«شبح التوريث» كان الهاجس الذى سيطر على مؤتمر المعارضة الموازى فى يومه الثانى على الإنترنت، بعد أن توحدت كلمات المعارضة على ضرورة التكاتف لمواجهته والبحث فى الوقت ذاته عن البديل المناسب. وفيما انتقدت المعارضة أداء الوطنى فى علاج الأزمات المتزايدة واحتكاره للسلطة واعتباره الآخرين مجرد قلة مندسة، رأى هؤلاء أن الأمل معقود على شباب الجيل الحالى فى التغيير، بعد أن فشل الجيل السابق فى تحقيق آمال الأمة. ووصف الإعلامى حمدى قنديل التوريث ب«قطار العياط»، قائلا: «قطار التوريث سينتهى فى النهاية بكارثة وسوف يصطدم، تماما كما حدث لقطار العياط». وشدد قنديل، فى كلمته المصورة بالمؤتمر الذى تنظمه حركة 6 أبريل تحت شعار «القلة المندسة»، على أن «القاهرة ليست الجابون، كما أنها ليست طرابلس ليبيا أو دمشق سوريا». وأكد قنديل أن التوريث لن يحدث إذا ما تكاتفت القوى الوطنية لمنع حدوثه. واعتبر أن حادث العياط الأخير ليس حادث سكة حديد عابر بل إنه معبر عن أزمات عديدة تواجه البلد، أبرزها البطالة، والبلطجة والتحرش وانهيار سلطة القانون، ومشكلات القمامة وتراكمها فى قلب القاهرة رغم أن رئيس الوزراء يدعى نظيف! ووضع قنديل روشتة للخروج من الوضع الحالى تتضمن التعجيل بصياغة دستور جديد، وإقامة جمهورية برلمانية، والسماح بانتخابات نزيهة تفرز نواب صالحين ورئيس تختاره الأمة بشكل نزيه وحر. واتفق أيمن نور، زعيم حزب الغد، مع قنديل فى ضرورة مواجهة ما سماه «شبح التوريث»، وقال فى كلمته التى جاءت على جزءين: «لدينا قضية مهمة جدا وأولوية حقيقية، وهى مواجهة شبح التوريث، والتوحد فى مواجهته، وتقديم البدائل». لافتا إلى أنه لا يمكن توقع إنجاز أو نجاح من الفرع (فى إشارة لجمال مبارك)، ما لم ينجزه الأصل، وإذا فسد الأصل فسد الفرع. ووجه كلامه للشباب، قائلا: «أنتم الأمل فى التغيير، بعد أن خلقتم إعلامكم الجديد وشققتم طريقكم ووصلتم للناس بطرق مبهرة، ولا تتصوروا أنكم تحرثون فى البحر، فأنتم جزء مهم من الحركة الوطنية المصرية». وأشاد نواب الإخوان فى الكتلة البرلمانية بمجلس الشعب المشاركون فى مؤتمر المعارضة الموازى ممثلين فى حمدى حسن، والنائب فريد إسماعيل بتجربة 6 أبريل فى التغيير، وأكدوا ضرورة التعاون معا لوقف مشروع التوريث، وقالا: «نحن معكم وندعمكم بقوة». «احتكار السلطة والكذب والتضليل المذهل»، هذا هو الوصف الذى أطلقه إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة الدستور، على الحزب الوطنى وأدائه. وقال: «الوطنى يسعى إلى إقناعنا دوما أن العلبة فيها فيل، وإنجازات عديدة وهذه حالة لا أمل فيها»، معتبرا أن الأمل فى تغيير الوطنى وإزاحته، وأى حديث عن الإصلاح من الداخل هو «كلام عبثى لا يمكن تصديقه». لكن عيسى عكس سابقيه انتقد حركة 6 إبريل، وأوضح «أصيبت الحركة بأمراض القلة المندسة والانقسام وتبادل الاتهامات الرخيصة والخصومة الشديدة، والتواجد الدائم وراء شاشات الكمبيوتر، إضافة إلى أنها نقلت أمراض الواقع للعالم الافتراضى». من جهته رأى جورج إسحق، القيادى فى حركة كفاية، أن توقيت مؤتمر المعارضة الموازى مناسب جدا ضد جماعة المنتفعين من الحزب الوطنى، مشيرا إلى ضرورة أن يتسم الهجوم بالموضوعية. وفى سياق متصل، طالب مؤتمر المعارضة الموازى شباب حركة 