«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقنيات واختبارات جديدة تجعل السفر أكثر أمنا في 2022
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 06 - 2020

تخيل نفسك وقد قفزت عامين إلى الأمام وأصبحت في عام 2022، واصلاً لتوك إلى منطقة ما على سطح كوكبنا، لقضاء عطلة. وقتها يُفترض - وفقا لسيناريو تخيلي مبني على المشروعات والجهود البحثية الجارية في الوقت الراهن - أن يستقبلك فور خروجك من الطائرة "روبوت"، ليلقي عليك التحية على طريقته، المتمثلة في تسليط شعاع ليزر عليك، لقياس درجة حرارتك عن بعد.
على أي حال، ما من داعٍ للقلق من النتيجة، فقد اجتزت قبل صعودك على متن الطائرة قبل ساعات من ذلك، ربما، فحصا مماثلا. لذا ليس عليك سوى أن تمضي بعد انتهاء هذه العملية باتجاه نقطة الفحص الصحي التالية.
هناك ستضطر إلى الوقوف في صف لفحص جهازك التنفسي، من خلال أنبوب صغير لاختبار التنفس، يحتوي على شريحة صغيرة. ومن الناحية النظرية، يشبه هذا الاختبار الذي يخضع له سائقو السيارات لقياس تركيز الكحول في زفيرهم. لكن الاختلاف بين الاختبارين يتمثل في أن ذاك الذي يُستخدم فيه الأنبوب يستهدف هذه المرة رصد وجود جزيئات فيروس كورونا المستجد في الزفير، وهو ما يعني إمكانية التعرف على حاملي المرض ممن لم تظهر عليهم أي أعراض، لكن يمكنهم نقل الفيروس إلى غيرهم.
وفي هذه الحالة، سيُطلب منك أن تسعل بقوة داخل الأنبوب، قبل أن تضعه في جهاز يشبه فرن "ميكروويف" ضخم. لن يكون عليك بعد ذلك سوى الانتظار 30 ثانية لا أكثر، قبل أن يضيء الجهاز بلون أخضر ويصدر دقات خافتة، بما يعني السماح لك بالمرور. محطتك التالية ستتمثل في مكتب فحص جوازات السفر، وهو ما يعني أنه سيتعين عليك تحضير جوازك بسرعة، وحث الخطى باتجاهه.
ورغم أن ما سبق قد يبدو مستوحى من عالم الخيال العلمي، فإنه ليس كذلك على الإطلاق. فإذا كنت قد سافرت في وقت سابق من العام الجاري، بالتزامن مع بدء دول العالم تطبيق إجراءات الإغلاق، ربما تكون قد رأيت في بعض المطارات بالفعل أجهزة قياس درجات الحرارة التي تعمل عن بعد باستخدام الأشعة تحت الحمراء. لكن بالرغم من الفوائد الكامنة في استخدام هذه الأجهزة، إلا أن هذا لا يعني خلوها من العيوب. فربما يكون ارتفاع درجة الحرارة الذي سترصده ناجما عن سبب آخر غير الإصابة بكورونا. وفي المقابل، قد يكون المرء مصابا بالمرض دون ظهور أعراض عليه على الإطلاق. ويعني ذلك أن التعرف المبكر على حاملي الفيروس يستوجب التحقق مما إذا كانت جزيئاته موجودة في زفير المرء أم لا.
هنا يأتي دور أنبوب اختبار التنفس. وبالرغم من أنك لم تر هذا الأنبوب بعد في أي من مطارات العالم، فإن ذلك لا ينفي أنه موجود بالفعل، في مختبر العالم غابي سروسي، الأستاذ بجامعة بن غوريون في منطقة النقب في إسرائيل. وقد ابتكر الرجل هذا الأنبوب بفضل الطريقة المختلفة التي نظر بها إلى مشكلة تفشي فيروس كورونا المستجد، بحكم كونه عالما فيزيائيا. ففي الوقت الذي سعى العلماء في مختلف أنحاء العالم إلى استنباط اختبارات بيولوجية دقيقة للتعرف على وجود الفيروس لدى المرء من عدمه، رأى سروسي أنه لا يمثل عنصرا بيولوجيا، وإنما يشكل جزيئا دقيق الحجم للغاية، يمكن استشعاره بأجهزة كهربائية خاصة. فعندما تُسقط هذه الجزيئات في قلب مجال كهرومغناطيسي، يحدث "تداخل" ذو طابع معين مع الموجات الكهرومغناطيسية المتدفقة. وبوسع العلماء والباحثين رصد حدوث هذا "التداخل" عند وضع الأنبوب في الجهاز الشبيه بفرن "الميكروويف".
