بدأ انتشار الشرطة العسكرية الروسية على الحدود الشمالية الشرقيةلسوريا يوم الأربعاء بموجب اتفاق مع تركيا لإخراج المقاتلين الأكراد من المنطقة في حين قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن هجوم تركيا على القوات الكردية انتهى. وبعد أسبوعين فقط من سحب ترامب للقوات الخاصة الأمريكية مما أفسح المجال أمام القوات التركية لاجتياح شمال شرق سوريا واستهداف الحلفاء السابقين لواشنطن من الأكراد أظهر نشر الشرطة الروسية مدى التحول السريع لميزان القوة في المنطقة. وذكرت وكالات أنباء روسية يوم الأربعاء أن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو تحدث مع قائد قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في سوريا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة. وقالت وكالة إنترفاكس إن شويجو أبلغ القائد بأن روسيا ستزيد عدد أفراد الشرطة العسكرية الروسية قرب الحدود السورية التركية. كما ناقش الاثنان تطبيق الأكراد للاتفاق الروسي التركي بشأن سوريا الذي أُعلن أمس الثلاثاء. وعلقت تركيا هجومها الأسبوع الماضي وفق اتفاق توسطت فيه الولاياتالمتحدة يتضمن انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية وحصلت بعد ذلك على دعم روسي هذا الأسبوع لاتفاق أشمل يقضي بإبعاد وحدات حماية الشعب من كامل الحدود الشمالية الشرقية. وفي كلمة وجهها من البيت الأبيض قال ترامب إن تركيا أعلنت أن اتفاق وقف اطلاق النار الذي ابرم الأسبوع الماضي أصبح دائما مما يمهد الطريق أمام الولاياتالمتحدة لرفع العقوبات التي فرضتها على الواردات التركية ردا على الهجوم عبر الحدود. وقوبلت العملية العسكرية التركية بتنديد واسع النطاق من حلف شمال الأطلسي والحلفاء في الاتحاد الأوروبي الذين قالوا إنها ستتسبب في أزمة إنسانية جديدة في سوريا التي تعيش حربا أهلية منذ ثماني سنوات، ويمكن أن تؤدي إلى هروب السجناء من تنظيم الدولة الإسلامية الذين تحتجزهم وحدات حماية الشعب الكردية وإعادة تجميع صفوفهم. وقال ترامب ”أبلغت حكومة تركيا إدارتي في وقت سابق هذا الصباح بأنها ستوقف حملتها وهجومها في سوريا وستجعل وقف إطلاق النار دائما“ مضيفا أنه أعطى توجيهات برفع العقوبات عن أنقرة ”ما لم يحدث شيء لا نرضى به“. وقال مسؤول كبير بإدارة ترامب إن الولاياتالمتحدة لا ترى أدلة على ارتكاب القوات التركية عمليات تطهير عرقي في شمال شرق سوريا في أعقاب الانسحاب الأمريكي من هناك.
وأضاف أن تركيا أكدت للولايات المتحدة أن مثل هذا الأمر لن يحدث. ويشكل وصول الشرطة إلى كوباني بداية مهمة لقوات أمنية روسية وسورية لإبعاد وحدات حماية الشعب 30 كيلومترا على الأقل في عمق سوريا بموجب اتفاق توصل إليه الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان يوم الثلاثاء. كما يسلط الضوء على هيمنة نفوذ بوتين في سوريا ويؤكد عودة قوات حليفه بشار الأسد إلى الحدود الشمالية الشرقية لأول مرة منذ سنوات. وسيمثل الانسحاب الكامل لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية بسبب صلاتها بمتمردين داخل تركيا، انتصارا لأردوغان الذي قال إنه يسعى لإقامة ”منطقة آمنة“ لعودة اللاجئين السوريين. وتمثل كوباني رمزية خاصة للمقاتلين الأكراد الذين حاربوا مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية عندما كانوا يحاولون الاستيلاء على المدينة في 2014-2015 في واحدة من أشرس معارك الحرب الأهلية السورية. وستبدأ قوات روسية وتركية يوم الثلاثاء القادم دوريات مشتركة في قطاع يمتد عشرة كيلومترات في شمال شرق سوريا حيث كانت تنتشر القوات الأمريكية مع الأكراد، حلفائها السابقين. ولم يبد قادة المقاتلين الأكراد رد فعل بعد على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود ولم تتضح على الفور كيفية تنفيذ انسحابهم. * تحذير روسي قال ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين إنه إذا لم تنسحب القوات الكردية فإن حرس الحدود السوري سيضطر مع الشرطة العسكرية الروسية للتراجع ”وستقع التشكيلات الكردية المتبقية حينئذ تحت طائلة الجيش التركي“.
