ترامب: أمريكا قدمت الكثير من الأسلحة إلى أوكرانيا    مؤسسة غزة الإنسانية تنفي تقريرا لأسوشيتد برس عن استخدام متعهديها للذخيرة الحية    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 والقنوات الناقلة.. الهلال ضد فلومينينسي    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. استقرار بعد موجة تراجع    «أوقاف شمال سيناء»: تنفيذ قوافل دعوية في 3 مراكز للشباب الأربعاء المقبل    بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 وعيار 21 الآن    قوات الاحتلال تنسحب من أمام مبنى محاصر في جنين بعد اعتقال شاب    وزير الأوقاف: الاحتلال يواصل سلسال جرائم الحرب والإبادة باغتيال الدكتور مروان السلطان وأسرته    أسعار الدواجن في شمال سيناء اليوم الجمعة    الهلال يُكرم حمد الله قبل موقعة فلومينينسي في مونديال الأندية    حالة الطرق اليوم، مرونة مرورية علي كافة الطرق ومحاور القاهرة والجيزة    الأرصاد تحذر من ارتفاع الرطوبة اليوم الجمعة: الطقس شديد الحرارة    لليوم الثالث.. استمرار البحث عن 3 مفقودين في حادث غرق حفار البترول بجبل الزيت    فيلم أحمد وأحمد يحقق هذا الرقم في ثاني ليالي عرضه    ترامب: "الشيوعي" زهران ممداني يريد تدمير نيويورك ولن أسمح بذلك    السفير ماجد عبد الفتاح عن إصلاح مجلس الأمن: أبقى قابلني.. الأمم المتحدة تمر بأسوأ حالاتها منذ 40 عاما    «نعم القائد وأسطورة».. مدرب شيكابالا السابق يوجه رسالة له بعد اعتزاله رسميا    حبس قائد سيارة نقل ذكي تحرش بأجنبية بالسيدة زينب    «الجبهة الوطنية» يجتمع بمرشحي الحزب في انتخابات الشيوخ لوضع اللمسات الأخيرة    الصحة بشمال سيناء: فرق طبية شاملة لشواطئ العريش حتى نهاية الصيف    أصالة لزوجها بعد نجاح ألبومها «ضريبة البعد»: «بحبك يا أحن وأعظم شريك»    رئيس اتحاد المهن الطبية: نقف على مسافة واحدة من جميع النقابات    الإيجار القديم.. هل يحق للمستأجر الحصول على شقة من الدولة؟    نشرة التوك شو| احتمالية لتعرض مصر ل"تسونامي" وموعد طرح 110 ألف وحدة "سكن لكل المصريين"    يوم طار باقي 9 أيام، إجازات الموظفين في شهر يوليو 2025    ملاكي طائش دهسه.. التصريح بدفن جثة الطفل "عبدالله" بشبين القناطر    مصدر من الأهلي يوضح ل في الجول الحالة الوحيدة للموافقة على رحيل وسام أبو علي    "لم يكن يحتفل قبل الحادث ولهذا ذهب شقيقه معه".. معالج جوتا يروي الساعات الأخيرة في حياته    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    "قلت له مش هقعد".. شيكابالا يكشف حقيقة تدخله لرحيل كريستيان جروس عن الزمالك    أضرار النوم الكثير، أمراض القلب والاكتئاب وضعف المناعة    أخبار مصر اليوم: شروط الحصول على معاش ربات المنزل 2025.. الأرصاد تعلن تلاشي فرص سقوط الأمطار.. تحقيق عاجل في فضيحة اختلاس التعاون    القانون يحدد ضوابط استعمال آلات رفع المياة في البحيرات.. تعرف عليها    بعد وفاة أحمد عامر .. حمو بيكا يشكف حقيقة اعتزاله الغناء    ماذا قال نجوم كرة القدم تعليقا علي اعتزال شيكابالا ؟ اعرف التفاصيل    أهالي المنيا يشيعون جثامين الأطفال الثلاثة الذين قُتلوا على يد والدهم    الدكتور حاتم سلامة.. بصيرة تتحدى الظلام ورؤية تصنع الأمل    «ظهور تلفزيوني»..شيكابالا يبدأ مهمته الجديدة بعد اعتزال كرة القدم    وظائف حقيقية في انتظارك.. أكثر من 2900 فرصة عمل في كبرى الشركات الخاصة ب الشرقية والمحافظات    اكتشفها خالد يوسف .. من هي ملكة جمال العرب سارة التونسي    الفاصوليا البيضاء ب 80 جنيها.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الجمعة 4 يوليو 2025    لماذا الإسلام دين السلام؟