تحولت مدينة ديروط إلى ثكنة عسكرية، بعد قيام الأمن بغلق مداخل ومخارج المدينة، ونشر عشرات جنود الأمن المركزى حول الكنائس والأديرة وشارع الصاغة، وغيرها من الأماكن الخاصة بالمسيحيين، تحسبا لوقوع أية مصادمات جديدة. وشهدت المدينة حالة استنفار أمنى مكثفة، إثر وقوع اعتداءات بين المسلمين، والمسيحيين أمس، وقيام الطرف الأول بتكسير المحال والصيدليات، وعدد من السيارات الخاصة بالمسيحيين، بالإضافة إلى إشعال النار فى كنيستين بالمدينة، والاعتداء على التلاميذ المسيحيين أثناء خروجهم من المدارس. جاء ذلك على خلفية صدور قرار النيابة بتجديد حبس 4 أشخاص من عائلة «أولاد حسونة» لمدة 15 يوما، وهم أسامة ممدوح حسونة (25 سنة)، محمد محيى حسونة (36 سنة)، أشرف محمود حسونة (30 سنة)، وأحمد عبد المجيد حسونة (27 سنة)، المتهمين بقتل فاروق هنرى عطا الله والد الشاب «ملاك» الشهير ب«رومانى»، من قرية «التحويلة»، والمتهم بهتك عرض إحدى الفتيات المسلمات بقرية «المناشى»، والاعتداء عليها جنسيا، وتصويرها بالهاتف المحمول، وتوزيع الصور عبر الإنترنت، والهواتف المحمولة، ما أدى لاشتعال نار الفتنة الطائفية داخل المركز. وتصادف ما حدث مع خروج طلاب المعهد الدينى الأزهرى بديروط، الذين نددوا باعتداء الطالب المسيحى على الفتاة المسلمة من خلال مظاهرة حاشدة، قوامها نحو 1000 طالب، ورددوا خلالها بعض الهتافات منها «بالروح والدم نفدى الإسلام والمسلمين» و«لا إله إلا الله محمد رسول الله»، مطالبين الجهات الأمنية بالقصاص من الشاب المسيحى الذى ألحق العار بالمسلمين. من جانبه، ندد القس إبرام ثروت، وكيل مطرانية ديروط، بالحادث، ووصفه بالعشوائى، قائلا إن المسيحيين داخل مدينة ديروط يخشون الخروج من منازلهم للذهاب إلى أعمالهم أو الصلاة، بعد مقتل فاروق هنرى عطا الله، والد الشاب المسيحى، خوفا من التهجم عليهم، مضيفا أن الخوف لازم المسيحيين حتى «الجمعة» الماضى، خوفا من وقوع اعتداءات من المسلمين على المسيحيين فى ذلك اليوم، لذا شعروا بالأمان، وبدءوا يمارسون حياتهم بشكل طبيعى، ولكنهم فوجئوا أمس بوقوع اعتداءات من قبل المسلمين على عدد من المحال التجارية، والصيدليات الخاصة بالمسيحيين، بعد صدور قرار النيابة بالتجديد للمتهمين الأربعة فى مقتل والد الشاب المسيحى، بالإضافة إلى سكب الكيروسين على كنيستى «الملاك»، والسيدة العذراء بمطرانية ديروط، مما أصاب كهنة الكنيستين بالخوف والرعب، واستنجدوا بالأمن، وامتلأت الشوارع بالمظاهرات، حتى تمكن الأمن من السيطرة على الموقف. ونفى وكيل المطرانية وقوع أية إصابات بين المسيحيين. فيما قال اللواء نبيل العزبى، محافظ أسيوط، إنه تم تشكيل مجموعات عمل من قبل أعضاء مجلس الشعب والشورى والمحليات، والحزب الوطنى، والتنفيذيين، لاحتواء الأزمة، واتصلوا بأطراف المشكلة لمحاولة تهدئة الأوضاع داخل مركز ديروط، مضيفا أن الخروج على الشرعية من قبل أطراف الأزمة ستقابله مواجهة بالقانون. ونفى المحافظ وجود المتهم الهارب «ملاك» داخل أحد الأديرة، مؤكدا أنه هرب منذ 15 يوما، والأمن يبحث عنه للمثول أمام النيابة. وأوضح أنه تم القبض على أكثر من 200 شخص من المسلمين والمسيحيين، ممن تسببوا فى وقوع المصادمات، وجارٍ التحقيق معهم فى نيابة ديروط. وأضاف اللواء جاد جميل، مدير أمن أسيوط، أن الحادث جاء نتيجة لتصرفات هوجاء من بعض التلاميذ والطلاب الذين لا تقل أعمارهم عن 9 سنوات، ولا تزيد على 18 سنة، أثناء خروجهم من مدارسهم، مشيرا إلى تحطيم 4 محال تجارية منها محلان يخصان المسلمين، وصيدليتان خاصتان بالمسيحيين، بالإضافة إلى تحطيم وتكسير زجاج 7 سيارات منها سيارتان خاصتان بالمسلمين، نافيا وقوع أية إصابات من قبل الجانبين، مؤكدا السيطرة على الموقف، خاصة بعد نشر قوات أمن مركزى حول الأماكن المهمة فى مدينة ديروط كالكنائس والأديرة والمساجد وغيرها، لتأمين الحالة الأمنية بالمدينة. فيما انتقل فريق من النيابة بإشراف حمزة إبراهيم، المحامى العام لنيابات شمال أسيوط، لمعاينة الأماكن التى تعرضت لأعمال الشغب والتحطيم، وحصروا التلفيات، وأمروا بضبط وإحضار المتهمين المتسببين فى الواقعة، واستعجال تحريات المباحث، والاستماع إلى أقوال ضباط مباحث مركز ديروط حول الواقعة. وعلمت «الشروق» من مصادر أمنية أن تعليمات صدرت لأسرة الشاب المسيحى «ملاك» وتضم زوجته وشقيقته ووالدته وخاله بالرحيل عن القرية، وترك منزلهم إلى خارج محافظة أسيوط، خوفا عليهم من بطش المسلمين بهم. وأكدت المصادر أن الأمن يخشى على أسرة الشاب المسيحى من القتل، فى ظل تأجج الأوضاع داخل مركز ديروط.