ربما لم يحظ حفل غنائى فى مصر بكل هذا القدر من الاهتمام كما هو الحال مع حفل المطربة الأمريكية بيونسيه، الذى أقيم فى «بورت غالب» بمرسى علم مساء الجمعة الماضية.. فبمجرد الإعلان عن الحفل أخذت حملات الرفض فى الازدياد خصوصا أن المطربة المقبلة اشتهرت بالعرى وتقديم الرقصات ذات الإيحاءات الجنسية.. بدأت الجملة يتقديم طلب إحاطة فى البرلمان من قبل نواب الإخوان المسلمين، وامتدت لتشكيل «مجموعات» على موقع التعارف الشهير «فيس بوك» تدعو لإلغاء الحفل رافعة شعار «مصر مش كده».. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد حيث وصلت الحملة ذروتها بدعوة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى إلى إصدار فتوى تحرم إقامة حفل بيونسيه. وأخيرا أقيم الحفل وسط كل هذا الجدل وكل تلك الانتقادات. «الشروق» رصدت تفاصيل الحفل لحظة بلحظة فى السطور التالية. منذ الوصول إلى «مرسى علم» بدا كل شىء فى المنتجع السياحى مختلفا، حالة من الزحام الشديد فى المطار والطرق المؤدية إلى قلب المنتجع، فالمكان المطل على شاطئ البحر الأحمر والشهير بهدوئه تحول فجأة إلى بؤرة اهتمام الجميع وقبلة العديد من أفراد الطبقة المخملية التى قصدته لحضور الحفل المرتقب، ولم يقتصر الحضور على المصريين بالطبع حيث حضر خصيصا كثير من شباب الدول العربية المجاورة الذين اعتبروا وجود بيونسيه فى مصر فرصة لا تعوض. شهد الحفل إجراءات أمنية صارمة بتفتيش كل المدعوين بلا استثناء كما تم وضع بوابات معدنية للكشف عن المعادن وتوزيع 5 بوابات الدخول وفقا لنوع التذكرة لمنع التكدس. ترواحت أعداد الحضور ما بين 4 آلاف و5 آلاف شخص كانت أعمارهم بين 16 و25 سنة.. وفى الساعه السادسة ونصف مساء الجمعة فتحت أبواب المكان المخصص للحفل حيث توافد حشد غفير من الجمهور ولم يتوقف الزحف إلا بعد إعلان اللجنة المنظمة عن إغلاق الباب قرابة الحادية عشرة مساء وتدافع كثير من المعجبين حول منافذ بيع تذاكر الحفل.. ولم يمنعهم أن التذاكر قيمة ال250 جنيها قد نفدت فأقبلوا على شراء تذاكر قيمة الألف والألفى جنيه.. وقيل إن بعض الأجانب الذين توافدوا لتشجع بيونسيه اشتروا التذكرة بألف دولار. ومع دقات الحادية عشرة تقريبا فوجئ الحضور بإضاءة كثيفة على خشبة المسرح ليفاجأوا بالمطربة الأمريكية تقف على خشبة المسرح بعد أن ترددت أقاويل أنها ستهبط ب «باراشوت» على خشبة المسرح أو تظهر على متن «لانش» كبير ويسبقها موكب هائل. وظهرت بيونسيه فى الأغنية الأولى بفستان ذهبى اللون قصير جدا، وساخن جدا، وبدأت تغنى وسط صراخ وتصفيق حاد من قبل الجمهور الذين اندمجوا على الفور وبدأ الجميع يتراقص على أنغام المطربة، فى الأغنية الثانية أقامت بيونسيه مسابقة بين الجمهور بعد أن قامت بتقسيمهم إلى ثلاث مجموعات فى اليمين والوسط والشمال وبدأت تحفز كل مجموعة على إظهار حماسها للغناء والرقص وتعالت الصرخات والصفير وأشعلت بيونسيه الحفل. وبعدها ساد الظلام على المسرح لتظهر بيونسيه مرتدية فستانا أبيض اللون أشبه ب«المايوه» وفوقه عباءة بيضاء مفتوحة وهى تقف على منصة فوق المسرح وخلفها شاشة كبيرة «ليدى سكرين».. تنقل مشهدا رائعا من البحر فى منظر هو الأول من نوعه فى الحفلات التى أقيمت فى مصر. وأبدع المخرج الأمريكى هيرالد جوزنز فى توظيف الإضاءة بهذه الشاشة التى أحضرها خصيصا من الولاياتالمتحدة، ومعها شاشتان أصغر فى الحجم إحداهما على اليمين والأخرى على اليسار لإضفاء جو مبهر على الحفل. كما استخدم المخرج الأمريكى 5 كاميرات لتصوير الحفل بعد أن استجاب لمفاوضات منظمى الحفل بتخفيض عدد الكاميرات من 12 إلى 5 فقط، إلى جانب الديكور الرائع الذى جاء أيضا من أمريكا خاصة أن بيونسيه حرصت على الاستعانة بفريق عملها كاملا من مهندسى ديكور وإضاءة