6 أبريل بإنهاء الانقسام الحاصل فى الحركة والتوحد والحفاظ على التماسك فى حركة واحدة. وفى بيان أصدرته أمس، يحوى أهم توصيات المؤتمر، طالبت الحركة بجمهورية ديمقرطية تعتمد على الفصل التام بين السلطات، وإطلاق حرية تشكيل الأحزاب، والنقابات، والجمعيات والروابط. واقترحت الحركة الجمع بين مؤسسات الديمقراطية التمثيلية، ومؤسسات الديمقراطية المباشرة، من خلال انتخاب مجالس شعبية على مستوى المحافظات والمدن والقرى، تتولى مراقبة أداء السلطات التنفيذية المحلية، ورفع توصيات بشأنها إلى البرلمان القومى. كما شددت على تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، والمواد 76 و77 من الدستور، وتفعيل الإشراف القضائى على كل الصناديق، على أن تتم العملية الانتخابية فى أكثر من يوم مع السماح برقابة دولية محايدة للانتخابات، حسبما ورد فى البيان. وأبدت الحركة تخوفها مما وصفته بخطة التوريث المقنع من خلال تولى أحد أقطاب الحزب الوطنى نفسه أو الهيئة العليا للحزب منصب الرئيس، داعية إلى ضرورة الاتفاق سريعا على مرشح للمعارضة يتم تسويقه شعبيا من الآن، مفضلة أن يكون شخصية مستقلة بعيدة عن أى تيار سياسى. وبعيدا عن المؤتمر الموازى إلكترونيا وصف المهندس أبوالعلا ماضى وكيل مؤسسى حزب الوسط، هجوم جمال مبارك على المعارضة بأنه هجوم منسق مع أحمد عز وزكريا عزمى، وقال: «ما فعلته المعارضة خلال الفترة الأخيرة على ما يبدو أثر فى رجال الحزب الوطنى، خاصة ما أثاروه عن ترشيح شخصية عامة لانتخابات الرئاسة المقبلة جعلهم فى حالة ارتباك دفعتهم لتوجيه جهودهم للدفاع عن أنفسهم فى تصرف غير مسبوق. وأضاف: «من غير المعقول أن تكون انتخابات الرئاسة بعد أقل من عامين، ولا نعرف من هو المرشح للرئاسة، لكن المعارضة على ما يبدو سجلت أهدافا فى مرمى الوطنى». وانتقد ماضى تهكم الدكتور على الدين هلال أمين التثقيف بالحزب الوطنى من حملة مناهضة التوريث، وقال: «إذا كان يتهكم على اسم «ما يحكمش» فقد غيره أصحابه، لكن عليه أن يبتعد عن الشكليات ويناقش الموضوع الأصلى، وكلها محاولات هروب من القضايا الحقيقية». وأكد الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، أن الحزب الوطنى هو الذى يحترف الشعارات، ويبذل من أجلها مجهودا ووقتا، وقال: «آخر شعاراته هو من أجلك أنت لا يصح أن تتهم المعارضة بأنها تشوه صورة الوطنى لأنه ليس له صورة بل هى حقيقة عند كل مواطن، وحقيقة يصعب تكذيبها». ورفض الغزالى تهكمات هلال من «ما يحكمش»، وقال: «تم إلغاء هذا الاسم وأصبحت الحركة منظمة وتسعى لتعبئة الرأى العام ضد التوريث». من جهة أخرى أرسل د.حمدى حسن المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للإخوان خطابا لرئيس الجمهورية أمس بمناسبة ختام فاعليات المؤتمر السادس للحزب الوطنى طالبه فيه بحماية أرواح المواطنين من التعذيب حتى الموت، وقال فيه: «إما أن تقوموا بواجبكم الذى أقسمتم عليه، أو أن تقوموا على حماية المواطنين من التعذيب حتى القتل أوالاعتداء عليهم، وإزهاق أرواحهم جهارا نهارا، دون خوف من عقاب أو مساءلة، وأن نشعر بالفعل باهتمامكم بالمواطن، أو تنتهزوا فرصة الجلسة الختامية لمؤتمر الحزب، وتعلنون إنهاء خدماتكم للشعب لعجزكم، وفشلكم عن حمايته وحماية الدستور والقانون».