تنقلت «الشروق» بين المستشفيات، وتقابلت مع بعض المصابين فى حادث الجاموسة والقطار القشاش المتجه للفيوم حسب رواية هيئة السكك الحديدية ، وروى المصابون أهوال ما شاهدوه وما أفاقوا عليه بعد غفلة بعضهم فى القطار رقم «152» الفيومى أو القشاش كما يطلق عليه. ظلوا منتظرين بعد أن حدث عطل فى قطار الفيوم لاصطدامه بجاموسة كما أخبرهم السائق، ومن الركاب من لم يقو على الانتظار واستقل سيارة إلى مقصده ونجا من الفاجعة، بينما ظل الكثير من الركاب محدودى الدخل والمرضى بداخل القطار لعدم قدرتهم على التنقل كثيرا، ومنهم من وثق فى كلام سائق القطار والمسئولين به وتخيلوا أن الأمر مجرد دقائق ويأتى «المدد» والدعم من هيئة السكك الحديدية لإصلاح القطار لينقلهم إلى حيث يقصدون. سوزان عطية عبدالمنعم، 22 سنة، مدرسة لغة إنجليزية، ترقد فى العنبر رقم 1 بمستشفى معهد ناصر، مصابة بكسر فى الذراع وإصابات بالغة فى الرأس، إلا أنها بدت متماسكة وأخبرتنا أنها تشعر بألم شديد ولكن تخاف أن تغفو أو تنام لأنها رأت الموت بعينيها، حيث كانت فى مقدمة العربة قبل الأخيرة بالقطار «القشاش» وكانت معها والدتها وخالتها، وكانوا فى زيارة للقاهرة وعائدون إلى منزلهم فى الواسطى، واستقلوا القطار لأنهم تعودوا على السفر فيه ويشعرون بالأمان أكثر بداخله. قالت سوزان: ليتنا ما وثقنا بالقطار ولا المسئولين عنه، فقد ركبناه من محطة ضواحى الجيزة فى الثالثة والنصف وظل متوقفا بنا فى المحطة لأكثر من ساعة ليتحرك فى الخامسة إلا الثلث، وظل «يتأرجح» بنا ويسير ببطء ممل حتى وصل إلى قرية جرزا بعد العياط فى السادسة، وهى مسافة ليست طويلة يقطعها القطار الإسبانى فى أقل من 15 دقيقة، وفجأة توقف بنا القطار وظننا أنه سيقوم بالتخزين، حيث يخزن بعد محطة جرزا وقبل محطة كفر عمار ويظل منتظرا بركابه الغلابة على قضبان فى جانب الطريق حتى يمر القطار الإسبانى حاملا أصحاب المقام الرفيع. أضافت: حينما وجدنا أن القطار القشاش لم يكن تعدى محطة جرزا أى لم يأت مكان تخزينه، أخذنا نتساءل لماذا توقف القطار حتى جاءنا الكمسارى وأخبرنا أن القطار اصطدم بجاموسة كانت تعبر طريقه فتعطلت الفرامل ولا يستطيع السائق تشغيله، وحينما سمع بعض الركاب هذا الكلام هموا بالنزول واستقلوا السيارات الميكروباص، ولكن والدتى المريضة لا تتحمل المشى كثيرا، فظللنا منتظرين حتى السادسة والنصف، وبعد مرور نصف ساعة من الانتظار، نامت والدتى على كتفى، أما خالتى فظلت تقاوم النعاس، وإذا بى أسمع صوت اصطدام قوى وصاعق، وباختراق قطار آخر لقطارنا ودهس كل الركاب الباقين فيه. وقالت والدتها شادية عثمان عبد النبى، 55 سنة، موظفة بمجلس مدينة الواسطى، لا أتذكر ما حدث.. توقف بنا القطار، وقالوا السبب جاموسة، وأن المسئولين قادمون لإصلاحه، فقلنا لن تفرق كثيرا فبعد محطة واحدة كان سيتوقف القطار لينتظر مرور الإسبانى، ولكن لم نتخيل للحظة أنه سيتم دهسنا بهذه الطريقة. وقال ابنها ممدوح عطية، 30 سنة، محاسب: إنه ركب القطار مع والدته وشقيقته، وقبل أن يتحرك بدقائق معدودة جاءه اتصال هاتفى فنزل وقال لشقيقته ووالدته إنه سيلحق بهما، وظل يطمئن عليهما حتى علم أن القطار تعطل فى تمام السادسة أمام محطة جرزا فطلب منهما انتظاره وهو قادم فى الطريق وإذا تم إصلاح القطار سيركب معهما وإذا لم يتم إصلاحه سيأخذهما لركوب السيارة الميكروباص. وأضاف: ظللت أتصل على هاتفى شقيقتى ووالدتى منذ السادسة وحتى السابعة فلم تجيبا، فعلمت أن شيئا ما حدث، حتى وصلت بى السيارة التى كنت أستقلها فى تمام السابعة والنصف إلى حيث تجمهر المئات من الناس وشاهدت سيارات أمن مركزى وإسعاف فنزلت مهرولا لما رأيت مؤخرة القطار «القشاش» الذى كانت به والدتى وشقيقتى عبارة عن قطعة صفيح ملقاة فوق مقدمة القطار الإسبانى، وساعتها فقدت الأمل فى خروجهما أحياء، حتى اتصلت على هاتف خالتى التى كانت مع والدتى وشقيقتى فأجابت وهى تبكى وقالت إنها لم تصب فى الحادث وإن والدتى وشقيقتى تم نقلهما إلى مستشفى معهد ناصر فأتيت مسرعا ولما اطمأننت عليهما أخذت أبكى من هول الفزع الذى شعرت به وفى نفس الوقت أشكر الله على أننى نجيت من هذا الموت المحقق، حيث كنت أركب فى مؤخرة القطار «القشاش» وحينما أخبرت شقيقتى بأننى سأنزل وسأتبعهما أخذت والدتى وخالتى وقالتا إنهما ستذهبان للجلوس فى الأمام لأنهما تشعران بالضيق من مؤخرة القطار، وفى هذا الوقت فهمت أنها حكمة من الله.