البابا تواضروس الثانى يصلى الجمعة العظيمة فى الكاتدرائية بالعباسية..صور    500 جنيه بالمدن و125 جنيها بالقرى، اللائحة التنفيذية لقانون التصالح في مخالفات البناء    وزير الخارجية الأمريكي: لم ولن نؤيد أي هجوم إسرائيلي كبير على رفح    كهربا يهدد بالرحيل عن الأهلي بسبب موديست، وكولر كلمة السر    توخيل يلمح لإمكانية استمراره مع بايرن ميونخ    انتشال جثتي شخصين غرقا في نهر النيل بالمنيا    فتح البوابة الإلكترونية الخاصة بالتعليم الفني للطلبة المتخلفين عن تسجيل بياناتهم    غلطت إني صورت الحلقة، تعليق صادم من حورية فرغلي على أزمتها مع بسمة وهبة    أبرزها فريد خميس.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدا في الجمعة الأخيرة من شوال    الذهب يرتفع 15 جنيها في نهاية تعاملات اليوم الجمعة    محافظ المنوفية: مستمرون في دعم المشروعات المستهدفة بالخطة الاستثمارية    حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    عضو «ابدأ»: المبادرة ساهمت باستثمارات 28% من إجمالي الصناعات خلال آخر 3 سنوات    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    نعم سيادة الرئيس    السفارة الروسية بالقاهرة تتهم بايدن بالتحريض على إنهاء حياة الفلسطينيين في غزة    المحكمة الجنائية الدولية تفجر مفاجأة: موظفونا يتعرضون للتهديد بسبب إسرائيل    حاكم فيينا: النمسا تتبع سياسة أوروبية نشطة    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    أمين اتحاد القبائل العربية: نهدف لتوحيد الصف ودعم مؤسسات الدولة    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    تونس تدخل تعديلات على قوانين مكافحة المنشطات بعد صدور عقوبات ضدها    الغندور: حد يلعب في الزمالك ويندم إنه ما لعبش للأهلي؟    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    تشافي: نريد الانتقام.. واللعب ل جيرونا أسهل من برشلونة    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    وزارة الصحة توضح خطة التأمين الطبي لاحتفالات المصريين بعيد القيامة وشم النسيم    كشف ملابسات واقعة مقتل أحد الأشخاص خلال مشاجرة بالقاهرة.. وضبط مرتكبيها    إعدام 158 كيلو من الأسماك والأغذية الفاسدة في الدقهلية    خلعوها الفستان ولبسوها الكفن.. تشييع جنازة العروس ضحية حادث الزفاف بكفر الشيخ - صور    برواتب تصل ل7 آلاف جنيه.. «العمل» تُعلن توافر 3408 فرص وظائف خالية ب16 محافظة    تعرف على توصيات مؤتمر مجمع اللغة العربية في دورته ال90    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" يتراجع ويحتل المركز الثالث    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    عمر الشناوي ل"مصراوي": "الوصفة السحرية" مسلي وقصتي تتناول مشاكل أول سنة جواز    مواعيد وقنوات عرض فيلم الحب بتفاصيله لأول مرة على الشاشة الصغيرة    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة.. فيديو    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    مديرية أمن بورسعيد تنظم حملة للتبرع بالدم بالتنسيق مع قطاع الخدمات الطبية    بعد واقعة حسام موافي.. بسمة وهبة: "كنت بجري ورا الشيخ بتاعي وابوس طرف جلابيته"    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النسيج .. يروى تاريخ شعوب
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 11 - 2009

يرتبط النسيج اليدوى وطرق تصنيعه بعقائد شعبية وطقوس تعتبر من معالم الفلكلور بحكم ارتباطها بالمعتقدات والموروثات، مثل اتقاء الحسد، أو الرغبة فى جلب الخير، إذ إن زخارفها أو طريقة تطريزها لها مدلول ومعنى يرتبط بحياة الشعوب، بل أحيانا ترث عصور سبقتها،
وإن احتفظت بمظهرها العام، فإنها تعييد تكيفها حسب حاجيات الذوق الشعبى؛ لذلك وجب الرجوع إلى التاريخ لنتتبع مدى ارتباط النسيج اليدوى بالتراث القومى، وعلاقة تراثنا القديم بالأزياء وأنواع الثياب.