وقال بيسكوف في انتقاد لواشنطن، التي شككت في كيفية تنفيذ الاتفاق، إن الولاياتالمتحدة كانت أقرب حليف للمقاتلين الأكراد لكنها غدرت بهم. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالات أنباء روسية أن الأمريكيين ”يفضلون الآن أن يتركوا الأكراد على الحدود وأن يضطروهم تقريبا لقتال الأتراك“. وكانت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد الحليف الرئيسي لواشنطن في قتالها لإجهاض دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وانتقد مشرعون أمريكيون، منهم جمهوريون، قرار ترامب سحب القوات باعتباره غدرا بالأكراد. وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني يوم الأربعاء إن ترامب وعد بالحفاظ على دعم طويل الأمد للقوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على قطاعات كبيرة في شمال شرق سوريا. وفي مؤشر على تنامي الروابط بين أنقرةوموسكو، نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن رئيس وكالة المبيعات الدفاعية الروسية قوله إن روسيا قد تسلم تركيا المزيد من أنظمة إس-400 الدفاعية المضادة للصواريخ. وتقرر بالفعل تجميد وضع تركيا عضو حلف شمال الأطلسي في برنامج للشراء والمشاركة في إنتاج مقاتلات إف-35، وهي تواجه عقوبات أمريكية محتملة لشرائها المنظومة الدفاعية الروسية إس-400 التي تقول واشنطن إنها لا تتماشى مع دفاعات حلف الأطلسي وتهدد طائرات إف-35 إذا ما جرى تشغيلها بجوارها. وقال وزير الدفاع خلوصي أكار في مقابلة مع رويترز إن الخلافات بشأن مقاتلات إف-35 يمكن التغلب عليها. وأضاف أنه رغم الانتقادات من الحلفاء بشأن التوغل في سوريا وعلاقاتها المتنامية مع موسكو تظل تركيا في قلب حلف شمال الأطلسي. وقال ”نحن في وسط حلف شمال الأطلسي وسنظل مصممين على المضي قدما في تحمل كامل مسؤولياتنا. لن نذهب لأي مكان“. * ”الاعتراف بالأسد“ يحقق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في سوتشي يوم الثلاثاء طلب تركيا دفع وحدات حماية الشعب الكردية بعيدا عن المنطقة الحدودية، لكنه يعني أيضا أن على أنقرة تعزيز التنسيق الأمني مع دمشق بعد سنوات من العداء بين أردوغان والأسد.
وقد يتعين على أنقرة كذلك الحد من طموحاتها العسكرية في المنطقة. وقالت مصادر أمنية تركية إن أنقرة تعيد تقييم خطة لإقامة 12 موقع مراقبة في شمال شرق سوريا في أعقاب الاتفاق. وقالت وزارة الدفاع الروسية في وقت لاحق إن الحكومة السورية ستقيم 15 مركزا على الحدود. وقال الأسد وبوتين إن القوات التركية لا يمكن أن تبقى في سوريا على المدى الطويل. وقال يوري بارمين المختص بشؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث مجموعة موسكو للسياسات ”الجزء الأهم من الاتفاق الروسي التركي هو وصول حرس الحدود السوري إلى الشمال الشرقي، وهو أمر كانت دمشقوروسيا تسعيان إليه منذ فترة طويلة“. وأضاف ”وهذا يعني كذلك اعترافا فعليا من أردوغان بالأسد“.