مدير «خط نجدة الطفل»: 17 ألف بلاغ بتعرض أطفال لعنف جسدى وجنسى منذ مطلع العام أستاذ تخطيط اجتماعى: ارتفاع نسب الطلاق واتخاذ أحد الزوجين الطفل كسلاح أهم أسباب «العنف».. إخصائى علم نفس: انهيار القيم وغياب الدور التربوى للأسر والمجتمع السبب.. وأستاذة إعلام: يجب إطلاق حملات توعية مستمرة ضد العنف والعقوبات بحق مرتكبى جرائمه حالات تعذيب «ما بين ضرب وحرق وإحداث عاهة مستديمة»، وجميعها جرائم ترتكب بشكل متكرر بحق أطفال، ما ينذر بخطر حقيقى يحمل عواقب وخيمة وأضرارا علاجها قد يصبح مستقبلا مستحيلا، وهو ما يتطلب تدخلا سريعا وقراءة دقيقة لنوعية تلك الحوادث التى تحول فيها الصغار لميدان حرب لتصفية خلافات زوجية أو إهمال وغياب وعى. تكشف صفحات الحوادث بالصحف اليومية والمواقع الإخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعى والبلاغات المقدمة لخط نجدة الطفل بالمركز القومى للأمومة والطفولة، عن تعرض آلاف الأطفال خلال العام الحالى، لحوادث عنف جسدى وجنسى، أغلبها دارت أحداثها داخل المنزل أو فى الشارع والمدرسة، بينما يتوقع خبراء فى الطب النفسى والاجتماعى زيادة تلك الحالات مستقبلا. وأرجع خبراء ناقشتهم «الشروق»، أسباب انتشار ظاهرة العنف ضد الأطفال إلى ارتفاع نسب الطلاق بين الأزواج، بالإضافة إلى انهيار منظومة القيم وغياب الدور التربوى، للأسرة والمجتمع. مدير خط نجدة الطفل بالمركز القومى للأمومة والطفولة صبرى عثمان، يكشف عن تلقى المركز نحو 300 ألف مكالمة، احتوت على 17 ألف بلاغ، بمعدل 936 مكالمة يومية وذلك منذ مطلع العام وحتى منتصف شهر نوفمبر الماضى، موضحا أن الشكاوى تنوعت بين العنف الجسدى والجنسى، بحق أطفال وأن أغلب تلك الوقائع حدثت داخل المنزل وفى الشارع والمدرسة، متوقعا زيادة عدد تلك البلاغات فى المستقبل. ويؤكد أستاذ التخطيط الاجتماعى بجامعة حلوان، محمود عودة، أن أول أسباب العنف ضد الأطفال ارتفاع نسب الطلاق، موضحا أن تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء الصادر فى أول يناير الماضى يشير إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق بنسبة 6.7% فى العام الماضى مقارنة بالعام 2017؛ حيث بلغ عدد شهادات الطلاق الصادرة 211 ألفا و554 شهادة فى 2018 مقابل 198 ألفا و269 شهادة طلاق فى العام السابق له. وأضاف عودة، أن حالات الطلاق فى مصر أصبحت بواقع حالة واحدة كل دقيقتين ونصف الدقيقة، كما تبين أن نسبة غير المتزوجين بين الشباب والفتيات وصلت إلى 15 مليون حالة، كما يقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون «على يد مأذون»، ما تسبب فى تشريد نحو 7 ملايين طفل، بالإضافة إلى 250 ألف حالة خلع قائلا: «هذه نسبة تحتاج إلى دراسات عميقة وبخاصة وأن الزواج يعد استقرارا وليس فرارا بين زوجين». وأشار إلى أن ثانى أسباب العنف ضد الأطفال اتخاذ أحد الزوجين الطفل كسلاح ضد الطرف الآخر بحيث يقوم طرف بإيذاء الطفل نكاية فى الطرف الآخر، لنجد حالات يتعرض فيها الطفل للتعذيب سواء بالضرب أو الكى بالنار كما توضح تفاصيل أغلب حوادث العنف ضد الأطفال. وأكد أن تلك الوقائع ينتج عنها إصابة الطفل بحالة نفسية سيئة للغاية قد تجعله عرضة للانحراف مع أى تيار إجرامى، بالإضافة إلى أنها تدفعه إلى سلوكيات غير سوية، مشددا على ضرورة اتخاذ إجراءات بين الزوجين حال الانفصال من شأنها الحفاظ على الأطفال والتى يأتى من أهمها