| عالم بالأوقاف يُجيب    رئيس هيئة الاستثمار: المستثمر لن يضطر للتعامل مع 70 جهة.. والمنصة الرقمية تنهي الإجراءات ب 20 يوما    مجدي البدوي: نرفض افتتاح سد النهضة دون اتفاق ملزم يحفظ حقوق مصر المائية    ترامب: أريد أن أرى أهل غزة آمنين بعد أن مروا بالجحيم    الشاي ب لبن| أخصائي تغذية يكشف حقيقة أضراره    ماكرون يهدد طهران بإجراءات انتقامية بسبب اتهام فرنسيين بالتجسس لصالح إسرائيل    مهرجان عمّان السينمائى .. خارج النص    "معكم" يعرض مجموعة من الصور النادرة لأم كلثوم ترصد مسيرة كوكب الشرق    تصل للحبس والغرامة.. عقوبة تسلق الأثار دون ترخيص (تفاصيل)    مراجعة ليلة الامتحان في الرياضيات فرع (الإستاتيكا) للثانوية العامة 2025 (pdf)    كارولين عزمي على البحر ومي عمر جريئة.. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    خالد الجندي: "عاشوراء" سنة نبوية قديمة ليست مقتصرة على الإسلام    خالد الجندي: شرع من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يخالف شرعنا    تفاصيل القبض على أصحاب فيديو السباق في مدينة 6 أكتوبر.. فيديو    لميس جابر: الإخوان وضعوني على قوائم الإرهاب وفضلت البقاء في مصر رغم صعوبة فترتهم    مستشفى 15 مايو ينجح فى إنقاذ مريضين في عمليات حرجة تنتهي بلا مضاعفات    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كورونا والوبائيات والحجر الصحى
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 02 - 2020

كتاب مناسب فى توقيته، صادر حديثا عن الأوبئة والأمراض فى مصر فى النصف الأول من القرن العشرين من عام 1902 إلى عام 1947 (لمؤلفة شابة اسمها نسمة سعد) صادر عن الهيئة العامة للكتاب فى 2019، ولا أظنها طبيبة، وهذا اتجاه إيجابى أن يقبل على دراسة علم الاجتماع الطبى والانثروبولوجيا الطبية باحثون من غير الأطباء، ونتمنى أن تزيد مثل هذه الدراسات التى تعتمد على مدخل تاريخى واجتماعى وتوثيقى للأمراض والأوبئة فى مصر.
وهذا المدخل كان أشهر من عملت عليه باحثة تدعى «لافيرن كونكه»، فى كتابها (أرواح فى خطر، الصحة العامة فى مصر فى القرن التاسع عشر)، ترجمه للعربية الدكتور أحمد زكى، وموضوع الكتاب يتحدث عن علاقة النظم الصحية بالأمراض والأوبئة من وجهة نظر الناس العاديين وليس المؤسسة، بالإضافة إلى الدكتور خالد فهمى وكتبه المهمة «كل رجال الباشا» و«الجسد والحداثة» وغيرهم آخرون.
والواقع أن أهمية هذه الدراسات ترجع إلى أن مصر إلى الآن ووفق دراسات عبء المرض تعانى من عبء مزدوج للمرض (السارية وغير السارية) وإن كان تركيز النظام الصحى يتزايد فى اتجاه الاهتمام بالأمراض غير السارية كالسكر وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى وغيرها.
وفى وقت قريب أغلقت كثيرا من مستشفيات الحميات وتم ضمها كأقسام فى المستشفيات العامة بحجة عدم انتشار الأمراض الوبائية والحميات كالماضى فى القرن التاسع عشر، ولتقليل النفقات، ولاستغلال المساحة الواسعة التى كانت تشغلها.
وتغير الأمر عندما انتشرت جائحة إنفلونزا الخنازير (Swine Flu) فى 2009، وحدث اضطراب فى تعامل الدولة مع الوضع، واستوردوا علاجات بكميات كبيرة (عقار «التاميفلو»)، وأعلنوا حالة الطوارئ العامة، وقاموا بالتخلص من آلاف الحيوانات (الخنازير)، وانتهت الأزمة بعدها بشهور قليلة لما تبينوا أنها لا تختلف كثيرا عن أعراض الانفلونزا الموسمية.
***
وفى هذا السياق من الضرورى فهم الأسباب دائما فى المرض والأوبئة بالذات. فرغم التقدم العلمى والنقلة الكبيرة التى حدثت فى القرن الماضى حيث تم اكتشاف التطعيمات والأمصال والمضادات الحيوية الهامة كالبنسلين إلا أنه على مدار الثلاثين سنة الماضية، زادت حالات تفشى الفيروسات، وأصبح انتشارها سريعا، وأحدثها فيروس كورونا، الذى انتشر فى الصين، وانتقل إلى عشرات الدول الأخرى.
وأيضا ظلت الأوبئة تاريخية فى مصر حيث كنا أحيانا معبرا لها من الشرق إلى الغرب، وذلك بوجه خاص فيما يتعلق بالكوليرا كوباء والذى كان يأتى من الهند إلى مكة ثم السويس ثم الإسكندرية فأوروبا، حيث هاجمت الكوليرا مصر عدة مرات فى تاريخها الحديث كان آخرها عام 1947، والذى عبر يوسف شاهين عنه فى رائعته اليوم السادس. والأصل فى هذا المجال عموما أنها ترتبط بالمحددات الاجتماعية للصحة (مياه الشرب والصرف الصحى والبيئة والتعليم)، وأن الأمراض الوبائية عابرة للحدود والقارات والطبقات الاجتماعية.