وتصوير بخلاف العازفين والكورال والمعاونين لها وبلغ عددهم 25 فردا. الحفل الذى استمر نحو 75 دقيقة تميز ب«الإبهار» إلى جانب الاستعراضات العديدة التى قدمتها بيونسيه وفساتينها المثيرة التى ارتدتها طوال الحفل خاصة أنها كانت تقوم بتغيير فستانها مع كل أغنية فارتدت الذهبى والأبيض الذى استخدمته بأكثر من طريقة والفضى وكذلك الأسود التى أنهت به الحفل الغنائى. وحرصت المطرب الأمريكية على توجيه كلمة شكر للحضور، وقال إنها أحيت حفلات عديدة وفى أماكن مختلفة لكن هذه هى المرة الأولى التى تشعر فيها بهذا الحب والحفاوة الكبيرة فى هذا المكان الرائع، على حد قولها. الطريف أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما وزوجته ميشيل كانا حاضرين فى الحفل حيث حرصت بيونسيه على تقديم الأغنية التى أهدتها لأوباما وزوجته بعد نجاحه فى الانتخابات مباشرة ونقلت الشاشة التى تسكن فى خلفية المسرح رقص أوباما وزوجته بعد نجاحه فى الانتخابات على أغنية بيونسيه. وسبق هذا المشهد كليب يستعرض معاناة السود فى أمريكا، ثم ظهر أوباما وزوجته مرة أخرى فى كليب مختلف يبدى إعجابه برقصة بيونسيه الشهيره التى ابتكرتها على أغنية «I am a single woman» أو «أنا امرأة وحيدة» ضمن كليب طويل يرصد اعجاب الجمهور بهذه الرقصة من خلال تقرير لشبكةCNN الإخبارية لتوضيح محاولات الأمريكيين تقليد هذه الرقصة. قدمت بيونسيه أغنية خاصة لملك البوب الراحل مايكل جاكسون الذى احتلت صورته خلفية المسرح، وقالت كلماتها إن جائزة الميوزيك آوورد هى لك للأبد، فيما اعتبره كثيرون مفاجأة جميلة لعشاق النجم الراحل. وفى نهاية الحفل قالت بيونسيه إنها اعتادت أن تختتم حفلاتها بتقديم أغنية happy birthday لأنها تتفاءل بأعياد الميلاد.. وسألت من الذى يتوافق عيد ميلاده مع هذا اليوم وأهدته الأغنية ثم شكرت الجمهور لتضع كلمة النهاية لهذا الحفل. وبمجرد انتهاء الحفل بدأت سلسلة من الأسئلة حول تكاليف الحفل والعائد المادى الذى تحقق، ورغم صعوبة الحصول على معلومات من اللجنة المنظمة والتى فرضت حالة من السرية حول الأمر إلا أن مصادر داخل الشركة المنظمة ذكرت أن بيونسيه تقاضت نحو مليون ونصف المليون دولار لإحياء الحفل بخلاف الإقامة والانتقالات لها ولأعضاء فريقها والأجهزة التى اصطحبوها مع فرض شروط عديدة. وقال المصدر، الذى رفض الكشف عن هويته، إن عدد أوراق العقد الموقع بين الجهة المنظمة وبيونسيه بلغ 15 ورقة تتضمن شروطا عديدة منها رفضها إجراء أى لقاءات صحفية أو عقد أى مؤتمرات أو التقاط صور خاصة، حيث إن هذا من شأنه زيادة الأجر المتفق عليه بنحو 75 الف دولار، كما رفضت بيونسيه أن تمنح الجهة المنظمة فرصة تصوير الحفل والاحتفاظ بالشريط وتسويقه حتى لا ترفع الأجر إلى 3 ملايين دولار.. ولكنها اتفقت على منحها 10 دقائق فقط من الحفل بواسطة مخرجه، أما فيما يتعلق بالصور فتتولى الوكالة الإعلامية الخاصة بها الأمر. ولذلك فقد تم منع كل المصورين المصريين من الاقتراب من خشبة المسرح وتم تسكينهم فى أعلى نقطة بمكان الحفل لتصعب معه مهمة عملهم نظرا لاندماج الجمهور مع بيونسيه التى كانت تطالبهم باستمرار برفع أيديهم عاليا وكأنها تضع حاجزا بينها وبين المصورين!. وحول العائد الذى تحقق من الحفل، قال مصدر بالشركة المنظمة، فضل عدم ذكر اسمه، إن العائد المادى غير مطروح ولو تحدثنا بهذه الطريقة فسنكون قد تعرضنا للخسارة.. فهذا الحفل يأتى فى إطار حملة الترويج والدعاية لهذا المكان حديث العهد ولفت الأنظار إليه ليزداد إقبال الزوار عليه خاصة انه أنشئ من العدم وتكلف مبالغ رهيبة، مشيرا إلى أنه سبق أن استضاف حفلات عديدة لأشهر المطربين المصريين والعرب منهم محمد منير ومحمد عبده ونانسى عجرم وهيفاء وهبى وميريام فارس وغيرهم.