رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    الأكاديمية البحرية تطلق المؤتمر الدولي للذكاء الآلي والابتكارات الذكية الأحد    السعودية تحذر من الدخول لهذه الأماكن بدون تصريح    برلمانى: التحالف الوطنى نجح فى وضع أموال التبرعات فى المكان الصحيح    مصدر مصري رفيع المستوى: مفاوضات غزة مستمرة وجارٍ مناقشة بعض التفاصيل    حزب الغد: نؤيد الموقف الرسمى للدولة الفلسطينية الداعم للقضية الفلسطينية    دوري أبطال أوروبا، خوسيلو يقلب الطاولة على بايرن ميونخ بالهدف الثاني في الوقت القاتل    أخبار الحوادث اليوم: حجز السودانية بطلة فيديو تعذيب طفل بالتجمع.. والسجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز القاهرة الجديدة    تفاصيل حفل عمرو دياب الجديد في دبي    مركز السينما العربية يكشف عن أسماء المشاركين في فعالياته خلال مهرجان كان    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    مواصفات سيارة تويوتا كامري ال اي ستاندر 2024    عزت إبراهيم: اقتحام إسرائيل لرفح الفلسطينية ليس بسبب استهداف معبر كرم أبو سالم    الرئيس الكازاخستاني: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يمكنه توفير الغذاء لنحو 600 مليون شخص    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    كوارث خلفتها الأمطار الغزيرة بكينيا ووفاة 238 شخصا في أسبوعين.. ماذا حدث؟    مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يكشف عن توصيات منتدى «اسمع واتكلم»    سلمى الشماع: مهرجان بردية للسينما الومضة يحمل اسم عاطف الطيب    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    وزير التعليم يُناقش رسالة ماجستير عن المواطنة الرقمية في جامعة الزقازيق - صور    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    .. ومن الحب ما قتل| يطعن خطيبته ويلقى بنفسه من الرابع فى أسيوط    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    السنباطى رئيسًا ل «القومى للطفولة» وهيام كمال نائبًا    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    عامود إنارة ينهي حياة ميكانيكي أمام ورشته بمنطقة البدرشين    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات الاستقرار في العراق
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 10 - 2019

يعانى العراق منذ الغزو الأمريكى وحتى الآن أى على مدى نحو 16 عاما من عدة تحديات لتحقيق الاستقرار والأمن والانطلاق فى تنفيذ خطة شاملة للتنمية تخرج أغلبية الشعب العراقى من حالة المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية إلى الحياة التى يتطلع إليها وإلى تحقيق ولو بعض الوعود التى أفرطت فيها الولايات المتحدة عند غزوها واحتلالها للعراق والادعاء بأن العراق سيحقق دولة نموذجا للديمقراطية والتنمية والاستقرار لكل دول المنطقة. وقد اتضح أن هذا كله مجرد ادعاء بلا مضمون وبلا أيه نية لتحقيقه وإنما الهدف من إشاعته وترويجه كان التغطية على الغزو والاحتلال الأمريكى للعراق بدون أسباب حقيقية وبلا أى غطاء من الشرعية الدولية.
وكانت النتيجة أن تحول العراق إلى حالة متصلة من عدم الاستقرار وبطء عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإهدار الموارد الطبيعية والبشرية نتيجة تداخل عدة تحديات واجهت، وما زالت تواجه العراق، منها:
• تحدى تحقيق المصالحة الوطنية العراقية على أسس من المصارحة والمصالحة والشفافية والعمل على إعادة التئام اللحمة الوطنية بين فئات وطوائف الشعب العراقى بتعددها الدينى والمذهبى والعرقى والسياسى. وربما يكون قد تحقق نوع من التعايش والتراضى ولكنه لم يصل بعد إلى المصالحة الكاملة ومغادرة المواقف الفئوية الضيقة للانطلاق نحو إعادة بناء عراق جديد على طريق التنمية الشاملة.
• تحدٍّ آخر وهو نظام المحاصصة الذى فرضته سلطات الاحتلال الأمريكى وتم تقنينه فى الدستور، وهو فى حقيقة الأمر يكرس حالة الانقسام على أسس ظاهرية من المصالح الضيقة لكل فصيل من الفصائل العراقية على حساب الوحدة والاندماج لتدعيم قوة الدولة وحشد جهودها ومواردها لإعادة الإعمار والبناء لما خربته حروب استمرت منذ ثمانينيات القرن العشرين حتى الآن.
وقد أدى نظام المحاصصة إلى هشاشة كل الائتلافات الحكومية المتتالية لتشكيلها على أساس التراضى والمواءمات الوقتية لمصالح كل فئة وهو ما أدى إلى تنازع فى السلطات وتركيز كل حصة وزارية على تحقيق مصالح الفئة التى تمثلها بغض النظر عن مدى تحقيق ذلك للمصلحة الوطنية العراقية والنهوض بمؤسسات الدولة.
• تحدى الفساد سواء على مستوى بعض الشخصيات العامة أو المؤسسات والشركات أو المستويات الإدارية الصغيرة على مستوى الدولة العميقة والتى وجدت فى شيوع الفئوية والعشائرية وتوزع مراكز القوى بين عدة جهات مدنية ودينية وسياسية، مناخا ملائما لتحقيق مكاسب شخصية أو لمجموعات محدودة عن طريق الفساد وعدم الشفافية وغياب المحاسبة الحازمة فى معظم الأحيان.
