تكريم محمد جلال الريسي مدير عام وكالة أنباء الإمارات بالملتقى الإعلامي العربي بالكويت    وضع حجر أساس شاطئ النادي البحري لهيئة النيابة الإدارية ببيانكي غرب الإسكندرية    بسبب الامتحانات، قرار مفاجئ من الكهرباء بشأن خطة تخفيف الأحمال    أبو العينين: الإيرادات لا تعكس القوة الكاملة للاقتصاد المصري.. القادم أخطر.. وعلينا مخاطبة العالم بمشروعات عملاقة مثل رأس الحكمة    بيان عاجل.. الكهرباء: تعديل جدول تخفيف الأحمال من الغد.. اعرف المواعيد الجديدة    فصائل فلسطينية تعلن وفاة أسيرة إسرائيلية متأثرة بجراحها بعد قصف مكان احتجازها    إيقاف صالح جمعة 6 أشهر في الدوري العراقي وتغريمه 25 مليون دينار    إيقاف 6 أشهر وغرامة 25 مليون دينار.. الاتحاد العراقي يعاقب صالح جمعة    الإعدام شنقا ل4 متهمين بتهمة قتل شخص في القليوبية    الخميس.. ندوة حول المواطنة ونبذ ثقافة الكراهية بالأعلى للثقافة    وزير الصحة يؤكد أهمية نشر فكر الجودة وصقل مهارات العاملين بالمجال    ضمن مشروعات حياة كريمة..افتتاح 3 وحدات طب أسرة فى قرى أبوتشت بقنا    محافظ بني سويف يشهد افتتاح مؤتمر مستقبل التعليم الفني للتمريض    وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلًا غنائيًا بأمريكا في هذا الموعد (تفاصيل)    تنطلق 15 مايو.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بالمنيا    سب والدته.. المشدد 10 سنوات للمتهم بقتل شقيقه في القليوبية    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة المركزية الأمريكية    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    ليبيا توقع على اتفاقية تنظيم النقل بالعبور الترانزيت بين دول الجامعة العربية    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    نجمة البوب العالمية دوا ليبا تصدر ألبومها المنتظر "التفاؤل الجذري"    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    رئيس "دينية الشيوخ": تعليم وتعلم اللغات يمهد لمقاصد شرعية كريمة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    الضرائب: تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية ل25 ألف جنيه بدءًا من أغسطس المقبل    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    حفل met gala 2024..نجمة في موقف محرج بسبب فستان الساعة الرملية (فيديو)    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    مسؤول إسرائيلي: اجتياح رفح يهدف للضغط على حماس    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    في يومه العالمي.. تعرف على أكثر الأعراض شيوعا للربو    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    ضبط نصف طن أسماك مملحة ولحوم ودواجن فاسدة بالمنيا    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوت العقل المغيَّب..!
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 10 - 2019

نشرت صحيفة الغد الأردنية مقالا للكاتب علاء الدين أبو زينة وجاء فيه:
كتب المفكر الكبير نعوم تشومسكى فى تزكية إحدى المجلات الرصينة: «لا مبالغة للأسف فى قول إننا نعيش فى عصر من اللاعقلانية، والخداع، والارتباك، والغضب والخوف من المجهول مزيج مشئوم، لا سابقة له تقريبا. وما من وقت تمس فيه الحاجة إلى صوت للعقلانية، والبصيرة وفهم ما يحدث فى العالم، مثل هذا».
كانت أصوات العقلانية تحضر كل الوقت لتعيد البشرية إلى جادة الصواب التى كثيرا ما تحيد عنها. لكن حالة عصرنا التى يصفها تشومسكى بدقة، تعنى أن هذه الأصوات لا تُسمع أمام قعقعة السلاح والخطاب العدوانى العالى. ويبدو أن المنصات كلها أصبحت محجوزة لدعائيى السلطات التى تحتكر الخطاب. وحتى «الإنترنت» الذى يُفترض أن يتيح مساحة للتعبير، أصبح مصادرا هو الآخر بالحجب والرقابة ومحاسبة المُداخلين.
