رئيس هيئة النيابة الإدارية يستقبل وزير العدل    شيخ الأزهر يلتقي الرئيس الإيطالي ويؤكدان ضرورة الالتزام بخطة السلام في الشرق الأوسط    مدبولي يناقش الرؤية المقترحة لإعداد النسخة المحدثة من وثيقة سياسة ملكية الدولة    وزير العمل يشارك في ملتقى هواوي السادس للتوظيف    طريق جديدة لجرارات القصب لتخفيف الزحام بأرمنت والمحافظ يتابع التنفيذ    بدء صرف معاشات نوفمبر الأسبوع القادم.. «التأمينات» تعلن الجدول الرسمي للمستفيدين    رئيس جامعة المنصورة يستقبل فريق مركز الحفريات الفقارية    جولة ترامب الآسيوية.. باكستان تسعى لإغراء واشنطن وقطع الطريق على الهند    "إكسترا نيوز": 400 شاحنة مساعدات عبرت إلى غزة ضمن مبادرة "زاد العزة"    لا يمكن إيقافه.. كيف تحول مبابى إلى كابوس برشلونة؟    الزمالك يتقدم بتظلم ضد عقوبات الاتحاد الأفريقي لكرة اليد    شوط أول سلبي بين سموحة و الجونة في الدوري الممتاز    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لأفضل 11 لاعباً فى العالم من فيفبرو    تموين المنيا: ضبط 283 مخالفة خلال حملات رقابية على الأسواق والمخابز البلدية    العدالة تنصف طفلة قليوب وتقضى بالسجن المشدد 10 سنوات لمُعتديها    عقاب رادع.. المشدد 15 سنة لشاب أطلق النار على الشرطة في شبرا الخيمة    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    المتحف المصري الكبير.. أيقونة حضارية تستعد لافتتاح تاريخي وترويج عالمي    الفائز بجائزة النجمة البرونزية بمهرجان الجونة..الفيلم المصري المستعمرة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي    محمد سلام: عودة مفاجئة ومسيرة صعود صنعت حب الجمهور.. وانتقال للبطولة بمسلسل كارثة طبيعية    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    ذبابة الرمل السوداء القاتلة: خطر صامت يهدد الأطفال بعد وفاة طفل في الأردن بلدغتها    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: إصابة 3 في انهيار عقار بالكورنيش.. ومتحف المجوهرات يحتفل بالعيد السنوى ال39    مدير تعليم سوهاج يشارك في الاجتماع التنسيقي لتنفيذ مبادرة الأنيميا والتقزم    متي يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025؟    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 28 أكتوبر بمحافظات الصعيد    شرم الشيخ تشهد انطلاق اجتماعات المجلس التنفيذي للإنتوساي    «فنانون ومبدعون».. ما هي الأبراج التي تتمتع بخيال واسع؟    الكاتب أسامة علام: تعلّمت من محمد المخزنجي أن الكتابة عن الكاركتر هو البطل الحقيقي    عمان.. مباحثات أردنية أمريكية بشأن تثبيت وقف إطلاق النار غزة    اليوم.. عزاء شقيق فريدة سيف النصر بمسجد عمر مكرم    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    أوعى «الوعي» !    مصر تواصل إرسال مساعداتها إلى غزة.. وصول شاحنات وقود وغاز (فيديو)    بيان من مستشفى بدر الجامعى بحلوان بشأن حادث طريق القاهرة السويس    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    المصري يجهز ملفًا مصورًا لتصعيد أزمة طرد صلاح محسن أمام الكاف    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    وزير الثقافة يشهد احتفالية اليوم العالمي للتراث غير المادي (صور)    إنفوجراف| تصريحات ترامب فور وصوله مطار طوكيو خلال جولته الآسيوية    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    «ده تهريج».. تعليق ناري من شوبير على أزمة دونجا قبل السوبر    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة الدخلة.. نساء يتحدثن عن تجربة زواجهن الفاشلة بسبب الليلة الأولى
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 08 - 2019

بالرغم من أن الزفاف يشغل حيزاً كبيراً من الاهتمام والتفكير في معظم المجتمعات، إلا أن له خصوصية أكثر في المجتمعات الشرقية.
نساء من خلفيات اجتماعية مختلفة تحدثن إلى موقع بي بي سي عربي، عن أثر الليلة الأولى على مسيرة زواجهن، وكيف انعكس غياب الثقافة الجنسية والاجتماعية على حياتهن الزوجية.