فيرتبط نسيج الحرير من الخامات «رفيعة المستوى» بطبقات المجتمع الراقى، حيث يستخدم لحياكة الملابس المميزة التى تنم على الثراء، وقد عرفت شعوب شمال أفريقيا نسيج الحرير وقد رجح بعض المؤرخين والجغرافيين القدامى ومنهم ابن حوقل، إنه جاء من تونس فى القرن العاشر، حيث انتشرت طريقة نسجه فى مدينة قابس لكثرة أشجار التوت،
وإن شرانق الحرير كانت تكثر هناك، وكان استخراج خام الحرير من الشرانق فى تونس يتم عن طريق تسخين الشرنقة والحصول على شعيرات مصمغة لتبسط الخيوط فورا لعدة مرات، وما زال حرير قابس فى تونس ذائع السيط والشهرة ويصدر إلى إيطاليا وفرنسا.
بنهاية القرن 12 كان الحرير الرفيع المستوى يتم نسجه فى تونس أو فى فاس بالمغرب ويذكر أن 3000 منزل تقوم بهذه الحرفة وكان هناك 2000 حرفى يمتهنون تلك المهارة الحرفية، إما فى الريف أو فى المدن وبظهور النول اليدوى فى القرن 16 وإضافة الوحدات الزخرفية عن طريق حرفيى يهود الأندلس الذين يقطنون المغرب العربى (غرناطة) وفى (المهدية) 1492علاوة على القادمين من طرابلس فى القرن 19 فظهر الحزام الحرير المطعم بخيوط الذهب ليصبح قطعة مهمة فى تاريخ الأزياء التونسية
بل أهم قطعة فى زى العروس ونزح حرفيو نسيج الحرير اليدوى من تونس إلى مصر وانتقلت المهارة معهم كما انتقل المفرش الحريرى الشهير الذى كان يصنع فى «جربة» فى تونس لينتقل إلى «نقادة» بالصعيد وامتزج بخبرة المصريين مع النول اليدوى لتخرج قطعة الحرير اليدوى الشهيرة «الفركة» ذات اللون الأحمر المقلم وهى القطعة التى ترتديها العروس السودانية فى ليلة الحنة ويرجع الفضل فى ذلك إلى النول اليدوى الذى يدار بالقدمين إلى أعلى وإلى أدنى بواسطة المد واس وانتشر فى ليبيا ومصر وتونس خاصة جربة وفى ملابس وثياب نبلاء «المهدية» أما رجال صعيد مصر فيرتدونها كعباءة دون أكمام بالإضافة إلى الوحدات الزخرفية الهندسية وتضفى ظلال الحرير اللامع من انعكاسات لونية مع دقة الصناعة الفائقة وبراعة التصميم لوحة فنية أصبح معروفا بالنسيج الطرابلسى كماركة مسجلة
وذلك قبل قدوم النساجون اليهود من جربة إلى ليبيا وبالرغم من أن هذا الفن الحرفة يليق بالنساء إلا أن الرجال كانوا قائمين عليه ولم تقبل عليه النساء إلا فى عصر متأخر ليصبح من مستلزمات الحياة اليومية ليبرز تاريخ شعوب المتوسط ثم تنتقل المهارة الحرفية إلى الجزائر لتنفذ على الكتان ويتطور فى العصر العثمانى فى القرون من 16إلى 19 وظهرت المعلقات والستائر
وبذلك دخلت السيدات حرفة النسيج من أجل تجهيز العروس وظهرت صناعة (البرنس) و(التنشيفة) توضع على الرأس ليلة الحنة وذلك للسيدات من الطبقة العليا ثم امتزج النسيج برسوم زخرفيه متأثرة بعصر النهضة والفن التركى بحكم تجارة المتوسط والتى انتشرت فى فاس المغربية مع خطوط عرضية ولكن ظل الاختلاف بين المدن والريف حيث التلقائية وغلبة الفلكلور لأن تصميمات الريف مرتبطة باتقاء العين الحاسدة والحماية من الأمراض،