الآن، تعلو بشكل خاص أصوات الشعبويين من كل الأنواع، الذين يحشدون مجموعات مصلحة صغيرة حول مشتركات ضيقة، بهدف تمييزها عن مجموعات مصلحة أخرى منفصلة بنفس المقدار. وينتج ذلك تعددية غير مسبوقة فى «الحقائق» التى تقيم عليها المجموعات عقائدها، وسلوكها. والنتيجة: مقدار هائل من العدوانية بين القوميات والأديان والجنسيات والأجناس وفى داخلها أيضا. ولم يَعد مصطلح «القبَلية» مقصورا على الثقافة العربية التى اشتُهِرت به، وإنما انتشرت «القبائل» فى كل مكان، حتى فيما يُدعى العالَم «الديمقراطى» الذى روج لأفكار المساواة والاندماج والتعددية الثقافية. وعندما يفوز الساسة فى العالَم المهيمن على برامج كراهية الأجانب والمهاجرين والآخر المحلى أيضا (الملونين مثلا)، فإن حلم مجتمع المساواة والفرصة والتعايش ينهار فى منبعه.
حتى إن مفهوم «صوت العقل»، لم يكن فى أى وقت أكثر ضبابية وتجسيدا لنسبية الأحكام مثلما هو الآن. سوف يرى ناخبو ترامب «صوت العقل» فى خطاب التفوقية البيضاء والاستثنائية الأمريكية؛ وسوف يرى أتباع الأيديولوجيات المتطرفة «صوت العقل» فى إكراه الآخر على أن يكون مثلهم، أو إبادته إذا أمكن. وسوف ترى «الأمة» صوت العقل فى مصادرة حصة الأمة الأخرى، وترى الوحدات الفرعية داخل الأمة صوت العقل فى الهيمنة على الوحدات الأخرى وتهميشها.. وهكذا. وليست فى العالم منطقة غام فيها مفهوم «صوت العقل» وتضاعفت تعريفاته المتناقضة تماما فى كثير من الأحيان، مثل منطقتنا. وكما يبدو، أصبح «صوت العقل» الأكثر رواجا هو ذلك الذى ينجب العداء، ويضيق المصلحة، ويعظِّم الأحقية الذاتية، ويكره الاستنطاق، ويرفض الاقتراح، ويحتكر الحقيقة. وليست هذه «التعددية» عرَضا صحيا كما ينبغى للتعددية، وإنما أعراض للتيه ورد الفعل الخائب على أحداث تصنعنا ولا نصنعها على المستوى الجمعى والفردى على حد سواء.
فى أوقات كهذه، يصبح «صوت العقل» الحقيقى محاصرا ومعزولا ويغرى صاحبه بالصمت. وينبغى أن تقاس عقلانية الصوت بنتائج ما يدعو إليه: المصالحة والتسامح والسلام، ومنح الحقوق لأصحابها، وتقليل أسباب السخط، واختيار التفاوض على العدوانية، وتحييد فكرة «من ليس معى عدوى» كل ذلك كمصلحة ذاتية وإنسانية فى نهاية المطاف. أما الدعوة إلى القتال على أى مستوى بقصد انتزاع حصة الآخر والهيمنة عليه وإقصائه، فلا عقل فيها. ومن المؤسف أن تكون هذه الدعوات هى الرائجة، حتى أصبح العالم مجنونا وبلا ضمير ولا ينجو فيه أحد.
من الصعب جدا الإفلات محليا من هذه العدوى العالمية. لكن من ضرورات المحاولة كما يقترح تشومسكى إتاحة الفرصة لصوت العقل ليعلن عن نفسه، وتيسير وصوله والاستماع إليه. ويشير هذا الاقتراح بوضوح إلى الإعلام المنصات والمنابر والمطبوعات والمرئيات التى يُفترض أنها تصنع الرأى العام وتشخص النواقص والعيوب. ويسمى المطلب «حرية التعبير»، أو «حرية الصحافة»، بمعنى الكف عن توجيه الخطاب وأحَادية السرد. أما إذا كان السرد الرائج منفصلا عن واقعه وعاجزا عن الإقناع أو التغيير الإيجابى بطريقة يُعتد بها، فذلك أدعى إلى سماع السرديات الأخرى، كضرورة للخروج من المأزق.
يتطلب ذلك اعترافا بالأزمة، وإرادة سياسية تريد المراهنة على الأصوات التى تسترشد بالعقل والبصيرة وفهم ما يحدث فى العالم، كما يقترح تشومسكى، لمعرفة تضاريس الطريق. وسوف يحتاج الإعلام إلى فتح نوافذه، وتخليصه من الرعب والرقابة الذاتية وأحادية الصوت، وسماع اقتراحات وروايات بديلة عن روايات النخب «الموالية» المصنعة، عل ذلك يشيع صوت العقل وينير معالم الطريق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.