هنا نعرض تجارب خاضتها نساء من فئات عمرية مختلفة. فهل تحدّت هؤلاء النسوة "الإهانة العاطفية" في أول خطوة من رحلة الحياة الزوجية أم خضعن للمجتمع الذي لا يرى أي مشكلة في موقف الزوج؟
سمية، 23 عاماً
دخلت سمية في مواجهة طويلة مع أسرتها التي كانت ترفض زواجها من ابراهيم الذي تحبه وتدافع عنه باستماتة، لأنها كانت تظن أنه الزوج المثالي الذي تحلم به أي فتاة، وما أن تحقق حلمها، حتى فاجأتها الصدمة بأسرع مما تتوقع.
كان ذلك في أول ليلة جمعتهما، أي "ليلة الدخلة" التي اختفى فيها كل ذلك الحب بسبب شكّه "بعذريتها".
لم تستطع سمية التي تبلغ من العمر 23 عاماً، أن تنهي بضع مواد بقيت من دراستها لآداب اللغة العربية في جامعة دمشق، لأنها انشغلت بابراهيم الذي وعدها بأن يوفر لها الأجواء المناسبة لتكمل دراستها وتتخرج.
تزوجت سمية في آذار/مارس الماضي، برغم معارضة أسرتها بسبب عدم وجود مسكن خاص به أولا، وعدم تخرجها بعد. لكنها أصرت على موقفها إيماناً بحبه ودعمه لها، وتحدت الجميع قائلة بأنها مستعدة للعيش مع والدته التي كانت تحترمها كوالدتها.
وفي ليلتها، تلقت سمية الصدمة الأولى "بعد أن دخل عليها زوجها ولم يمهلها الوقت الكافي لترتاح، بل حاول فض بكارتها على وجه السرعة مبرراً ذلك بحبه الكبير لها".
تقول سمية: "كنت متساهلة ومتعاونة، تحاملت على نفسي وقبلت رغم تعبي الشديد، لكن عبارات العشق والحب اختفت فجأة ، وتبدل وجهه وملامحه في لحظات، وقال بطريقة لا تخلو من الريبة والشك: لا توجد بقع دم".
وعادة ما تواجه معظم النساء نزيفاً وإن بدرجات متفاوتة أثناء عملية فض غشاء البكارة. لكن بحسب الأطباء والمختصين، فذلك ليس شرطاً ضرورياً، ولا يحدث مع جميعهن.
وهناك أشكال وأنواع عديدة للغشاء، فبعضها لا يتمزق إلا بعمل جراحي، وبعضها رقيق جداً قد يتمزق دون ظهور أي نزيف، كما أن بعض الفتيات يولدن بدون غشاء بكارة، أو قد يتمزق في طفولتهن إثر تعرضهن لحادث ما.
وتصف سمية زوجها قائلةً: "في تلك اللحظة، كانت نظراته لي مثل خناجر غرزت في صدري، قتلني بها دون أن يدري، لم يحاول حتى التحدث إلي، وتركني مهملة كما لو كنت متهمة وانتظر محاكمتي".
وتضيف: "كنا قد ناقشنا أموراً كثيرة قبل الزواج، حتى عن ليلة الزفاف التي كانت من المفترض أن تكون أسعد ليلة لنا، خُيل إلي أننا نعرف أشياء كثيرة عن بعضنا، لكن ذهب كل ذلك في مهب الريح بعد عدم ظهور إشارة ما يسمونه بالعذرية".
مشكلة نفسية
,رغم تكرار مثل هذه الحوادث في مجتمعها، إلا أن سمية لم تكن تتوقع أن تواجه المشكلة نفسها، لأنها كانت تعتقد أن ذهنية الشباب تغيرت عما كانت عليها في زمن أجدادها، وأن خطيبها مثقف جامعي ومنفتح، لكنها "صُعقت باقتراحه بزيارة الطبيب في اليوم التالي من زواجهما للتأكد من عذريتها".
وتعود عادة اختبار عذرية الفتيات إلى عصور قديمة، وتتفاوت أسبابها وطرق فحصها من مجتمع لآخر، وما زالت المجتمعات المحافظة تحتفل بعذرية الفتاة في ليلة الزواج بطريقة مبالغة، كأن يتم عرض ملاءة السرير على الأقرباء من الطرفين، وأحياناً تقام طقوس معينة تأكيداً على أهميته.
وعلى الرغم من سهولة عملية إعادة رتق الغشاء بجراحة بسيطة، وتوفر الغشاء الاصطناعي الصيني الصنع منذ عقود كما في حالة الشابة روزانا، لا تزال الكثيرات منهن يواجهن نهايات مختلفة تصل إلى القتل تحت اسم "غسل العار".