وقارن فريق الباحثين الذي يقوده سروسي نتائج استخدام الجهاز الجديد مع نظيراتها التي تم الحصول عليها عبر أخذ مسحات بشكل تقليدي من 150 مريضا. ووجد الفريق أن دقة ذلك الابتكار تصل إلى 92 في المئة. ويعتبر غابي سروسي هذا المعدل مرتفعا للغاية، بالنظر إلى أن نسبة دقة الكثير من الاختبارات الطبية المُصرح باستخدامها حاليا تقل عن ذلك.
رغم ذلك، يسعى فريق الباحثين إلى تحسين كفاءة هذه الأنابيب، نظرا للعواقب التي لا يستهان بها لنتائج الاختبارات التي تُجرى باستخدامها، والتي تشمل منع المرء من السفر وإدخاله الحجر الصحي، إذا كانت درجة حرارته مرتفعة عن المستوى الطبيعي. ويأمل الباحثون في أن تمنحهم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (إف دي آيه) ترخيصا عاجلا لاستخدام أداة الفحص الجديدة هذه، بمجرد انتهائهم من جهودهم الرامية لتحسين كفاءتها، نظرا لأن ذلك قد يسهم في إحياء صناعة السفر. ومن جهته، يتوقع سروسي أن يرى هذه التقنية قيد الاستخدام في المطارات ومحطات القطارات قريبا "ربما بحلول نهاية العام الجاري، أو خلال العام المقبل".
بطبيعة الحال، يشكل التوصل إلى لقاح الحل الأمثل لتبديد مخاوف الجميع. ويعتقد الخبراء أنه بالإمكان تحقيق هذا الهدف في عام 2021، كما ورد في دورية "ساينتفِك أمريكان"، وهو ما يعني أنه سيتوجب على المسافرين، إذا ما حدث ذلك، الاحتفاظ بسجلات التطعيم الخاصة بهم، لفحصها في المطارات. وهكذا قد يُضاف التطعيم ضد كورونا إلى قائمة التطعيمات الموجودة حاليا، والتي تشترط بعض الدول أن يكون زوارها قد تلقوها سلفا، قبل وصولهم إليها.
وفي هذه الحالة، سيكون على المسافرين أن يقدموا لموظفي الجمارك تأشيرة الدخول وسجل التطعيمات. وقد يكون هذا السجل في صورة بطاقة ورقية أو وشم صغير على الذراع، لا يُرى بالعين المجردة، لكنه قابل للقراءة باستخدام جهاز مسح بالأشعة تحت الحمراء. وتقول آنا جاكلينس، الباحثة في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، إن هذه التقنية موجودة بالفعل، وسبق أن جُرِبَت على الماشية الحية والجثث البشرية. وتُستخدم في هذا الصدد لصقة تحتوي على إبرة متناهية الصغر يمكنها أن تحقن الإنسان تحت الجلد باللقاح، وبرشة من حبر غير مرئي في آن واحد، ما يفضي لأن تُحفظ البيانات الخاصة بالتطعيم في هذا المكان.
وتقول جاكلينس إن "الإبر الصغيرة للغاية المُستخدمة في هذا الأمر لا تترك ندبات على الجلد، كما أنها لا تمس الكثير من الأنسجة والخلايا السليمة في البشرة، مثل ما يحدث عند استخدام الإبر العادية. الأمر يشبه لصق ضمادة إسعافات أولية. ويمكن قراءة البيانات الموجودة في هذا السجل الكامن تحت الجلد باستخدام أي ماسح ضوئي عادي، بل وحتى بأي هاتف معدل".
وتحظى التقنيات المستخدمة في عمليات المسح الضوئي هذه بدعم من مؤسسة "بيل ومليندا غيتس". وتهدف إلى مد يد العون لمواطني الدول النامية، التي لا تكون السجلات الورقية أو الإلكترونية متوافرة فيها على الدوام. ورغم أن الهدف من تطويرها الاستعانة بها في تجربة ستُجرى قريبا على أشخاص تلقوا تطعيما ضد مرض الحصبة، فإن بالإمكان الاستعانة بها للتحقق من حصول المرء على تطعيمات أخرى، وهو يقف أمام ضباط الجوازات في المطارات على سبيل المثال.
إذا عدنا إلى تفاصيل تجربتك المستقبلية الافتراضية مع التقنيات والأجهزة الحديثة التي ابتُكِرَت للتعامل مع عالم ما بعد تفشي وباء كورونا، سنجدك غالبا قد اجتزت مرحلة التحقق من سلامة جواز سفرك من جانب ضباط الجوازات، ما يسمح لك بالعبور إلى نقطة تسلم الأمتعة. وهناك عند الحزام الدوار الذي يحمل حقائب المسافرين، سيعرض عليك أحد عمال المطار أن يرش أمتعتك ببعض المطهرات الصناعية ذات الرائحة الكريهة. لكنك سترفض بأدب على الأغلب، وتخرج بدلا من ذلك قارورة تحتوي على سائل تنظيف صديق للبيئة يحمل اسم "فيلِز"، تصدر منه عند الاستخدام روائح الليمون العطري وزيت الخُزامي والنعناع.
