قفط التخصصي تستقبل مرشحي البرلمان في قنا .. تعرف على أوائل المرشحين    بمرسوم جديد.. الرئيس السورى يلغى عطلتى حرب أكتوبر وعيد الشهداء    التموين تتعاون مع إي آند لتطوير المنافذ التموينية    نبنى الجسور لا الحواجز.. المنصات الرقمية في مرمى الرقابة المالية.. وضوابط منظمة للحماية من المخاطر    قطر للطاقة تنتظر موافقة مصر للاستحواذ على 3400 كم شرق البحر المتوسط من شل    تضع الصناعة المصرية على الخريطة العالمية.. معرض تراثنا أهم خطوات الدولة لترويج المنتجات.. وإطلاق الاستيراتيجية الوطنية للحرف اليدوية لها مردود اقتصادي كبير    ترامب: اتفاق غزة صفقة عظيمة لإسرائيل والمفاوضات تسير بشكل جيد للغاية    بعد أن سلم نفسه .. الجيش اللبنانى يبدأ التحقيقات مع فضل شمندر المشهور ب "فضل شاكر"    رابطة الأندية تقرر تعديل موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    الزمالك مهدد بإيقاف جديد للقيد خلال 20 يوما بسبب مستحقات جوميز وجروس    هالاند يقود جوارديولا لانتصاره رقم 250 في الدوري الإنجليزي على حساب برينتفورد    وفاة شخص وإصابة 5 آخرين إثر انقلاب سيارة بصحراوي المنيا ..بالاسماء    بعد وفاة احد المتهمين .. جنايات نجع حمادي تقصي بالسجن عام في واقعة التعدي على ضابط شرطة بقنا    ضياء الميرغنى خلال تكريمه بمهرجان نقابة المهن التمثيلية : عملية تسليك عصب فاشلة بالعمود الفقرى سبب تعبى    مهرجان الإسكندرية يوضح حقيقة واقعة ليلى علوي ويؤكد: نرفض الزج باسمها في ادعاءات كاذبة    ورثة العندليب ردا علي المتطاولين : مش مستنين فلوسكم والبيت مفتوح مجانا من 48 عاما ولم نطلب أي شيء من أحد    نائب رئيس الوزراء: أطلقنا دبلومة لسلامة المرضى معتمدة من المجلس الصحى المصرى    مصر الصناعية الرقمية.. طرح 386 وحدة صناعية جاهزة للتسليم في 11 محافظة    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة الثالثة والعشرين ضمن مبادرة العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    نشاط فني مكثف.. علاء مرسي بين الكوميديا والدراما والسينما    القصة كاملة - شهادات التضامن مع فلسطين ومقاومة الصهيونية تحسم جدل ضم رافائيل كوهين إلى لجنة تحكيم نجيب محفوظ    مواقيت الصلاة اليوم الاحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    إسرائيل: اعتراض مسيرة فوق إيلات قادمة من اليمن    وكيل صحة الأقصر.. يعلن بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    فابريس: نحترم الأهلي ولكننا نؤمن بحظوظنا في تحقيق المفاجأة    الدفاع المدنى بغزة: اعداد الشهداء فى ازدياد رغم إعلان إسرائيل تقليص هجماتها    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    أستون فيلا يواصل انتصاراته فى الدورى الإنجليزى بفوز مثير ضد بيرنلى    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : في يوم المعلم… منارة العلم تُطفئها الحاجة..!!    «القاهرة الإخبارية»: لقاءات القاهرة ستركز على تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة    حكم الذكر دون تحريك الشفتين.. وهذا هو الفرق بين الذكر القلبي واللساني    محمد الغزاوي.. نموذج إداري هادئ يعود للمنافسة في انتخابات الأهلي المقبلة    أفشة: مشوار الدوري طويل.. وتعاهدنا على إسعاد الجماهير    رئيس الوزراء اليوناني: مستعدون لدعم الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في غزة    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    3 عقبات تعرقل إقالة يانيك فيريرا المدير الفني للزمالك .. تعرف عليها    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    وزير التعليم ومحافظ الإسكندرية يفتتحان إدارة المنتزه أول التعليمية    «السبكي» يلتقي رئيس مجلس أمناء مؤسسة «حماة الأرض» لبحث أوجه التعاون    تاجيل طعن إبراهيم سعيد لجلسة 19 أكتوبر    رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى يلتقى بالوفد السودانى لبحث فرص الاستثمار    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النسيج .. يروى تاريخ شعوب
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 11 - 2009

يرتبط النسيج اليدوى وطرق تصنيعه بعقائد شعبية وطقوس تعتبر من معالم الفلكلور بحكم ارتباطها بالمعتقدات والموروثات، مثل اتقاء الحسد، أو الرغبة فى جلب الخير، إذ إن زخارفها أو طريقة تطريزها لها مدلول ومعنى يرتبط بحياة الشعوب، بل أحيانا ترث عصور سبقتها،
وإن احتفظت بمظهرها العام، فإنها تعييد تكيفها حسب حاجيات الذوق الشعبى؛ لذلك وجب الرجوع إلى التاريخ لنتتبع مدى ارتباط النسيج اليدوى بالتراث القومى، وعلاقة تراثنا القديم بالأزياء وأنواع الثياب.
