الجامعة العربية تلقت مئات الشكاوى من العراقيين الموجودين فى مصر يطالبون فيها الجامعة بمساعدتهم فى توفير لقمة العيش ومصاريف أولادهم فى التعليم ولفت إلى أن عدد سكان العراق نحو 31 مليون نسمة فى حين أن موارد العراق تكفى لتوفير الحياة الكريمة لأكثر من 100 مليون نسمة إذا ما عاد السلام والاستقرار إليه، هكذا يقول السفير على الجاروش مدير الإدارة العربية بالجامعة العربية. جاروش أضاف إن اللاجئين العراقيين فى مصر يعانون صعوبات عديدة أدت إلى حرمان أولادهم من التعليم الأولى والخدمات الأساسية لقلة مواردهم المالية. وأشار الجاروش إلى أنه بناء على قرار من وزراء الخارجية العرب أنشأت الجامعة العربية صندوقا لتلقى التبرعات من الدول العربية والمؤسسات العربية والأفراد لدعم آلاف العراقيين فى الخارج حتى يتجاوز العراق محنته، «لكن المبلغ الذى تم إيداعه لا يلبى حاجة العراقيين النازحين والمهجرين فى مصر وسورية والأردن ولبنان واليمن». وأرجع مسئول الجامعة العربية ما وصفه ب«إهمال الحكومة العراقية لمواطنيها فى الدول التى نزحوا إليها» إلى ما يقدره من اعتبار الحكومة لهؤلاء العراقيين على أنهم «فئة هاربة من العراق». ويشير جاروش فى هذا الصدد إلى أنه لا يوجد قرار عراقى حاسم بمساعدة هؤلاء اللاجئين رغم أن عددهم يتجاوز المليونى عراقى فى مختلف البلدان العربية. من جانب آخر أكد مصدر فى مكتب مفوضية الأممالمتحدة للاجئين بالقاهرة أن عدد العراقيين المسجلين لدى المفوضية فى مصر وصل نحو عشرة آلاف عراقى بين مقيدين لدى المفوضية وطالبى التجديد ويتقاضون مائة وخمسين جنيها مصريا شهريا. وحسب مصادر عربية بما فى ذلك مصرية وعراقية ودولية متطابقة فإن انعدام الدخل هى المشكلة الرئيسية التى تواجه اللاجئين العراقيين ويليها التعليم». فالعراقيون يعتمدون على الحوالات المالية والمدخرات التى تتضاءل باستمرار. وأرجعت مصادر مصرية رسمية فى حديثها ل«الشروق» انخفاض أعداد العراقيين المسجلين لدى المفوضية إلى «امتناع السلطات المصرية» عن إصدار تأشيرات الدخول للعراقيين فى الخارج إلا فى ظروف استثنائية ورحيل أعداد كبيرة بعد إغلاق سبل العيش أمامهم والبعض الآخر انتهت مدة إقامته ولم تجدد. وحسب المصادر نفسها فإن أول دراسة علمية أجريت لتحديد شبه دقيق لعدد اللاجئين العراقيين فى مصر تم إجراؤها أواخر العام الماضى، وقدرت هذه الدراسة عدد اللاجئين العراقيين فى مصر بنحو 20 ألف لاجئ. وتظلل الشكوك حول عدد اللاجئين العراقيين الذى توصلت إليه الدراسة إذ لا توجد طريقة مؤكدة لإحصائهم بسبب تغييرهم المستمر لأماكن سكنهم. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد قدرت عدد العراقيين فى مصر عام 2007 بنحو 150 ألف لاجئ. وقد بدأ العراقيون فى اللجوء إلى مصر فى أواخر عام 2006 مع تدهور الأوضاع الأمنية فى البلاد، وتشير تقديرات مصرية وعراقية متطابقة إلى أنه بحلول عام 2007 أصبح العراقيون يمثلون أكبر مجموعة لاجئين فى البلاد بما أكثر من السودانيين. وتتفق هذه التقديرات مع تقديرات مفوضية شئون اللاجئين. وتقول المصادر الرسمية المصرية إنه مع عام 2008 وما شهده العراق من استقرار نسبى للأوضاع فى ذلك الحين بدأت مجموعات من اللاجئين العراقيين فى العودة إلى ديارهم فى بلاد الرافدين، ليصبحوا بذلك حسب تقديرات نفس المصادر وكذلك تقديرات مفوضية شئون اللاجئين، ثانى مجموعة لاجئة بعد السودانيين. ويرى العديد من المسئولين العرب، بل ومن الحقوقيين الدوليين، إنه لا يمكن بحال الحديث عن مأساة اللاجئين العراقيين فى مصر وغيرها دون توجيه أصابع الإدانة إلى الولاياتالمتحدة وغزوها للعراق فى مارس 2003. فالغزو الأمريكى الدامى للعراق والاحتلال «الفاشل» له، حسب هؤلاء، أدخل العراق فى دوامة من العنف غير المسبوق أودت بمئات الآلاف وشردت الملايين الذين تحولوا إلى مأساة إنسانية صناعة أمريكية. ويقول لاجئون عراقيون موجودن الآن فى القاهرة خاصة فى مدينة 6 أكتوبر التى مازلت تركز نقطة التمركز الرئيسية للاجئين العراقيين إنهم يشعرون بالأسى لانعدام فرص العمل فى مصر إذ يتوفر القليل منها فقط وهى قليلة الأجر، كما من الصعب جدا العثور على وظيفة تناسب المؤهلات العلمية. بالإضافة إلى ذلك يعرب هؤلاء اللاجئون عن الشكوى من ارتفاع الإيجارات بشكل سريع ومواجهة صعوبات عديدة تتعلق بإصدار وتجديد تصريح العمل بما فى ذلك التصريحات الخاصة بتشغيل وإدارة محال تجارية ومطاعم صغيرة انتشرت فى أماكن تمركز اللاجئين العراقين حيث توفر لأبناء الرافدين سلعا وخدمات. ويقول المسئولون المصريون إن مصر التى وقعت على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، مع بعض التحفظات، ليست ملزمة قانونا بمنح للاجئين تصريحات عمل كما أنها ليست مطالبة بالتغاضى عن قيامهم بأشغال بدون تصريح، وعمليا، يعتبر العمل بالنسبة للاجئين فى مصر مستحيلا إلا إذا اختاروا العمل بصورة غير رسمية، مما يجعل من حياتهم فى مصر مكبلة بالمصاعب الاقتصادية خاصة مع تضاءل المدخرات المالية التى كانت بحوزتهم لدى الوصول من العراق. ويقول دبلوماسيون مصريون إن القاهرة طلبت من بغداد مكررا النظر فى أمر التعجيل بإعادة اللاجئين العراقيين إلى بلادهم وهو الأمر الذى أبدت الحكومة العراقية تجاوبا إزاءه. ويقول دبلوماسى رفض ذكر اسمه «إننا نتفهم أن الأمر سيستغرق بعض الوقت وسنتابع هذا الأمر مع المسئولين العراقيين». فى الوقت نفسه قال دبلوماسى عراقى فى القاهرة تحدث ل«الشروق» مشترطا عدم ذكر اسمه إن محاولات العراق تشجيع المواطنين العراقيين إلى البلاد حققت بعض النجاحات وإن كان هذا النجاح لايزال منقوصا بالنظر إلى عدم استقرار الوضع الأمنى بالعراق بعد. وحسب مصادر مصرية دبلوماسية فإن مسألة عودة اللاجئين العراقيين «الآمنة» إلى بلاد الرافدين ستكون أحد القضايا التى سيتولى السفير المصرى الذى سيصل بغداد خلال أيام قليلة التنسيق بشأنها مع الحكومة العراقية. وحسب المصادر نفسها فإن هذا الأمر كان محل نقاش على هامش اجتماعات اللجنة المصرية العراقية التى اجتمعت فى القاهرة مطلع الأسبوع.