وقد تم تطوير هذا المنظف على يد آماندا وييكس، التي نشأت في منطقة ستاتن ايلاند بالقرب من مكب نفايات سيء السمعة في نيويورك. وتقول وييكس إن الأمر يشبه "تحضير الجعة أو مشروب `كومبوتشا`المُخمر"، إذ يُعد "فيلِز" من فضلات الطعام التي يتم تخميرها، على غرار تخمير الجعة. وقد أنشأت وييكس وحدة تخمير حيوية تجريبية في عام 2018، لكي تُحوّل إليها الشاحنات المُحملة ببقايا الطعام بدلا من أن تُوجه لمكبات النفايات. ويرمي ذلك إلى تقليص كميات المواد الغذائية التي يصيبها العفن، وخفض مقدار الغازات المُسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تنبعث منها.
وفي الوقت الحاضر، يُصنّف "فيلِز" كسائل تنظيف منزلي وليس كمطهر، نظرا لأن مبتكرته لم تُخضعه للتجارب اللازمة لمنحه ترخيصا بالتداول كسائل للتطهير من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. وتوضح وييكس سبب إحجامها عن إخضاع "فيلِز" لهذه الاختبارات حتى الآن، بالقول إنها "لا تُجرى سوى في عدد محدود من المختبرات، ومقابل مبلغ يتألف من ستة أرقام". وتشير إلى أنها تعتزم المضي في هذا الطريق، بمجرد توافر المال اللازم لذلك.
بعد انتهائك من رش الأمتعة بذلك المُنظف، يصبح بوسعك التوجه إلى منطقة ركوب سيارات الأجرة، ومعك حقائبك النظيفة التي تفوح منها روائح طيبة. بالتزامن مع ذلك، يتم تعقيم الطائرة التي نزلت منها للتو، باستخدام "جيرم فالكون"، وهي أداة تنظيف تعمل بالأشعة فوق البنفسجية، تم تطويرها على يد آرثر وإليوت كرايتنبيرغ، وهما أب وابنه يسافران باستمرار، وأصبحا الآن ممن يُعرفون ب"العلماء الهواة".
بوصفه طبيبا، أدرك آرثر أن الطائرات قد تسهم في نقل الأمراض، في ضوء أنه يصعب تنظيفها بشكل شامل، بسبب عوامل من قبيل جدول الرحلات المزدحم، والتأخيرات التي تحدث في مواعيد الإقلاع، بجانب حقيقة أن هيكلها يحتوي على أركان وزوايا وشقوق يصعب الوصول إليها. كما عَرِفَ هذا الرجل، بحكم مهنته أيضا، أن تطهير الأسطح والأدوات والمعدات في المستشفيات يتم باستخدام مصابيح التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية.
المعروف أن هناك ثلاثة أنواع من ضوء الأشعة فوق البنفسجية. اثنان منهما متوسطا القوة، تحتوي عليهما أشعة الشمس. أما النوع الثالث فيتسم بأنه مضر بشكل أكبر، ويُرشّح عبر الغلاف الجوي للأرض، ويستطيع الفتك بالحمض النووي للجراثيم. وقد طوّر الأب والابن جهازا يعمل بهذا النوع من الأشعة، ويمكن أن يخترق ممرات الطائرات، مُسلّطا هذا الضوء القاتل للجراثيم على الطاولات والوسائد والحواشي والمساند الخاصة بمقاعد الطائرة.
ويبدو هذا الجهاز، بتصميمه الذي يجعله أشبه بعربة التسوق في المتاجر، وب"جناحيْه" الممتديْن على صفيْ المقاعد على جانبيه، وكأنه طائر جارح. ويُفترض أن يكون بمقدورنا استخدامه لتعقيم طائرة من طراز "بوينغ 737" خلال أقل من خمس دقائق. ويقول إليوت كرايتنبيرغ: "ننصح بأن يتم تعقيم 30 صفا في الدقيقة. وبهذا المعدل، يمكن أن نقلص معدلات وجود الأنفلونزا وفيروس كورونا بنسبة 99 في المئة". وقد تعاون آل كرايتنبيرغ مع بعض المختبرات، لاختبار نتائج استخدام "جيرم فالكون". ويتوقعان أن يبدأ الجهاز "اصطياد" الجراثيم داخل الطائرات في وقت لاحق من العام الجاري.