فيرتبط نسيج الحرير من الخامات «رفيعة المستوى» بطبقات المجتمع الراقى، حيث يستخدم لحياكة الملابس المميزة التى تنم على الثراء، وقد عرفت شعوب شمال أفريقيا نسيج الحرير وقد رجح بعض المؤرخين والجغرافيين القدامى ومنهم ابن حوقل، إنه جاء من تونس فى القرن العاشر، حيث انتشرت طريقة نسجه فى مدينة قابس لكثرة أشجار التوت،
وإن شرانق الحرير كانت تكثر هناك، وكان استخراج خام الحرير من الشرانق فى تونس يتم عن طريق تسخين الشرنقة والحصول على شعيرات مصمغة لتبسط الخيوط فورا لعدة مرات، وما زال حرير قابس فى تونس ذائع السيط والشهرة ويصدر إلى إيطاليا وفرنسا.
بنهاية القرن 12 كان الحرير الرفيع المستوى يتم نسجه فى تونس أو فى فاس بالمغرب ويذكر أن 3000 منزل تقوم بهذه الحرفة وكان هناك 2000 حرفى يمتهنون تلك المهارة الحرفية، إما فى الريف أو فى المدن وبظهور النول اليدوى فى القرن 16 وإضافة الوحدات الزخرفية عن طريق حرفيى يهود الأندلس الذين يقطنون المغرب العربى (غرناطة) وفى (المهدية) 1492علاوة على القادمين من طرابلس فى القرن 19 فظهر الحزام الحرير المطعم بخيوط الذهب ليصبح قطعة مهمة فى تاريخ الأزياء التونسية
بل أهم قطعة فى زى العروس ونزح حرفيو نسيج الحرير اليدوى من تونس إلى مصر وانتقلت المهارة معهم كما انتقل المفرش الحريرى الشهير الذى كان يصنع فى «جربة» فى تونس لينتقل إلى «نقادة» بالصعيد وامتزج بخبرة المصريين مع النول اليدوى لتخرج قطعة الحرير اليدوى الشهيرة «الفركة» ذات اللون الأحمر المقلم وهى القطعة التى ترتديها العروس السودانية فى ليلة الحنة ويرجع الفضل فى ذلك إلى النول اليدوى الذى يدار بالقدمين إلى أعلى وإلى أدنى بواسطة المد واس وانتشر فى ليبيا ومصر وتونس خاصة جربة وفى ملابس وثياب نبلاء «المهدية» أما رجال صعيد مصر فيرتدونها كعباءة دون أكمام بالإضافة إلى الوحدات الزخرفية الهندسية وتضفى ظلال الحرير اللامع من انعكاسات لونية مع دقة الصناعة الفائقة وبراعة التصميم لوحة فنية أصبح معروفا بالنسيج الطرابلسى كماركة مسجلة
وذلك قبل قدوم النساجون اليهود من جربة إلى ليبيا وبالرغم من أن هذا الفن الحرفة يليق بالنساء إلا أن الرجال كانوا قائمين عليه ولم تقبل عليه النساء إلا فى عصر متأخر ليصبح من مستلزمات الحياة اليومية ليبرز تاريخ شعوب المتوسط ثم تنتقل المهارة الحرفية إلى الجزائر لتنفذ على الكتان ويتطور فى العصر العثمانى فى القرون من 16إلى 19 وظهرت المعلقات والستائر
وبذلك دخلت السيدات حرفة النسيج من أجل تجهيز العروس وظهرت صناعة (البرنس) و(التنشيفة) توضع على الرأس ليلة الحنة وذلك للسيدات من الطبقة العليا ثم امتزج النسيج برسوم زخرفيه متأثرة بعصر النهضة والفن التركى بحكم تجارة المتوسط والتى انتشرت فى فاس المغربية مع خطوط عرضية ولكن ظل الاختلاف بين المدن والريف حيث التلقائية وغلبة الفلكلور لأن تصميمات الريف مرتبطة باتقاء العين الحاسدة والحماية من الأمراض،