"جرح لم يندمل"
عند زيارة سمية إلى الطبيبة النسائية في اليوم التالي، أكدت لهما بأن غشاءها سميك ولن يزول كلياً إلا مع أول ولادة طبيعية لها بحسب قولها.
شعر زوجها بارتياح، وعادت الابتسامة إلى وجهه، لكن بعد فوات الأوان، فقد حسمت الشابة أمرها في قرارة نفسها، وقررت أن تطلب الطلاق بأقرب وقت ممكن".
وتفسّر انتظارها لبعض الوقت في طلب الطلاق بالقول: "بات زوجي غريباً بالنسبة لي، خشيت من أن ينضم إلى ما قد يردده المجتمع حول عذريتي، لم أعد أتنبأ بما قد يفعل، كل شيء أصبح متوقعاً، فالذي ينسف سنوات معرفتنا ببعضنا البعض في لحظات، لا أمان لي منه على حياتي بعد ذلك".
وتتوقف لبرهة وتضيف: "حقيقة لا أدري تماماً كيف أصف حالتي ومشاعري تجاهه بعد تلك الليلة، لكنني لم أكن أطيق العيش معه بعد أن اختزل كل ما املك من صفات وقدرات بغشاء لا أهمية له عندي، فأنا في نهاية الأمر، إنسان وليس مجرد غشاء لحمي".
ساءت حالة سمية النفسية منذ ذلك الحين، إذ لم ترغب في استقبال أحد أو الخروج إلى أي مكان، كانت تشعر كما لو أنها تقوم بتمثيل دور الزوجة التقليدية التي لا حول لها ولا قوة إلا برضاه عنها بحسب قولها.
لم تمارس معه الجنس خلال ثلاثة أشهر إلا بضع مرات ودون رغبة منها، وتقول: "عندما كان يضاجعني، كنت أشعر بالنفور، لم أكن أرغب به، ولم أشعر بأي شيء، لأن عاطفتي كانت قد ماتت في ليلتها، كنت أنتظر أن ينهي مهمته ويتركني، كانت ممارسة الجنس معه تُشعرني بالعهر لأنها لم تكن نابعة من الحب بل من واجب مفروض علي".
استشارة نفسية
وسمية ليست حالة منفردة في مجتمعها، بل هناك الكثير منهن خلف الأبواب الموصدة، ينأين بأنفسهن ويتجنبن أن يكنّ عرضة لنميمة المجتمع ولومه، إلا أن المشاكل تتفاقم اكثر وتؤثر على الأطفال والأسرة لاحقاً بسبب عدم الانفتاح في تقبل النقاش بصراحة.
وتقول الأخصائية النفسية أمل الحامد في حديث مع بي بي سي، عن الحالات النفسية للنساء في ليلة الزفاف والنصائح التي تساعد المقبلين على الزواج في عدم الوقوع في مشكلات ليست في الحسبان: "لم تجرِ عادة زيارة طبيب نفسي في مجتمعاتنا بسبب المعتقدات المسبقة الخاطئة".
وتضيف: "حضور جلسات نفسية تضمن بداية حياة سعيدة أساسها التفاهم والحوار، ويجب على الزوجين استشارة طبيب نفسي والتزود بالنصائح المفيدة والتحدث عن المشاكل التي قد تواجههم في الليلة الأولى وكيفية تجنبها وطرح الأسئلة مهما كانت خاصة، عن التقرب بينهما وعن أنواع أغشية البكارة وكيفية فضها بطريقة لا تنُفر الزوجة، وجعلها ليلة جميلة بدلاً من أن تكون مؤلمة".
وتتابع: "مع الأسف يعتقد الكثيرون أنهم يعرفون الكثير عن المرأة ونفسيتها وجسدها والليلة الأولى، إلا أن التجارب المتكررة تثبت العكس".
وفي معظم الأحيان تتفاقم المشاكل على المدى البعيد وتصبح أكثر تعقيداً بسبب تراكمها بدون علاج، لهذا، لا بد من تهيئة العروسين نفسياً للحياة الجديدة، أساسها التفاهم والثقة المتبادلة ومشاركة الأفكار" كما ترى.
"دليل العفة"
وسألت بي بي سي 20 رجلاً، تراوحت أعمارهم بين 20 و45 ، بين متزوج وأعزب، من أكاديميين وأطباء ومعلمين وممن يرون أنفسهم منفتحين في العلاقات، عن ردود فعلهم فيما لو واجهوا الموقف ذاته ولم تظهر إشارة ما تسمى ب "العذرية" في اللقاء الحميمي الأول، فكانت إجابات معظمهم سلبية سواء بشكل صريح أو بطريقة غير مباشرة.