وتقول أندريا سيلفرمان، وهي أستاذة مساعدة في كلية الصحة العامة العالمية بجامعة نيويورك، إن الأشعة فوق البنفسجية تُستخدم للتعقيم في الكثير من المجالات والتطبيقات، وهي "فعالة للغاية في أداء هذه المهمة". وتشير سيلفرمان، وهي أستاذة مساعدة أيضا في كلية تاندون للهندسة بجامعة نيويورك، إلى أن الاستعانة بذلك النوع من الأشعة "يحقق نتائج جيدة مع الفيروسات والبكتيريا"، طالما سُلِطَ عليها قدرٌ كافٍ من الضوء، وهو ما يحدث عند استخدام غالبية الأجهزة العاملة بالأشعة فوق البنفسجية.
وعلى أي حال، قد لا يقتصر استخدام مثل هذه الأجهزة على الطائرات وحدها، إذ يتسع نطاق الاستعانة بها ليشمل الفنادق والسفن السياحية وسيارات الأجرة. ويعني ذلك أنك لن تشعر بالقلق من وجود جراثيم في إحدى هذه السيارات عندما تستقلها بعد خروجك من صالة الوصول بالمطار.
وقتذاك، ربما ستكتشف وأنت تنظر في هاتفك المحمول، لمعرفة عنوان الفندق المدون على أحد تطبيقاته، أن شاشته متسخة. ولا عجب في ذلك، فقد تكون قد نُظِفَت للمرة الأخيرة منذ ساعات، قبل نزولك من الطائرة مثلا. كما أن الأمر ربما يكون قد ازداد سوءا، بفعل تنقلك بين أجهزة فحص مختلفة ووضعك للهاتف على عدة أسطح غير مضمونة من حيث النظافة. ويعني ذلك كله أن هاتفك المحمول بات يحتاج بدوره إلى تطهير.
يأتي هنا دور جهاز يحمل اسم "فون سوب"، وهو عبارة عن علبة صغيرة للتعقيم باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، طوّرها دانييل بارنز وويسلي لابورت، وهما صديقان تزاملا في جامعة واحدة أيضا. وقد بدأ الاثنان السير على درب إنجاز هذا المشروع في عام 2009، عندما قرأ الاثنان عن أن الهواتف أكثر قذارة من المراحيض العامة. وقد خلّفت هذه المعلومة تأثيرا كبيرا على لابورت، الذي كان يجري في ذلك الوقت أبحاثا بشأن علم المناعة في جامعة بريغام يونغ الأمريكية. وهكذا ابتكر الصديقان المقيمان في ولاية يوتا الأمريكية علبة التعقيم المحمولة هذه، التي يمكنها القضاء على 99.9 في المئة من الفيروسات والبكتيريا.
ويقول بارنز: "أجرينا اختبارات للتحقق من أن العلب التي طورناها تحتوي على قدر كافٍ من الضوء، يمكن أن يحيط بما هو موضوع في العلبة، من كل الزوايا، بما لا يُفلت حتى الحواف".
وفي المراحل الأولى لتسويق هذه العلب المُعَقِمة، كانت تحظى بإقبال يزيد بمعدل مطرد وثابت في الوقت نفسه. غير أن مارس/ آذار من هذا العام جلب معه قفزة دراماتيكية في حجم الطلب، مع تزايد عدد حالات الإصابة بمرض كوفيد-19. فبحسب بارنز، أصبح هذا المنتج "ضرورة أكثر منه ضربا من الكماليات".
وخلال "استمتاع" هاتفك بحمام التعقيم هذا، بمقدورك أن تضطجع على مقعدك في السيارة لتنعم بقسط من النوم. فالآن وبعد كل الإجراءات الإلزامية التي خضعت لها منذ نزولك من الطائرة، يمكنك القول إن عطلتك بصدد البدء بالفعل.
هكذا، وعلى الرغم من أن السفر في عام 2022 قد يصبح تجربة أكثر إرهاقا ومشقة، فإنها ستكون أيضا أكثر نظافة وأمنا، على الأرجح، من أي وقت مضى. إذ ستقل احتمالات أن يستقل الركاب طائرات قذرة، أو أن يتجنبوا هم أنفسهم غسل أيديهم، أو أن يتركوا هواتفهم دون تنظيف لعدة شهور. كما سيصبح المسافرون أشد اهتماما بالوقاية من الأمراض أكثر من ذي قبل.
في الختام يقول سروسي: "لن يرغب الناس في السفر مع أشخاص مصابين بالأنفلونزا. فهذا الوباء سيغير ثقافة السفر بالنسبة للبشر". لكن يبقى ذلك ثمنا زهيدا، يتعين علينا دفعه، لضمان أن نبقى في صحة جيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.