أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -الأربعاء الماضي- بدء عمليات عسكرية تركية في شمال شرقي سوريا أسماها "نبع السلام"، للحد من نفوذ من أسماهم ب"إرهابيين" يستهدفون أمن بلاده. بدأ الجيش التركي عملياته بضربة جوية على قوات سوريا الديمقراطية "تحالف كردي مسلح متعدد الأديان"، ثم توسعت العمليات العسكرية لتشمل دخول قوات برية تركية إلى سوريا، حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية في وقت سابق اليوم السيطرة كاملة على بلدة رأس العين بعد انسحاب المقاتلين الأكراد منها. تقودنا العمليات العسكرية التركية في سوريا إلى عدة تساؤلات بداية من هم الأكراد حتى من يؤيد أردوغان في عملياته مرورا ب ما هو الهدف من الهجوم التركي؟ • من هم الأكراد؟ الأكراد هم أكبر طائفة في العالم بدون دولة حيث يبلغ عددهم بين 25 إلى 35 مليون نسمة، موزعين بشكل أساسي في 4 دول هي تركياوإيرانوالعراقوسوريا، إلى جانب مجموعات قليلة تعيش في كل من أذربيجان وأرمينيا ولبنان إضافة إلى أوروبا خصوصا في ألمانيا. يتحدث الأكراد باللغة "الكردية" ولهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة وتنظيمهم المجتمعي القائم بشكل أساسي على النظام القبلي، ولديهم تسليح خاص بهم في العراقوسوريا. • ما هو دور أكراد سوريا في الحرب ضد داعش؟ شاركت وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا إلى جانب قوى أخرى منذ عام 2014 في القتال ضد داعش، بدعم جوي من التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة، وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية أسر 6 آلاف مقاتل لداعش خلال عملياتهم العسكرية. • لماذا يستهدف أردوغان الأكراد؟ يحلم الأكراد بوطن خاص بهم منذ انهيار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، حيث نصت معاهدة "سيفر" التي أبرمت عام 1920 على حق الأكراد في تقرير المصير وتشكيل دولة خاصة في شرق الأناضول وفي الموصل، لكن بعد انتصار مصطفى كمال في تركيا واضطرار دول الحلفاء للتراجع عن بنود معاهدة سيفر واستبدالها في 1923 بمعاهدة "لوزان" التي وضعت الشعب الكردي تحت سيطرة تركياوإيران بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا. يعيش أكراد تركيا والجيش التركي النظامي في صراع مسلح منذ عام 1984 أودى بحياة 40 ألف شخص، وعام 2015 بعد عام واحد من تولي الرئيس أردوغان الحكم عاد النزاع المسلح مرة أخرى بين الطرفين، ويخشى أردوغان من تقارب بين الأكراد في تركيا وأكراد سوريا في تفاقم الأزمة وتوسيع النزاع المسلح في تركيا. • ما هي إمكانيات تسليح الأكراد ومن يدعمهم؟ تشكل القوات الكردية الدعامة الأساسية لقوات سوريا الديموقراطية التي تشكلت في أكتوبر 2015 وتضم 25 ألف مقاتل كردي وخمسة آلاف مقاتل عربي، وتتلقى هذه القوات دعماً من الولاياتالمتحدةالأمريكية. • ما هي رغبات أردوغان في سوريا؟ بحسب تقرير نشرته رويترز، لتركيا هدفان من التوغل في الأراضي السورية، الأول هو إبعاد وحدات الشعب الكردية عن الحدود التركية حيث تعتبرها خطرا أمنيا عليها، والثاني هو إنشاء منطقة آمنة داخل سوريا يمكن فيها توطين مليوني لاجئ سوري تستضيفهم تركيا في الوقت الراهن. أردوغان يرغب في التعمق داخل سوريا لمسافة 32 كيلو مترا لإقامة المنطقة الآمنة، ورغم التحذيرات التي تلقتها تركيا بشأن تلك العملية العسكرية إلا أن أردوغان تحدث مؤخرا عن احتمال وصول "المنطقة الآمنة" إلى مدينتي الرقة ودير الزور في العمق السوري من أجل السماح لمزيد من اللاجئين السوريين بالعودة إلى بلادهم. تركيا لم تعلن بشكل رسمي عن نيتها في العملية العسكرية داخل سوريا، لكن المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا تمتد لمسافة 480 كليو مترا من نهر الفرات غربا حتى الحدود العراقية شرقا، ويبدو أن خطط تركيا العسكرية حتى الآن تنصب حول قطاع حدودي بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، وهي المناطق التي انسحبت منها القوات الأميركية بشكل رسمي حتى الآن، بحسب رويترز. ومع الإعلان التركي الواضح أن هدفها الأساسي من العملية العسكرية هو مواجهة "المخاطر الأمنية" سيكون تركيز الجيش التركي على المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد بشكل أساسي، ورغم وقوع المنطقة شمالي سوريا تحت سيطرة الأكراد إلا أن غالبية السكان عرب. • من يقاتل إلى جانب أردوغان؟ يشكل "الجيش الوطني السوري" (مجموعة مسلحة تألفت عقب تفكك الجيش السوري الحر المناهض لبشار الأسد) المدعوم من أنقرة رأس حربة في الهجوم التركي على القوات الكردية في شمال سوريا، ويضم في صفوفه مقاتلين انخرطوا في الحرب في السنوات الأولى من النزاع بهدف إسقاط النظام السوري. ويصل تعداد الجيش الوطني السوري إلى حوالى 80 ألف مقاتل، ويتلقى عناصره التمويل والتدريب والتجهيز من تركيا. • ما الموقف الرسمي السوري؟ يرى الرئيس السوري بشار الأسد تركيا قوة معادية وأكد أنها "ستدفع ثمنا باهظا بسبب دعمها للإرهابيين في سوريا"، ورغم عدم سيطرة النظام السوري بشكل مباشر على المنطقة شمالي سوريا، إلا أنه بالتأكيد وقوعها تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي أعلنت أنها لا تريد الانفصال ولكن ترغب في حكم ذاتي، هو خيار أفضل لبشار الأسد من وقوع المنطقة تحت السيطرة التركية. دليل آخر على موقف النظام السوري هو رفض إيران -الحليف لبشار الأسد- رسميا العملية العسكرية التركية شمالي سوريا، وإبلاغ محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، لنظيره التركي مولود تشاوش، أن طهران "تعارض" خطط تركيا في سوريا. • ما موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من المنطقة الحدودية بين سورياوتركيا ما مهد الطريق للعملية العسكرية التركية شمالي سوريا، إلا أنه عاد وأشار إلى "تدمير الاقتصاد التركي" في حال تجاوزت تركيا الحدود في سوريا، وفي الوقت نفسه أعلن عدم تقديمه الدعم للقوات الكردية لأنها لم تساعد بلاده خلال الحرب العالمية الثانية. ويناقس الكونجرس الأمريكي في الوقت الحالي مشروع قرار لفرض عقوبات اقتصادية ضد تركيا على خلفية عملية "نبع السلام" في سوريا، حيث يستهدف مشروع القرار في الأساس فرض عقوبات على التجارة العسكرية مع تركيا، وعقوبات تستهدف قطاع الطاقة التركي، بالإضافة إلى حظر المساعدات العسكرية الأمريكية، وحظر منح تأشيرة لزيارة الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد قادة أتراك. • موقف الاتحاد الأوروبي؟ أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يناقش مسألة إمكانية فرض عقوبات على تركيا على خلفية توغلها في شمالي سوريا، وقد يشمل القرار وقف تصدير الأسلحة إلى تركيا. • ما موقف روسيا؟ تجنب وزير الخارجية الروسي التعليق بشكل مباشر على العلميات العسكرية التركية شمالي سوريا، واكتفى بإعلان رغبة بلاده في حدوث محادثات بين تركيا والسلطات السورية حول الأكراد، وأنه سيسعى إلى ذلك، في الوقت ذاته قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يجب أن تتحرر سوريا من الوجود العسكري الأجنبي. • من يدعم تركيا في عملياتها العسكرية في سوريا؟ أعلنت تركيا رسميا أن قطر تدعم عملية "نبع السلام" العسكرية في سوريا، في ظل عدم تعليق السلطات في الدوحة على القرار، واكتفت بإعلان اتصال هاتفي بين أمير قطر والرئيس التركي استعرضا خلاله الطرفان العلاقات الثنائية بينهما. دولة أخرى قدمت الدعم لتركيا في عملياتها العسكرية ضد سوريا وهي باكستان، حيث اتصل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بإردوغان كي "ينقل دعم باكستان وتضامنها وتفهمها لعملية نبع السلام"، بحسب مكتبه. •الموقف العربي من العمليات العسكرية التركية في سوريا؟ في اجتماع طارئ -دعت له مصر- أدان مجلس وزراء الخارجية العرب، العدوان التركي على الأراضي السورية، وطالب تركيا بوقف إطلاق النار، والانسحاب الفوري من الأراضي السورية. • موقف داعش بعد الهجوم التركي؟ يخشى مراقبون من أن العملية التركية شمالي سوريا قد تعيد الروح لجسد داعش من جديد في ظل الفوضى التي تسببها العمليات العسكرية، حيث أعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنها تحتجز أكثر من 6 آلاف مقاتل ينتمون لتنظيم داعش الإرهابي بالمنطقة التي يقودها الأكراد شمالي سوريا، ودخول القوات التركية تلك المنطقة قد يمنع استمرار سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على هؤلاء المقاتلين، ما قد يسمح بإعادة تكوين جسد لداعش من جديد في تلك المنطقة.