وربط معظمهم ظهور بقع الدم التي يرونها كدليل على عذرية الفتاة وعفتها، وبالتالي بداية حياة سعيدة مبنية على الثقة والتفاهم.
في وجه الريح
بعد مرور بضعة أشهر، صارحت سمية زوجها بعدم رغبتها بالاستمرار معه، وأخبرته عن قرارها الذي لا رجعة منه لأنها وبحسب تعبيرها، لم تعد تؤمن على حياتها معه، كما أنه لم يعد هناك حب أو شغف به بعد تجربة الليلة الأولى، وحدثته عن شكّه بها وكيف كان "عديم الإحساس بها" في تلك الليلة، وأهانها وانتقص من كرامتها.
تقول سمية: " كان مصدوماً مما قلت لأنه يعتبر أن من حقه كرجل أن يعلم أن زوجته لم تمارس الجنس مع أحد قبله، وأنه لن يطلقني ما حييت، وعلي أن أعقل لتصرفاتي المتمردة لأن نتيجتها الندم".
وتضيف: "مجتمعنا مزدوج المعايير، فمغامرات الرجال الجنسية مقبولة بل تثير الإعجاب، أما فيما يخص المرأة، فمنبوذة وتصل عقوبتها إلى القتل، وزوجي الذي تركته، واحد من هؤلاء، يقهقه وهو يتحدث عن مغامرة جنسية سابقة بين الأصدقاء ويثور هائجاً لو أطلقت مجرد نكتة على سبيل المزاح".
تركت سمية الأراضي السورية في حزيران/يونيو الماضي متوجهة إلى أوروبا بعد أن رفض أهلها تأييد فكرة طلاقها لأنهم اعتبروا أن السبب "تافه وسخيف".
جمانة، 45 عاماً
أما جمانة التي عاشت معظم حياتها في حلب، وهي من منطقة الباب، فتقول لبي بي سي، إنها انتظرت 20 عاماً لتحصل على الطلاق.
تعيش جمانة حالياً في بروكسل منذ عام 2016، وتقول: "كنت في التاسعة عشرة من عمري عندما قرر والدي تزويجي بابن عمي دون موافقتي، لم أكن أرغب به، كنت أعشق الدراسة، لكنهم أقنعوني أنه الشخص المناسب لي، وإنني سأتعود وأحبه لاحقاً".
وجرت العادة عند الكثير من العائلات المحافظة والمناطق الريفية، أن ينتظر بعض كبار العائلة، رجالاً ونساءً في منزل العروسين ريثما يتم التأكد من "عذرية الفتاة" في ليلة الزفاف.
وتصف جمانة بنبرة لا تخلو من الألم ما وقع في تلك الليلة وكأنه حدث للتو قائلةً: "أغلق الباب علينا وطُلب منا أن نسرع لأن كبار العائلة بانتظار الخبر اليقين".
"كان الأمر سيئاً للغاية، لم يتحدث معي زوجي، بل سارع إلى إنهاء المهمة دون إجراء أي حديث معي ولو لدقائق، في حين كنت أرتجف خوفاً ولا رغبة به" بحسب وصفها.
وتضيف: "لكن حدثت المفاجئة، رغم ألمي النفسي والجسدي، لم يكن زوجي مبالياً إلا بانتظار بقعة الدم".
"لم أنزف في تلك الليلة، فما كان عليه إلا أن يكسر هدوء الليل بصوته العالي ويصرخ "لا يوجد دم"، مع إطلاقه لكلمات وألفاظ أخجل من قولها، كانت عيناه المحمرتان كجمرتين باستطاعتهما حرقي في تلك اللحظة".
أصيبت جمانة بخرس مؤقت دام لمدة ساعة من صدمتها وخوفها ولم تستطع النطق، اقتيدت إلى الطبيب النسائي في نفس الليلة ولم ينتظروا حتى الصباح للتأكد من "عذريتها" .
وتقول جمانة: "أتذكر الطبيب الذي بدأ بمواساتي كما لو أنه أبي، ووبخ زوجي بعبارات قاسية على ما فعله بها".
عاشت بعد ذلك جمانة مكرهة مع زوجها الذي شهّر بها، لأن عائلتها وكل من حولها لم يدعموها أو يؤيدوها على فكرة الانفصال، لا في تلك الليلة ولا على مر 20 عاماً من المشاكل بينهما.
