما تقوم به المدرسة عملا عنصريا وتقدموا بعريضة للمحكمة وخسروا القضية ثم عادوا واستأنفوا القضية هذا الصيف. وفى قرار جرىء للمحكمة قررت ألا يكون القبول فى المدرسة معتمدا على المبدأ الكلاسيكى لتحديد هوية اليهودى، وهى أن يكون اليهودى هو من تكون والدته يهودية وهو تعريف ينضوى على عنصرية. واستندت المحكمة إلى عدم قانونية القبول فى المدرسة اليهودية على أساس ديانة الأم وأن يكون على اساس اعتناق الطفل الديانة اليهودية. وقالت المحكمة: «ليس من الشرط أن يكون المتقدم إلى الدراسة والدته يهودية، سواء يهودية الأصل أو محولة إلى الديانة اليهودية، فهذا معيار عرقى يخالف ميثاق العلاقات العرقية» وأضافت المحكمة أن من العدل أن تعطى لأطفال اليهود الأولوية، حيث يجب ألا تعتمد معايير القبول على الروابط العائلية ولكن على «الايمان كيفما يعرف». وقالت المحكمة: «إن القبول فى المدارس المسيحية يكون على أساس اعتناق الديانة المسيحية، حيث ترفض المدارس المسيحية قبول أطفال لا يعتنقون المسيحية». واكتسبت القضية أهميتها من العدد الكبير من المحامين الذين كانوا فى قاعة المحكمة الأسبوع الماضى، ليس فقط ممثلين عن أسرة الطفل والمدرسة، ولكن أيضا عن الحكومة البريطانية، ومنظمات حقوق الانسان، والاتحاد المعابد اليهودية، والمنظمات اليهودية البريطانية. وفى الوقت نفسه، أدى حكم قاضى محكمة الاستئناف إلى ذعر المدرسة عندما وضع قواعد قبول جديدة. ومن ضمن هذه القواعد «اختبارات الممارسة الدينية» حيث يجب على الطلاب الذين يريدون الالتحاق فى المدرسة جمع نقاط حول بعض الممارسات الدينية مثل الذهاب إلى الكنيس اليهودى (المعبد اليهودى) والقيام بأعمال خيرية يوم السبت. ويقول جون بنيامين الرئيس التنفيذى لمجلس النواب اليهود فى بريطانيا، إن حكم المحكمة سيكون فى الواقع العملى أمرا صعبا. ومن غير الواضح مدى تأثير حكم المحكمة على بقية المدارس الدينية، وهل سيطبق على المدارس الدينية الآخرى. فبعض المدارس الكاثوليكية اعتادت على أن يكون الطالب معمدا حتى يقبل فى الدراسة، وهم فى حالة قلق أن تطبق عليهم نفس معايير القبول والقيام ب«اختبارات الممارسة الدينية». ويقول جون بنيامين: «انت لا تستطيع أن تقول للناس كيف يغيرون حياتهم إلى الايمان، وجوهر حياتهم وديانتهم خاطئة بالكامل». ويقول ديفيد ليتمان (أحد أولياء الأمور): «كيف يجرؤ أحد عن سؤال الآخرين عن ممارسة يهوديته» ويعانى ديفيد من نفس المشكلة مع ابنته التى رفضتها المدرسة اليهودية الحرة بسبب أن والدتها تحولت إلى الديانة اليهودية». ويذكر الحاخام دانى ريش (المدير التنفيذى لمؤسسة اليهودية الليبرالية) فى لندن أن قرار المحكمة اذا تم تأييده سيجعل الهوية اليهودية أكثر شمولا. وأضاف: «مدرسة اليهودية الحرة هى مدرسة حكومية درس فيها جدى وتقوم باختيار الطلبة على أساس السياسة الدينية فالتعريف الارثوذكسى لليهود يستثنى 40% من المجتمع اليهودى فى لندن». خدمة نيويورك تايمز الإخبارية