أداء الأب لواجباته نحو أبنائه. من جهته، أشار أستاذ الإعلام بجامعه القاهرة، شريف حرب، إلى إطلاق عدة جهات حكومية مثل المجلس القومى للطفولة والأمومة حملات توعية من خلال متابعة حالات العنف ضد الأطفال، بما له أثر عظيم فى حماية الأطفال من العنف بالإضافة إلى لجان حماية الأطفال من العنف التى تقوم بها وزارة التضامن ومشيخة الأزهر الشريف، مؤكدا ضرورة شن تلك الحملات الإعلانية بصفة مستمرة، مضيفا أنه يجب على الإعلام أيضا بث التوعية من مخاطر العنف ضد الأطفال مع توضيح القوانين والعقوبات بحق مرتكبى تلك الجرائم. أستاذة علم النفس بجامعة القاهرة، أميمة مصطفى كمال، توضح أن انهيار القيم وغياب الدور التربوى، للأسر والمجتمع، سبب المشكلات التى تؤدى إلى العنف بحق الأطفال بالطريقة البشعة التى تتناقلها بشكل مستمر وسائل التواصل الاجتماعى، موضحة أن غياب الأب عن الأسرة وعدم اهتمامه بالأطفال وتركهم للأم لقيام بدور الأبوين أمرا يزيد من معاناة الأمهات المطلقات. ولفتت إلى أن إهمال والد الأطفال فى رعاية أبنائه ماديا يزيد مسئولية الأم ويرهقها ما يؤثر بالسلب على الأطفال لتبدأ مشاكل تعرضهم لكل أنواع العنف البدنى والنفسى بالإضافة إلى غياب القدوة لدى الأسرة ودور ما كان يعرف ب«كبير العائلة»، الذى يحتوى المشكلات ويعمل على عدم خروجها عن المحيط الأسرى؛ حيث بات الجميع يتصرف بطريقة منفردة، لافتة إلى ضرورة استعانة الأسرة بطبيب نفسى أو استشارى علاقات أسرية لإعادة توازن الأسرة بعد تعرض الأطفال للعنف مع العمل على وقايتهم من الأضرار التى تنجم عن الطلاق. وأكدت ضرورة الاهتمام بالأطفال بعد انفصال الزوجين، عبر سماع شكواهم وتشجيعهم دراسيا ورياضيا، مع حثهم على تكوين صداقات، مطالبة بتشديد العقوبة على كل من يعنف الأطفال ويعرض حياتهم للخطر. ورصدت «الشروق» عدة حالات تعذيب أسرى راح ضحيتها عدد أطفال، كان آخرها واقعة مقتل الطفلة «كاميليا» التى تناقلت وسائل الإعلام أخيرا تفاصيل وفاتها على يد والدتها الصيدلانية «المريضة نفسيا»؛ حيث ظلت الطفلة حتى وفاتها حبيسة صراع بين والدها ووالدتها بعد طلاقهما، حتى وضعت الأم نهاية الصراع مع طليقها بقتل الطفلة بجرعة من الحبوب المهدئة. وفى قرية الأحمدية بشربين بالدقهلية، أقدمت أم على قتل طفليها «3 أعوام و5 سنوات»، بطريقة إجرامية بحبوب عقار «الاندرينال» للتخلص منهما للطلاق من زوجها بائع أسطوانات الغاز. وأفاد والد الطفلين «سامى. ع. ر» 30 عاما فى محضر رسمى أنه شك فى قتل زوجته للطفلين بسبب الوقت القصير بين الوفاة الأولى والثانية للطفلين قائلا: إن ابنته «ريماس» توفت فى 30 أكتوبر الماضى، وبعد دفنها وفى 28 نوفمبر الماضى توفى ابنه «جمال». وأضاف، فى بلاغه: «أنه لم يشتبه حينها بوفاة الطفلين جنائيا، لكن عثوره بعدها داخل المنزل على علبة دواء تحتوى على 4 شرائط فارغة لعقار ما دعاه للشك فى أن وفاة طفليه كانت جنائيا. وبتشكيل فريق بحث من ضباط المباحث، توصلت جهود إلى أن وراء ارتكاب الواقعة زوجة صاحب البلاغ وأم الطفلين «لمياء. ع. س» 24 عاما، ربة منزل، وبمواجهتها اعترفت بارتكاب الواقعة، بهدف الطلاق من زوجها. الطفل مروان، ظهر فى مقطع فيديو تم بثه على مواقع التواصل الاجتماعى، وأمه تعنفه وتطالبه بالاستنجاد بوالده ليضمه إلى حضانته، وذلك لعدم تقديم والده «طليقها»، أى مبلغ مالى للمساعدة فى تربيته هو وشقيقه بعد الطلاق وزواجه من أخرى.