أو رسوم الجمال والسمك واليد والعقرب وتنتقل فنون النسيج وزخارفه إلى واحة سيوة المصرية مع قبائل البربر حيث ثياب زفاف العروس مضافا إليها رمز شمس آمون الساطعة لتكسبها روح وشخصية مصر الفرعونية مضافا إليها حدوة الحصان والنخلة مثلها مثل قابس التونسية مما يؤكد تأثير ثقافة وتراث عالم ما وراء الصحراء،
حيث الاقتباس من فنون إثيوبيا وموروثها الدينى والاجتماعى منذ عصر مملكة آكسوم فى العصور المسيحية القديمة، فمنذ القرن الرابع كانت إثيوبيا تستورد الحرير الخام من الهند والصين وتنسجه من أجل إهدائه إلى كنائس العالم المسيحى، ويعد من أشهر نسيج حرير شرق أفريقيا كما كان يستعمل مظلات للاحتفالات الدينية بشهادة المتحف البريطانى، فقد قمت بزيارة معرض ملابس المسيحيين الأرثوذكس الإثيوبيين هناك والتى يرجع تاريخها إلى عهود بعيدة، فتجد مفارش المناضد ولا نعرف هل هى من صنع المسلمين أم اليهود الفلاشا، ولكن الخيوط من الصين وهى مجموعة نادرة تكشف تاريخ نسيج الحرير تنسب إلى الملك بكافان وزوجته وأولاده، وتمثل أزياء دينية ذات لون أزرق داكن.
وفى شرق أفريقيا كانت العناية بصناعة الحرير قائمة، وبدأ جلبه من الهند بواسطة التجار العرب، أما فى مدغشقر فكانت شرانق الحرير منتشرة فى المرتفعات، وكانت خيوطه غير قابلة للصباغة، لكنه كان يدخل فى النسيج بوجه عام،
ونفس الحال فى نيجيريا وفى منطقة السافانا ويرجح أن ديدان الحرير هناك تتغذى على شجيرات التمر الهندى الشيطانى، ولكن كانت النتيجة واحدة وهى الحصول على الحرير عن طريق غليان شعيرات الحرير فى محلول قلوى لفصل الحرير عن الصمغ ثم تجفف الألياف، هذا الحرير كان يستخدم فى التطريز وأشغال الإبرة،
وعن طريق تجارة طرق ما وراء الصحراء تم جلب المصادر الحيوية لغزل الحرير من أفريقيا، وفى أواسط القرن 19 كان الألمان قد رصدوا تجارة الحرير القادمة من واحة «غدامس» ليبيا إلى «كانوا»، أما شعوب «الآسانت» فى غانا فقدموا أحد أنواع الحرير كهدايا سنة 1730م للأسر المالكة فى أوروبا وظل ذلك حتى القرن العشرين.
ونماذج المنسوجات الحريرية الأفريقية تمتد من شرق أفريقيا إلى غربها، وأشهر القطع النسجية تسمى شاما وهى من اللونين الأزرق والأحمر.
وبظهور الثورة الصناعية الميكانيكية تنحسر الحرفة اليدوية فى نطاق ملابس الأرستقراطيين والملوك بالعرض والطلب من قبيل الترف، لكن تدور العجلة اليوم لتصبح الحرف اليدوية النابعة من التراث من أهم مقومات التنمية المستدامة فى هذا العالم الذى نعيشه وتحث كل الهيئات العالمية الشعوب على أن تجتر الماضى لتتحدى العولمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.