كان آخر ظهور للكوليرا كوباء فى مصر عام 1947 فى قرية (القرين) إحدى قرى مديرية الشرقية، وفى محاولة منها لتقليل حدة انتشار الوباء أمرت وزارة الصحة بعزل المرضى والمخالطين لهم، ويذكر أنه عندما طلبت وزارة الصحة من وزارة المالية فتح اعتماد مبلغ 100 ألف جنيه، قام النقراشى باشا رئيس الوزراء فى ذلك الوقت برفع الاعتماد إلى نصف مليون جنيه.
ومن ضمن الإجراءات التى اتخذتها وزارة الصحة أيضا للحد من انتشار وباء الكوليرا منع دخول أى شخص من شمال سيناء إلى داخل البلاد إلا بعد قضاء مدة الحجر الصحى وهى 6 أيام. وقام مدير مصلحة الحجر الصحى «محمد نظيف بك» بعقد اجتماع مع السلطات العسكرية البريطانية لبحث شئون الرقابة الصحية على الطائرات وتقرر أن يتولى مندوب من وزارة الصحة هذا الأمر.
وأما فى ما يتعلق بتجهيز المستشفيات لمقاومة الوباء فقد قررت وزارة الصحة إلغاء العيادات الخارجية فى جميع المستشفيات منعا لانتشار الوباء بسبب ازدحام الجمهور فى هذه العيادات، وقد ألغى وزير الصحة جميع إجازات الأطباء فى الوزارة.
وعلى الرغم من الجهود التى بذلتها الحكومات المتعاقبة فى النصف الأول من القرن العشرين لمكافحة الأوبئة ومنع انتشارها، إلا أنها لم تكن كافية لحل المشكلة نظرا لعدم توجيه هذه الجهود لاستئصال أسباب الأوبئة وتحسين الظروف البيئية والمعيشية التى أدت إلى توطين هذه الأمراض، فكان التحرك الحكومى دائما بعد حدوث المشكلة وليس للوقاية من حدوثها.
***
وفى سياق مكافحة الأوبئة، نشير إلى مفهوم الحجر الصحى والذى يجب أن يكون على قائمة الاهتمامات والأولويات. والحجر الصحى مفهوم ترسخ منذ بدايات القرن التاسع عشر مع انتشار الأوبئة العابرة للحدود وأشهرها الطاعون والجدرى والكوليرا والتى تحمل لنا ذكريات مأساوية.
ولقد كان أشهر مبنى للحجر الصحى فى مصر (فى عصر محمد علي) فى مدينة الإسكندرية باعتبارها معبرا من الشرق إلى الغرب.
وكان أطرف ما كتب بخصوص الحجر الصحى ذلك الذى طرحه رفاعة الطهطاوى كإمام للبعثة المصرية من الدارسين هناك، وعندما وصلوا إلى مارسيليا، تم حجزهم لفترة فى الحجر الصحى، وخشى الشيخ رفاعة وتساءل سؤاله المدهش: هل هذا مما يجيزه الشرع؟
وكان هو شخصيا بعد ذلك من تعلم الفرنسية، وترجم عنها، ولم يكتفِ بكونه إمام البعثة وإنما عاد ليؤسس فى مصر مدرسه الألسن ويترجم العديد من أمهات الكتب.
وجدير بالذكر أنه من المهم دراسة علاقة الصراعات السياسية بالصحة العامة، وتأثير الأوبئة على الاقتصاد العالمى، فعلى سبيل المثال قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية «إن الإجراءات الأمريكية تخلق وتؤدى فقط إلى نشر الخوف بدلا من تقديم المساعدة». وأضاف «إن الولايات المتحدة كانت أول دولة تفرض حظرا على السفر على المسافرين الصينيين لدخول أمريكا، وأول من اقترح سحب جزئى لموظفى سفارتها». ويكمل: «إن البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة التى تتمتع بقدرات قوية فى مكافحة الأوبئة هى التى اتخذت زمام المبادرة فى فرض قيود مفرطة تتعارض مع توصيات منظمة الصحة العالمية».
وأيضا تصريح وزير التجارة الأمريكى «ويلبر روس» إن الفيروس الذى تفشى فى الصين مؤخرا قد يساعد فى جلب فرص عمل للولايات المتحدة، وهو التصريح الذى قوبل بانتقادات شديدة من قبل العديد من خبراء الصحة العامة.
وفى الخلاصة، ما نستطيع عمله هو تحسين استراتيجيات الكشف المبكر عن الأوبئة فى نظامنا الصحى، وأن تكون أولويتنا فى تشخيص وعلاج الأشخاص المصابين، وتوفير كواشف كورونا بمقدار ملائم، وأن يكون ذلك بالتنسيق مع الجهات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، وهذه فرصة لتقوية منظومة الرعاية الوقائية فى مصر، وتدعيم المحددات الاجتماعية للصحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.