لم تنسَ جمانة الإهانة أبداً، رغم مرور 20 عاماً، ورغم إنجابها لأربعة أولاد، إلا أنها انفصلت عنه حالما وصلت إلى بروكسل مع أولادها "انتقاماً منه ومن المجتمع" الذي لم يساندها بحسب تعبيرها.
وتعيش جمانة مع أولادها في بروكسل، ولا تنوي الزواج مرة أخرى، بل تسعى إلى تحقيق حلم الدراسة التي انحرمت منه، ورعاية أولادها وبناتها بطريقة تختلف عما تربت هي عليها.
وتضيف: "أنا سعيدة الآن لأنني استطعت أن أجلب ابنتَي إلى هنا، ولن يتكرر ما حدث معي، معهما أيضاً، لم أطلق زوجي فقط، بل طلقت ذلك المجتمع الذي لم ينصفني أبداً".
رتق الغشاء
تقول روزانا التي انفصلت عن خطيبها بعد ارتباط دام خمس سنوات: "وثقت به وأحببته كثيراً، وفي إحدى لقاءاتنا، ألح علي وأقنعني بممارسة الجنس كوني بمثابة الزوجة، فوافقته على ذلك في أحد الأيام وفعلتها".
ولكن وبعد ستة أشهر من ذلك، حدثت خلافات عائلية حادة بين أهلها وأهل خطيبها، "كانت الكارثة بأن انفصلا عن بعضهما البعض".
وتضيف روزانا: "عقوبة فقدان العذرية لا تحتاج إلى نقاش في مجتمعنا، إنها القتل، ولحسن حظي ساعدتني صديقتي ونصحتني بغشاء صيني الصنع عند طبيبة تقوم بهذه العمليات بسرية تامة، ولولا تلك العملية الصغيرة، لكنت في عداد الأموات منذ سنوات".
أما أمينة، وهي من عائلة محافظة وفقيرة مادياً، حدث لها وسقطت في الحمام على عتبة الباب، ونزفت قليلاً في ذلك الوقت، إلا أنها لم تفهم ما وقع لها، وأخبرت والدتها عن الأمر، التي سارعت بدورها إلى أخذها لطبيب نسائي لفحصها، وعلمت أنها فقدت غشاءها بحسب قولها.
وتقول: "كان يوماً مروعاً بالنسبة لوالدتي، لم تعرف ماذا تتصرف، اجتمعت خالاتي الثلاث، ورتبوا لي موعداً لإجراء عملية إعادة رتق الغشاء بسرية تامة، لأن مثل تلك العمليات كانت ممنوعة في بلدنا، كما أن معظم الناس لم يكونوا ليصدقوا بأنني تعرضت لحادث، بل كانوا سيشككون في عذريتي ما حييت".
شهادة العذرية
وفي الكثير من البلدان العربية والإسلامية، يقوم الكثيرون بإجراء فحص نسائي وإعطاء شهادة العذرية للفتاة قبل الزواج لإثبات عذريتها.
وأدانت منظمة هيومن رايتس ووتش إندونيسيا وبعض البلدان العربية والإسلامية، على قيامها بإجراء" اختبارات العذرية" المؤلمة للفتيات، التي تقوم بها عادة سيدة مسنّة عن طريق إدخال إصبعين إلى المهبل للتأكد من أن الغشاء لا يزال موجوداً.
وقالت المنظمة في تقرير أصدرته عام 2014، إن هذا الاختبار المنتشر على نطاق واسع في الشرق الأوسط ودول شمال إفريقيا، شكلٌ من أشكال العنف القائم على أساس الجنس، وتمييز لا إنساني ضد المرأة وانتهاك لقوانين حقوق الإنسان.
وأظهرت دراسة أجرتها بي بي سي عن الدول التي تجري اختبار العذرية حول العالم، فكانت الهند وأفغانستان وبنغلاديش وإيران ومصر والأردن وليبيا والمغرب ودول عربية أخرى وجنوب إفريقيا تتصدر القائمة.
وبحسب تقرير المنظمة، فإن من أكثر البلدان التي تنتشر فيها هذه العادة هي مصر والمغرب والأردن وليبيا.
ورداً على تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، نفت السلطات في المغرب ومصر قيامها بذلك الاختبار وأكدت بأن ذلك إجراء غير قانوني، يقوم به الناس بسرية وبطريقة غير قانونية.
ملاحظة: (تم تغيير أسماء السيدات الأربع بناءً على رغبتهن).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.