أو رسوم الجمال والسمك واليد والعقرب وتنتقل فنون النسيج وزخارفه إلى واحة سيوة المصرية مع قبائل البربر حيث ثياب زفاف العروس مضافا إليها رمز شمس آمون الساطعة لتكسبها روح وشخصية مصر الفرعونية مضافا إليها حدوة الحصان والنخلة مثلها مثل قابس التونسية مما يؤكد تأثير ثقافة وتراث عالم ما وراء الصحراء،
حيث الاقتباس من فنون إثيوبيا وموروثها الدينى والاجتماعى منذ عصر مملكة آكسوم فى العصور المسيحية القديمة، فمنذ القرن الرابع كانت إثيوبيا تستورد الحرير الخام من الهند والصين وتنسجه من أجل إهدائه إلى كنائس العالم المسيحى، ويعد من أشهر نسيج حرير شرق أفريقيا كما كان يستعمل مظلات للاحتفالات الدينية بشهادة المتحف البريطانى، فقد قمت بزيارة معرض ملابس المسيحيين الأرثوذكس الإثيوبيين هناك والتى يرجع تاريخها إلى عهود بعيدة، فتجد مفارش المناضد ولا نعرف هل هى من صنع المسلمين أم اليهود الفلاشا، ولكن الخيوط من الصين وهى مجموعة نادرة تكشف تاريخ نسيج الحرير تنسب إلى الملك بكافان وزوجته وأولاده، وتمثل أزياء دينية ذات لون أزرق داكن.
وفى شرق أفريقيا كانت العناية بصناعة الحرير قائمة، وبدأ جلبه من الهند بواسطة التجار العرب، أما فى مدغشقر فكانت شرانق الحرير منتشرة فى المرتفعات، وكانت خيوطه غير قابلة للصباغة، لكنه كان يدخل فى النسيج بوجه عام،
ونفس الحال فى نيجيريا وفى منطقة السافانا ويرجح أن ديدان الحرير هناك تتغذى على شجيرات التمر الهندى الشيطانى، ولكن كانت النتيجة واحدة وهى الحصول على الحرير عن طريق غليان شعيرات الحرير فى محلول قلوى لفصل الحرير عن الصمغ ثم تجفف الألياف، هذا الحرير كان يستخدم فى التطريز وأشغال الإبرة،
وعن طريق تجارة طرق ما وراء الصحراء تم جلب المصادر الحيوية لغزل الحرير من أفريقيا، وفى أواسط القرن 19 كان الألمان قد رصدوا تجارة الحرير القادمة من واحة «غدامس» ليبيا إلى «كانوا»، أما شعوب «الآسانت» فى غانا فقدموا أحد أنواع الحرير كهدايا سنة 1730م للأسر المالكة فى أوروبا وظل ذلك حتى القرن العشرين.
ونماذج المنسوجات الحريرية الأفريقية تمتد من شرق أفريقيا إلى غربها، وأشهر القطع النسجية تسمى شاما وهى من اللونين الأزرق والأحمر.
وبظهور الثورة الصناعية الميكانيكية تنحسر الحرفة اليدوية فى نطاق ملابس الأرستقراطيين والملوك بالعرض والطلب من قبيل الترف، لكن تدور العجلة اليوم لتصبح الحرف اليدوية النابعة من التراث من أهم مقومات التنمية المستدامة فى هذا العالم الذى نعيشه وتحث كل الهيئات العالمية الشعوب على أن تجتر الماضى لتتحدى العولمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.