في فصل الصيف، أنت على موعد مع الحرائق الموسمية، والمأساة المتكررة التي تتعرض لها الأسواق والمنشآت والمناطق السكنية، وتنتهي بخسائر في الأرواح والأموال، لأسباب متكررة لا تخرج عن ضيق الطرق المؤدية للأسواق، وتوصيلات الكهرباء غير الصالحة، والإهمال الجسيم في تخزين البضائع، كذلك مخالفة القائمين على هذه المنشآت، لقواعد الأمن الصناعي، الذي يمثل الضمانة الأساسية في مواجهة أخطار الحرائق المدمرة، والتي بلغ عددها في آخر تقرير للجهاز التعبئة والإحصاء، نحو 52 ألف حادثة. وبقراءة سريعة في دفاتر أحوال أقسام الشرطة، تكشف عن الأسباب وراء حرائق كل صيف، ففي الإسكندرية، شهد مكتب الشهر العقاري، بمنطقة المنشية، حريقًا ضخمًا، على إثره انتقلت قوات الحماية المدنية، إلى موقع الحريق، وتم إخلاء المبنى من الموظفين. وفي حدائق الأهرامات، تمت السيطرة على حريق هائل بشركة مطهرات ومنظفات، اتخذت شقتين "دوبلكس" مقرًا لإنتاج المنظفات، وتبين من الفحص المبدئي، أن الحريق بدأ في غرفة بداخلها كمية من الجراكن المعبأة بالمطهرات والمنظفات، وأجولة تحوي مستلزمات إنتاج. فيما اشتعلت النيران في 7 سيارات، وأصيب شخصين، بحروق نتيجة اصطدام أعلى الدائري اتجاه المعادي، وسيطر رجال الحماية المدنية على الحريق، حيث تبين من فحص البلاغ أن سيارة تحمل مواد بترولية تابعة لإحدى الشركات الخاصة، اصطدمت بسيارة أخرى، ما أسفر عن نشوب الحريق وامتدت إلى باقي السيارات، وتم إخماد الحريق الذي لم يسفر عن أي خسائر في الأرواح. وفي سياق آخر، قال مصدر أمني بوزارة الداخلية، إن الحرائق تتزايد مع درجة الحرارة العالية، وسوء تخزين المواد، التي تساعد على اشتعال الحريق دون توقف، مثل (البويات، والنترات، والبلاستيك)، موضحًا أن أخطر الأسباب وأهمها، من خلال التجارب العملية لإطفاء حرائق الأسواق الشعبية، هي التوصيلات الكهربائية العشوائية، واستخدام سخانات وغلايات الشاي للعاملين. وطالب المصدر بضرورة اتباع قواعد التخزين السليمة، وتدريب العمال على كيفية مواجهة الحرائق، وصيانة دورية لأجهزة الإطفاء، وسلامة التوصيلات الكهربائية ومطابقتها للمواصفات الفنية، وسلامة أجهزة إنذار الحرائق، والتخلص من المخلفات أولًا بأول في مكان مخصص لها. بدوره، قال ممدوح عبد القادر، مساعد وزير الداخلية ومدير الإدارة العامة للحماية المدنية الأسبق، إن كثرة الحرائق في بداية الصيف، ترجع إلى عدة أسباب، منها أجهزة التكييف التي يتعود المواطنين على استخدامها على مدار الساعة بلا توقف، دون عمل أي صيانة لها مما يؤدي إلى حدوث ماس كهربائي يدمر كل شيء. وأردف عبد القادر أن الكارثة الكبرى، تكمن في التخزين الخاطئ للمواد القابلة للاشتعال أو المساعدة على الاشتعال، حيث العديد من أصحاب المحلات لا يهتمون بأصول الأمن الصناعي، في تخزين البضائع، وفقًا لاشتراطات الحماية المدنية وليس هذا فحسب، بل أنهم يستخدمون توصيلات كهربائية غير مطابقة للمواصفات، تؤدي في الغالب إلى إحداث ماس كهربائى خلال عمليات التشغيل المستمرة. وأضاف أنه لوقاية المنازل من الحرائق، خلال فصل الصيف، يجب عدم استخدام أجهزة كهربائية كثيرة الأحمال على مشترك مثل المروحة والغسالة والثلاجة، حيث إن هذه الأحمال الزائدة على المشترك الكهربائي، تسبب الحرائق عندما تزيد الأحمال، وضرورة فصل المروحة خلال ترك الغرفة، وعدم تشغيلها على مدار ال24 ساعة، كما يفعل البعض، فهذا خطر داهم على الأسرة، ولا بد أيضا من التأكد من تهوية المكان بصفة مستمرة، وإبعاد الثلاجة عن الحائط بمسافة تزيد عن 20 سم على الأقل لضمان تهوية الموتور الذي يتعرض للحرق في بعض الأحيان. فيما يرى اللواء ياسر أبو المجد خبير الحماية المدنية، أن تهوية المكان كالمصنع أو المخزن أو المحل التجاري أو المنزل، أحد أساسيات الحماية المدنية، وألا تقل التهوية عن سدس المكان، لإمكانية تدارك الأمر في مواجهة أي حريق لا قدر الله، كما يجب أن يتم تخزين البضاعة وفقًا لنظام الحماية المدنية التي تقدمها الإدارة العامة للحماية المدنية، إلى صاحب المخزن أو المصنع، وهي ألا تقل المسافة بين البضاعة وبعضها نصف متر على الأقل، لإمكانية فصل البضاعة وإبعادها عن الحريق، ولا بد من توفير شوارع غير مكتظة بالسيارات التي تعرقل حركة المرور وسيارات المطافئ، وتعطل الوصول إلى الحريق في بدايته قبل امتداده إلى بعض المحلات المجاورة، كما حدث من قبل فى حرائق الموسكي والعتبة. وناشد أبو المجد تعاون المواطنين مع إدارة التفتيش بالحماية المدنية، والإبلاغ عن أي مخالفات حول الأسواق والمحلات التجارية، وضرورة متابعة الأسواق العشوائية خلال حملات يتم تنفيذها ضد كل من يخالف اشتراطات الحماية المدنية. من جهته، قال حسين الشعشاعي، خبير الأمن الصناعي بوزارة الصناعة، إن العقوبة المقررة لمخالفة الأمن الصناعي ضعيفة جدًا، لا تزيد عن ألف جنيه، ويهمل أصحاب المحلات هذه الاشتراطات، بالإضافة إلى استخدام المحلات التجارية والمنازل أسلاك وتوصيلات غير مطابقة للمواصفات، وهذه كارثة كبرى، حيث انتشرت الأدوات الكهربائية المغشوشة، لافتًا إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كشف في تقرير له عن أسباب نشوب الحرائق، أن إجمالى الحرائق على مستوى الجمهورية، خلال عام 2018، يبلغ نحو 52 ألف حادثًا، موضحاً أن أهم الأسباب، هو الإهمال.