عاد الجدل مجددًا حول إمكانية عودة فيروس كورونا للمتعافين، والإصابة به مرة أخرى، في ظل اتجاه العالم إلى إلغاء الإغلاق الذي امتد لشهور، ومحاولة التعايش مع الوباء حتى الوصول للقاح، ولكن محاولة التعايش هذه آثارت القلق حتى لؤلائك الذين تعافوا من كوفيد-19، فهل يمكن للفيروس إصابتنا مرة أخرى بعد التعافي؟ اختلف الأطباء في تفسير سبب الاختبارات الإيجابية لبعض المتعافين الذي عادوا للمستشفيات مجددًا، وترصد "الشروق" في السطور التالية بعض من آرائهم.... - الاختبار يلتقط بقايا الفيروس من الجسم يقول ديفيد هوي، خبير طب الجهاز التنفسي في الجامعة الصينية بهونج كونج، إن هناك عدة أسباب لظهور نتائج إيجابية للإصابة بالمرض بعد التعافي منه تمامًا، ومنها أن الاختبار الذي أثبت الشفاء لم يكن دقيقًا بدرجة تكشف حقيقة استمرار وجود الفيروس، أو أن النتيجة الإيجابية ظهرت بسبب وجود بقايا الحمض النووي الخاص بالفيروس في الجسم ولكن ليس بكمية مرتفعة تكفي لمهاجمة المناعة مثل المرة الأولى، مؤكدًا أن الحمض يبقى جزءً منه متواجدًا لفترة بعد الشفاء، وفقًا لموقع مجلة "تايم" الأمريكية. واتفق الدكتور أوه ميونج دون، أستاذ الطب الباطني في جامعة سيول الوطنية وعضو المجموعة الاستشارية التقنية والفنية لمنظمة الصحة العالمية للأمراض المعدية، مع "هوي" في السبب الثاني، موضحًا أن التفسير الأكثر منطقية للنتيجة الإيجابية هو أن الاختبار يلتقط المادة الوراثية الفيروسية الباقية وهو ما يعني بقايا من الفيروس ولكن هذا لا يعني أن الإصابة ستعود مجددًا وتكون شديدة أو متوسطة. - أجسام مضادة بقدر غير كافي وطرح خبراء أخرون أسبابا لوجود نتائج إيجابية للفيروس في الجسم بعد التعافي، ومنها عدم إنتاج جسم المصاب لأجسام مضادة بالقدر الكافي لتطوير المناعة ضد فيروس الجديد، فيصابون مرة أخرى. ويشير الخبراء إلى تفسير آخر وهو احتمال أن يكون الفيروس "ثُنائي الطَور"، أي يمر بمرحلة من السكون داخل المصاب، قبل ظهور أعراض جديدة. وفسر عالم الفيروسات روبرت لامبكين ويليامز، عودة الفيروس بشكل آخر، وهو أن الأجسام المضادة المنتجة لمحاربة الفيروس لم تمنح المرضى أي حماية من الإصابة مرة أخرى بكوفيد-19. وأوضح أن المجتمع العلمي لا يزال يأمل في أن تمنع الأجسام المضادة الفيروس التاجي من إصابة الأفراد أكثر من مرة، حسبما ذكر موقع شبكة "سي إن بي سي". وأكد أنه مع عدم وجود لقاح فعلي للفيروس فأن أي علاج يتم منحه للمرضى بهدف تخفيف الأعراض لن يكون مثاليًا وشاملًا، مشيرًا إلى أنه في الوقت الحالي يوجد ما لا يقل عن 141 لقاحًا لفيروس كورونا يتم اختبارها في جميع أنحاء العالم، 16 منها في مرحلة التجارب السريرية، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. - إصابات بعد التعافي وكانت إحدى المستشفيات في مدينة تشنجدو، جنوب غرب الصين، قد أعادت احتجاز مريض في 21 فبراير الماضي، بعد 10 أيام من مغادرته المستشفى، وهو ما فسره نائب مدير مركز الأمراض المعدية، "لي شوي تشونج"، لصحيفة الشعب الصينية بقوله إن "المستشفيات تقوم بفحص عينات الأنف