بعدما انتشر مرض "الكوليرا" فى اليمن، انتشرت التخوفات لدى المصريين من أن يهاجم المرض مصر، خاصة أنه سريع العدوى، وهو ما دفع سلطات الحجر الصحى بمطار القاهرة الدولى إلى إعلان حالة الطوارئ لمنع تسلل الوباء وسط الركاب القادمين إلى مصر، حيث تم الدفع بعدد من الأطباء المتخصصين فى الكشف عن الأمراض الوبائية بالمطار. و"الكوليرا" مرض وبائى يمكن علاجه بسهولة، عبر الإسراع فى تناول أملاح الإمهاء الفموى لتعويض السوائل المفقودة، أو إعطاء السوائل فى الوريد، غير أنه لو تركت الكوليرا بلا علاج فإنها سرعان ما تؤدى إلى الوفاة. أما عن طرق الوقاية فتتم عبر توفير المياه النظيفة، ونظافة الأغذية وجودتها وإتباع الممارسات السلوكية الصحية الأساسية، كضرورة غسل اليدين بالصابون على نحو منتظم بعد الإبراز وقبل مسك الأطعمة أو تناوله، والاستخدام الواسع لعناصر الوقاية الكيميائية. من جانبه، قال خالد سمير عضو مجلس نقابة الأطباء، إن فيروس الكوليرا صعب انتشاره بين البلاد وبعضها وهو عبارة عن فيروس يصيب الأمعاء ويظهر عل هيئة إسهال وتكون فترة الحضانة الخاصة به قصيرة وليس كفيروس الإنفلونزا سهل انتقاله. وأكد "سمير" فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن من أهم أسباب هذا المرض عدم غسل الأيدى، وتناول الأطعمة الفاسدة وقد يؤدى إلى الجفاف بالإضافة إلى أن المرض ينتشر فى البلاد التى تعانى من شبكات الصرف الصحى مشيرا إلى أن المرض صعب انتشاره فى مصر حيث إن أسباب انتشاره غير موجودة داخل مصر. وطالب عضو مجلس النقابة، الدولة بوضع الإجراءات والاستعدادات داخل المطارات المصرية وخاصة الرحلات القادمة من اليمين لمنع انتشار المرض عن طريق إجراء الفحوصات والتحاليل لجميع المواطنين اليمنيين حيث إن المرض معد ويأتى عن طريق الأشخاص. وبدورها، قالت الدكتورة مديحة خطاب، رئيس لجنة تقييم شركات الأدوية القابضة بوزارة الصحة، إن الكوليرا مرض وبائي من الدرجة الأولى، ويعتمد على الوقاية أكثر من العلاج، مشيرة إلى أن الوقاية بدايتها الاهتمام بالصحة والنظافة العامة والشخصية للمواطنين، والحرص على انتقاء الطعام النظيف، والبعد أن أي مصابين بالمرض لأن الكوليرا سريعة العدوى والانتشار. وأوضحت "خطاب" أنه حال رصد حالات فعلية لابد من اللجوء للتطعيمات المضادة للمرض من أجل محاصرته قبل انتشاره بشكل أوسع، ولأن توفير التطعيمات تساهم في القضاء على الأمراض الوبائية بشكل خاص. وأشارت إلى أن الأمراض الوبائية تنتشر بكثرة في المناطق الفقيرة، التي لا تصلها الخدمات الصحية بالشكل الأمثل، وليس لدى قاطنيها ثقافة صحية، في انتقاء الطعام والبعد عن الملوثات. وفي ذات السياق، قال الدكتور مدحت قنديل، مدير الحجر الصحى بالمطار، إن وزارة الصحة ضاعفت عدد الأطباء والمراقبين الصحيين بصالات الوصول في المطارات لمتابعة الطائرات وفحص الركاب القادمين من المناطق الموبوءة. وأشار "قنديل" إلى أنه ستتم مناظرة الركاب للتأكد من عدم إصابتهم بوباء الكوليرا، وتسجيل بيانات كل الركاب حتى لو لم تظهر عليهم أعراض الوباء من أجل متابعتهم في مقار إقامتهم بالتعاون مع مديريات الصحية التابعين لها. وأوضح أنه حال الاشتباه في أي حالة سيتم عزلها ونقلها على الفور إلى مستشفى حميات العباسية لإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة، وذلك بهدف منع تسلل أي إصابة للبلاد. وعرفت القاهرة وباء الكوليرا لأول مرة في تاريخها خلال عام 1883، وسجل المرض ظهوره الأول في محافظة دمياط، ومنها انتشر إلى باقي المدن المصرية، وحاولت قوات الاحتلال البريطاني، آنذاك، إيهام المصريين بأن المرض محلي وبدايته من مصر. وأثبتت التحقيقات الرسمية، أن أحد قائدي السفن البريطانية أتى إلى مصر قادمًا من الهند وكان يحمل جراثيم الكوليرا، وبنهاية العام تم القضاء على المرض، بعدما خلف 95 مصابًا توفى منهم وفقًا للتقارير الرسمية 40 مصريًا. ولم تكن تلك الواقعة السالف ذكرها، هي الموجة الأخيرة لوباء الكوليرا في مصر، لكنه عاود الظهور للمرة الثانية عام 1902، وقضى على أغلب جنود الاحتلال الإنجليزي في معسكر التل الكبير، ثم انتقل إلى بلدة القرين بمحافظة الشرقية، وانتشر كالريح في جميع أنحاء مصر، وخلف 35 ألف حالة وفاة. وتعرضت القاهرة لموجة ثالثة من الوباء خلال عام 1947، حينما كانت مصر واقعة تحت الاحتلال الإنجليزي، وانتقل الوباء إليها عبر اثنان من عساكر الإنجليز، كانا عائدين من الهند، وانتقلت العدوى بعدها إلى اثنان فلاحين في قرية الكورية التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وتم تشخيصها وقتها بأنهما مصابان بالتسمم الغذائي.