تحت شعار «قاطع لمدة شهر أو حتى تتغير الأسعار»، انطلقت دعوة لمقاطعة اللحوم الحمراء من قرية «تله» بالمنيا، بعد ارتفاع أسعار اللحوم البلدى بمتوسط أربعة جنيهات على مستوى المحافظة، استخدم فيها شباب الحملة كل الأسلحة: من التوعية الجماهيرية إلى خطب الجمعة ومواعظ الأحد. «دا كتير على الناس، مش لازم لحمة خالص» كما تقول أم كلثوم احدى أهالى القرية، التى لاحظت ارتفاع الأسعار بالقرية حتى 42 جنيها للكيلو خلال الشهر الأخير. الوضع المادى لعائلة أم كلثوم يسمح بسهولة الشراء، ولكن العائلة قررت المقاطعة، «ولما ترخص مصلحة لينا»، أما البدائل اللحم فتتنوع بين السمك أو الفراخ، الذى انتهز تجاره الفرصة لزيادة الرواج فلم يزيدوا الأسعار، ولكن اللحم المستورد بديل غير مطروح نهائيا»، عندنا فى البلد عيبة إننا نأكل لحم مثلج، يمكن فى المدن ماشى». يلاحظ سيد حسنين، تاجر وسيط بين الجزار والمربى، أن أسعار اللحوم البلدى زادت على مستوى المحافظة رغم انخفاض أسعار الأعلاف، والسبب هو الإقبال الشديد على تجار من الوجهة البحرى لشراء أى عدد من المواشى وبأى ثمن، «التاجر بيعرض ثمن أغلى ألف جنيه، ومش هايخسر لأن كيلو اللحمة خارج الصعيد يتباع أغلى بكتير، والمربى عاوز يكسب وخلاص». هذا الإقبال المتزايد من تجار الوجه البحرى أدى إلى ارتفاع سعر رأس الماشية بما لا يقل عن 700 جنيه بمتوسط زيادة جنية ونصف للكيلو. ويعتبر سيد أن أى محاولة للضغط على المربيين غير ممكنه، «لو قلت أنا لأ، فيه اللى عشرة يشتروا من بحرى»، ولهذا يطالب سيد بقرار من المحافظة يمنع تجارة المواشى بين المحافظات وأن يكون هناك اكتفاء ذاتى لإنتاج كل محافظة، «لو ده حصل كيلو اللحمة عندنا يوصل 35 ويبقى فيه مكسب». من واقع احتكاكه فى السوق، يقول سيد إن حركة البيع والشراء تراجعت بعد رمضان، ليصل الركود إلى 60% خلال الأسابيع الأخيرة، «الجزار اللى كان بيشترى 500 كيلو، دلوقتى بيشترى 200 كيلو»، مشيرا لنتائج حملة المقاطعة فى قرية تله إحدى مراكز التوزيع الخاصة به. حملة المقاطعة أطلقها عشرة من شباب قرية تله من ثلاث أسابيع، والقرية هى الأكبر على مستوى المحافظة، ويبلغ عدد سكانها 70 ألف نسمة، وتواصل الدعوة انتشارها فى باقى قرى المحافظة «أول جمعة وأول أحد من ثلاثة أسابيع فاتوا، كانت الخطبة فى المسجد والكنيسة مخصصة لمقاطعة اللحوم» يقول محمد خلف أحد الشباب المنظم لحملة المقاطعة. فدور العبادة المختلفة هى مركز الإشعاع، والوسيلة هى الخطب بالإضافة للأوراق التى تدعو للمقاطعة، أما الحافز فهو تجربة مماثلة سابقة فى محافظة أسيوط من ست سنوات أدت إلى انخفاض ثمن اللحوم، وحتى الآن لا تزيد على 37 جنيها. وأوضح محمد محاولتهم لعقد مؤتمر جماهيرى فى القرية، «المجلس المحلى فى القرية قالنا انتوا مالكوش صفة علشان تتكلموا مع الناس، وده ها يعرضكم للمساءلة»، ولكنه يوضح أن هناك مشاركة من المسئولين بصفتهم غير الرسمية، «ده طلب وعرض، ما فيش حاجة ممكن نعملها» كان رد المسئولين الذى يسانده حقيقة عدم تسعيرة محددة للحوم من الدولة. «بدأنا بأول حلقة من سلسلة الضغط هو الجزار» يقول محمد موضحا خطة الحملة التى تتعمد على مقاطعة الجزارين حتى يضغطوا بدورهم على أصحاب المزارع. ولأن الفقراء من السهل أن يستجيبوا سريعا، فمحمد يرى أن استجابة الأغنياء التى تجاوزت 40% من القرية هى مقياس النجاح الأساسى، والذى أدى إلى انخفاض الأسعار جنيهين فى الفترة الأخيرة، ورغم ذلك فهو يعتبر الحملة فى بدايتها «شبة مقاطعة، بس هانكافح علشان نعيش».