والحنجرة لاختبار الإصابة بالفيروس، لتحديد خروج المريض من عدمه، لكن الاختبارات الجديدة رصدت الفيروس في الجهاز التنفسي السفلي للمريض. وأوضحت دراسة نشرتها مجلة "جاما" التابعة للجمعية الطبية الأمريكية، في أبريل الماضي، أن 4 مصابين من العاملين في الحقل الطبي بمدينة "ووهان" الواقعة بمقاطعة "هوبي" بؤرة تفشي الفيروس المعدي، كانوا قد عولجوا في مستشفى "تشونجنان" بجامعة ووهان في الصين بين 1 يناير و15 فبراير، وإنه من المحتمل أن يظل بعض المتعافين حاملين للفيروس، حتى بعد استيفائهم لمعايير الخروج من المستشفى، والتي تكون فيها نتائج التحاليل سلبية خالية من الفيروس، ولا تظهر أية أعراض للمرض أو أي مؤشرات غير طبيعية على المريض أو في نتائج الأشعة التي يخضع لها. واعُتبر المرضى متعافين بعد اختفاء الأعراض، وظهور نتائج المسحة سلبية ليومين متتاليين، وطُلِب منهم عزل أنفسهم في المنزل لمدة 5 أيام، واستمر أخذ مسحات الحلق منهم بعد ال5 أيام ل13 يوما أخرى، أظهرت النتائج أن كل اختبار بين اليوم الخامس واليوم 13 كان إيجابيا بالنسبة للفيروس. وكتب الباحثون أن هذه النتائج تشير: "إلى أن نسبة من المرضى المتعافين ربما لا يزالون يحملون فيروسات". وجاءت النتائج في الوقت الذي أعلنت فيه اليابان، عن أول حالة إصابة متكررة لامرأة تعافت من الفيروس، ثم أصيبت مرة الثانية، بحسب موقع «لايف ساينس» العلمي. - النظام المناعي غير قادر على المقاومة وقالت عالمة الأوبئة بكلية الصحة العامة بجامعة تيمبل الأمريكية، "كريس جونسون"، إنه بالنظر إلى تلك النتائج الجديدة لاستمرار الفيروس، فليس من الواضح ما حدث مع المريضة اليابانية، أحد الاحتمالات هو أنها قد التقطت نسخة جديدة من الفيروس من شخص آخر، والاحتمال الآخر أن نظامها المناعي لم يقاوم الفيروس بشكل تام، فبدأ بالتكاثر داخل رئتيها مرة أخرى، لتعود الأعراض من جديد. وأشارت جونسون إلى أنه من المعروف أن عدد من الفيروسات مثل زيكا والإيبولا يبقيان لأشهر بعد تعافي المرضى. وأوضحت أن الفيروسات التي تستمر في الجسم، قد تثير استجابة الجهاز المناعي بما يكفي لتوفير بعض الحماية ضد العدوى الجديدة. ويشير توبمان إلى أن هناك دائمًا احتمال أن يتحور فيروس كورونا الجديد أثناء انتقاله بين الناس. - الفيروسات تتكاثر بمستوى منخفض فيما أكد عالم الفيروسات بجامعة ميتشجان التقنية، إبنيزر توبمان، أن استمرار الفيروسات عند مستويات منخفضة في الجسم بعد التعافي ليس أمرا نادرا؛ قائلا: "إن الاختبار الذي أجراه المرضى الأربعة من ووهان، يبحث عن شظايا وراثية من الفيروس في الجسم، وعقار التاميفلو الذي عولجوا به ربما قلص من عدد الفيروسات في أجسادهم، وحساسية الفحص في تلك المرحلة لم تكن بالدرجة الكافية للكشف عن الفيروس". وقال تومبان إنه ربما بدأ الفيروس في التكاثر مرة أخرى بمستوى منخفض، بعد انتهاء العلاج المضاد، إلا أنه لن يكون هناك ما يكفي من الفيروس للتسبب في تلف الأنسجة، لذلك لم يشعر المرضى بأي أعراض؛ إلا أنه ربما ارتفع عدد نسخ الفيروس لكي يستطيع الاختبار الكشف عنها مرة أخرى.