• تحدى ازدواجية عمل المؤسسات المحلية والمركزية نتيجة لما تضمنه الدستور الذى وضع ملامحه الأساسية الاحتلال الأمريكى، وقد أسهم فى ذلك الانقسام المذهبى ما بين شيعة وسنة من ناحية وعرب وأكراد من ناحية أخرى، رغم أن الأكراد سنة ولكنهم صنفوا فئة عرقية لها نصيب فى سلطات الدولة على المستوى المركزى فى العاصمة بغداد وعلى المستوى الإقليمى فى أربيل عاصمة إقليم أكراد العراق. وقد استغلت كثير من الهيئات والمؤسسات والشركات الأجنبية هذه الأوضاع لتحقيق مصالحها حتى ولو بطريقة تفتقر إلى الشفافية واحترام القواعد المراعية ولو من النواحى الشكلية.
• تحدى التنظيمات والجماعات الإرهابية، وقد نمت وانتشرت فى ظل وجود قوات الاحتلال الأمريكية ابتداء من القاعدة التى لم يكن لها أى وجود فى العراق قبل الغزو الأمريكى والتى تحولت بعد ذلك إلى تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) وسيطرت على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا وتم دحرها ولكن دون القضاء عليها. وقد أدى الوجود القوى لداعش فى العراق إلى تشكيل الحشد الشعبى العراقى وعدة ميلشيات أخرى، ولكن كان أكبرها وأقواها الحشد الشعبى، والذى سمح لعناصر وخبراء إيرانيين مدعومين من الحرس الثورى الإيرانى، بالتطوع فى الحشد الشعبى العراقى الذى لعب دورا كبيرا فى القضاء على داعش فى الموصل. وبقى الحشد الشعبى قائما حتى الآن وتعمل الحكومة العراقية برئاسة عادل عبدالمهدى على دمج كل الميليشيات بما فيها قوات الحشد الشعبى فى الجيش والأمن الرسمى العراقى، ولكنها تلقى مقاومة بتشجيع من الحرس الثورى الإيرانى حتى يكون الحشد الشعبى العراقى موازيا لقوات الجيش والأمن ومناظرا للحرس الثورى الإيرانى.
• تحدى التدخلات الإقليمية فى الشئون العراقية التى اتسع مداها خاصة من جانب إيران التى أصبح لها نفوذ قوى فى الأوساط العراقية إلى جانب نمو كبير وتزايد العلاقات الاقتصادية والتجارية وفى مجال الطاقة سواء الكهرباء أو الغاز خاصة على المناطق الحدودية، إلى الحد الذى أعلنت فيه الحكومة العراقية أنه ليس باستطاعتها الالتزام بتطبيق العقوبات الأمريكية على إيران لما فى ذلك من أضرار كبيرة لا تتحملها الأوضاع الاقتصادية الحالية فى العراق، وعلى الرغم من عدم رضا واشنطن عن ذلك إلا أنها قدرت الموقف ولم تعترض عليه.
***
أكثر من ذلك فقد أعلنت الحكومة العراقية الحالية أن العراق لن يكون مجالا للصراعات بين القوى الإقليمية أو الدولية، بل سيعمل ويسعى دائما للوساطة بين كل هذه الأطراف من أجل تخفيف حدة التوتر التى تصاعدت فى الفترة الأخيرة فى منطقة الخليج بما ينذر باحتمالات خروج الموقف عن السيطرة، ومن ثم كانت مساعى بغداد للوساطة بين السعودية وإيران من ناحية، وبين إيران وواشنطن من ناحية أخرى.
كما أن تركيا بدورها لا تكف عن التدخل فى شمال العراق بين الحين والآخر بدعوى حماية أمنها من العناصر الكردية التركية على مناطق الحدود المشتركة بين البلدين، وقد سبق أن عارضت تركيا وإيران بقوة اتجاه أكراد العراق إلى إعلان الاستقلال وهو ما ساعد على عدم نجاح هذا المسعى.
وقد اندلعت مظاهرات شعبية فى عدة مدن عراقية وفى العاصمة بغداد ومعظمها فى المحافظات ذات الأغلبية الشيعية وقد اتسمت بعضها بالعنف مما أدى إلى مقتل أكثر من مائة متظاهر و6 من عناصر الشرطة وقدر عدد الجرحى بنحو 6 آلاف جريح. ووجهت اتهامات لعناصر مدربة ومندسة بإطلاق الرصاص على المتظاهرين وإطلاق بعض العناصر الأمنية النار أيضا على المتظاهرين، وذلك بهدف إحداث حالة من الفوضى وتصعيد مطالب المتظاهرين من مطالب اقتصادية واجتماعية وخدمات إلى مطالب سياسية لإسقاط الحكومة واتهامها بالتقصير وعدم محاسبة الفاسدين.
وقد استجابت الحكومة لمعظم مطالب المتظاهرين وأقرت بأنهم على حق فى مطالبهم، وشكلت عدة لجان فى مجال الإسكان وتوزيع الأراضى، والتوظيف وحل مشكلات انقطاع التيار الكهربائى ومشكلات المرافق العامة والتعليم والصحة، وإجراء تعديل وزارى.
ولكن كما قال رئيس الوزراء العراقى أن الحكومة التى لم يصل عمرها إلى عام حتى الآن ليس لديها عصا سحرية، ولكنها ستتصدى بقوة لمن يخرقون الدستور والقانون، ومحاسبة الفاسدين. كما أكد رئيس الجمهورية على أن العراقيين عازمون على المضى قدما فى مشروع بناء الدولة.
وتحتاج كل التحديات السابق تناولها، وصراع القوى الداخلية والإقليمية والدولية على أرض العراق إلى جهود مكثفة ومثابرة ومزيد من الوقت للخروج من دائرتها، أو على الأقل للتغلب على بعضها والتركيز على عملية التنمية الشاملة لتجنب غضب الجماهير الذى يفتح الأبواب للتدخل الأجنبى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.