إشارات غريبة من داخل الجبل، يمكن أن يؤدي إلى واحد من أكبر الاكتشافات العلمية في التاريخ. تبدو المادة المظلمة، مثل عبارة نسمعها في فيلم خيال علمي للإشارة إلى شيء مظلم ولزج وربما خطير إذا تم لمسه، لكنها في الواقع مادة نظرية غير مرئية لأعيننا، يعتقد العلماء أنها تشكل جزءًا كبيرًا من الكون. وعلى الرغم من عدم قدرتنا على رؤيتها، يعتقد الباحثون أنها موجودة بسبب الطريقة التي تتفاعل بها الأجسام الأخرى حولها، على سبيل المثال، كيف للنجوم أن تتحرك في مواقع مختلفة ضمن المجرات الحلزونية بالسرعة نفسها، أو كيف تعمل الغازات في المجرات الأخرى كما لو كانت هناك كتلة أكبر حولها مما يمكن رؤيته. والنظريات حول المادة المظلمة، ظهرت منذ أوائل القرن العشرين، كان أخرها ما أعلن عنه فريق بحثي قوامة 163 عالما من جنسيات متعددة، يُدعى تعاون الزينون XENON، والذي يمكن أن يؤدي إلى واحد من أكبر الاكتشافات العلمية في التاريخ. بعد أكثر من عام من محاولة إقناع أنفسهم بأنهم ينظرون إلى ضوضاء، رصد الفريق خلال واحدة من أكبر وأغلى التجارب العلمية التي تستخدم عنصر الزينون في العالم لمحاولة الكشف عن المادة المظلمة، إشارات غامضة يمكن أن تكون اكتشافًا مثيرًا لجسيم جديد أو دليل ملموس على مادة يمكنها حل بعض أكبر الألغاز حول الكون. بحسب موقع جيزمودو المتخصص بالعلوم، ف(XENON1T) هي عبارة عن تجربة تحتوي على 3.2 طن متري من عنصر الزينون، مدفون عميقًا داخل جبل جران ساسو بإيطاليا، والتي جمعت البيانات من 2016 إلى 2018، حيث ينتظر من الجسيمات أن تتفاعل مع المادة وهو أمر بالكاد يحدث لتسبب طرقة طفيفة في نوى عنصر الزينون أو إلكتروناته، لتطلق ومضات صغيرة من الضوء تكتشف بواسطة أجهزة الاستشعار المثبتة في جدران المختبر. الزينون هو عنصر عديم اللون والرائحة، يتواجد حولنا منه جزيء واحد لكل 11.5 مليون جزيء من الهواء، يستخدم في صورته السائلة في تجارب الكشف عن المادة المظلمة، وفي الصناعة أيضا، وفقا لموقع مبادرة ناسا بالعربي. الإشارات الغامضة التي لفتت أنظار العلماء تم التقاطها في مختبر يقع تحت الأرض بجبل جران ساسو الإيطالي، يمكن أن تشير إلى عدد من الأشياء بحسب موقع (MIC.COM الإخباري: وهي الأكسيونات axion) وهي جسيمات افتراضية تحت ذرية خفيفة وغير مشحونة تتكون منها نظريًا المادة المظلمة، أو النيوترينو (neutrino) وهي جسيمات خفية أولية غير مشحونة كتلتها أصغر الإلكترون تنطلق عبر الكون، أو التريتيوم (tritium) وهو نظير مشع للهيدروجين يشير إلى أن التجربة كانت ملوثة. كان أعضاء الفريق البحثي مترددين من إعلانها كاكتشاف جديد. في رسالته إلى صحيفة نيويورك تايمز عبر البريد الإلكتروني كتب عضو الفريق إيفان شوكلي: "نريد أن نكون واضحين للغاية أن كل ما نبلغ عنه هو ملاحظة فائض (هذا أمر مهم جدا) وليس اكتشافًا من أي نوع". كانت الإشارات الغامضة تشير إلى وجود تفاعلات زائدة، أو تزيد عن ما يمكن أن يتنبأ به النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، وإلى الآن لا يعرف لها سبب فقد تكون حدثا نادرا أو يكون دليلاً على بعض الظواهر الفيزيائية غير المعروفة. إذا تبين أنها مؤشرات على الأكسيونات، عندها يمكن أن تكون خطوة كبيرة نحو تأكيد وجود المادة المظلمة، لكن الأكسيونات المكتشفة من المحتمل ألا تكون أكسيونات المادة المظلمة، فمن الممكن أن تأتي من الطاقة الشمسية، لكن وجودها في حد ذاته يعني أن هناك أنواعًا أخرى من الأكسيونات قد تكون موجودة أيضًا. أما الاحتمال الأكثر إثارة هو أن تكون نيوترينوات (neutrino)، لأن اكتشافها يعني أن لديهم لحظة مغناطيسية - وهو أمر لا يفترض أن يمتلكوه بسبب افتقارهم إلى الشحنة الكهربائية. إن لحظة مغناطيسية تعني مجموعة جديدة من أبحاث الفيزياء ليتم استكشافها. سيكون التلوث بالتريتيوم، هو الاحتمال المخيب للآمال، لما يعنيه هذا من أن تلك الإشارات هي أشياء يجب أن تضعها التجارب المستقبلية في الاعتبار على أنها " ضوضاء خلفية''، أو القيام بإعادة معايرة ألأجهزة لتجاهلها. بسبب عمليات الإغلاق المتعلقة بالوباء تأخرت تجربة فريق "تعاون زينون" شأنها شأن الكثير من المختبرات حول العالم ولكن بمجرد أن استطاع الفريق تجهيز معدات العمل بسرعة، تمكنوا من إجراء العمل على التجربة عن بعد من منازلهم وهم يخططون الآن لإجراء تجربة أخرى على أمل جمع بيانات أكثر حساسية بحلول نهاية هذا العام (إذا سمح لهم الوباء). ويتوقع الفريق أنه إذا كانت تلك الإشارات الغريبة التي عثروا عليها مؤشرات فعلية وحقيقية لشيء ما، فإن عثورهم عليه سيكون في غضون شهر إلى شهرين من بعد العودة من الإغلاق. وحتى ذلك الحين، لا يزال مصدر هذه الإشارات لغزًا محيرًا مشوقا لعلماء الفيزياء.