نسبت شبكة "يو إس نيوز" الأمريكية، إلى مسئول فى البنتاجون قوله: إن الإدارة الأمريكية تدرس حاليا إرسال سفن حراسة إلى مضيق هرمز، لحماية وتأمين قوافل إمداد النفط العابرة للمضيق وحتى باب المندب. وقالت الشبكة الأمريكية إن الجنرال مارك ميللي، قد كشف عن ذلك في معرض تقييمه للموقف الأمني في منطقة الخليج، خلال جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة في الكونجرس الأمريكي، بعد ساعات من أعمال التعرض التي قابلتها سفن شحن بريطانية لدى عبورها المضيق هذا الأسبوع، والتي على إثرها قررت لندن إيفاد بوراجها الحربية إلى مياه الخليج. وأشارالجنرال ميللي–المرشح لتولى منصب رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأمريكية – إلى أن أعمال التعرض الملاحي العدائية قد تعيد ردة الفعل الأمريكية إلى سياسات إدارة رونالد ريجان، التي واجهت ظروفا مشابهة لما تواجهه الولاياتالمتحدة حاليا فيما يتعلق بأمن الملاحة في الخليج و مضيق هرمز، مشددا على أن حماية وتأمين حرية الملاحة في المياه الدولية هى بمثابة "مبدأ ثابت" في السياسة الخارجية الأمريكية، وتعتبره قيادة البنتاجون من صميم الواجب الدولي للولايات المتحدة كقوة عالمية عظمى. وكشف الجنرال ميللي أن هناك قرارا أمريكيا في هذا الشأن سيتم الإعلان عنه في غضون أسبوعين من الآن، بعد استيفاء دراسته، وعلى ضوء ما قد يطرأ من تطورات في منطقة الخليج. وكانت البوارج الحربية الإيرانية قد حاولت التعرض لناقلة نفط بريطانية هذا الأسبوع بغرض احتجازها بحسب ما زعمته وسائل الإعلام البريطانية، إلا أن القطع الحربية البريطانية المتواجدة في الخليج حالت دون ذلك، وعلى الجانب الآخر قالت طهران إن محاولة التعرض للسفينة البريطانية جاء كرد انتقامي لقيام البحرية البريطانية بتوقيف ناقلة نفط إيرانية كانت في طريقها إلى سوريا، وتهديدات الإدارة الأمريكية بالتصعيد وهى ما توعدت ايران بأن يقابل بالمثل. وقال مسؤول البنتاجون في إفادته لأعضاء الكونجرس إن علاقات الولاياتالمتحدة مع حلفائها ممن هم على علاقة بطهران باتت عرضه للتوتر، وذلك بعد عام من انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه أوباما مع إيران فى عام 2015، وإقدام إيران على استهداف طائرة استطلاع أمريكية مسيرة مطلع الشهر الجاري، إلا أن الجنرال الأمريكي ألمح إلى ضعف احتمالات تطور المواجهة بين واشنطنوطهران إلى حافة "حرب شاملة"، وأكد أن نزوع الإيرانيين إلى العمل العدائي تتصاعد. وكان الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، قد طرح فكرة إرسال سفن حربية لحراسة قوافل ناقلات النفط المارة في مياه الخليج في العام 1987، وهو الرئيس الذي سبق وأن أرسل بوارج حراسة مصاحبة لحماية ناقلات النفط الكويتية في مياه الخليج إبان الحرب العراقية الإيرانية، واشتعال الموقف فى مياه الخليج، فيما كان يعرف آنذاك ب"حرب الناقلات"، لكن الكونجرس الأمريكي أبدى اعتراضات آنذاك على هذا الإجراء، تحسبا لانزلاق الموقف الأمريكي إلى دائرة صراع أكبر. ويقول المراقبون إن التوترات التي تشهدها مياه الخليج هى الآن الشغل الشاغل للقادة العسكريين الأمريكيين، لخطورة التداعيات المحتملة المترتبة عليها، ففي يونيو الماضي قال الجنرال باول سيلفا، وهو الرجل الثاني على سلم قيادة سلاح الجو الأمريكي، إن تعزيز الدور العسكرى الأمريكي في الخليج وإن كان يقي الولاياتالمتحدة شرور الهجمات العدائية المباشرة، إلا أنه يلزمه في البداية الحصول على إجماع دولي لتنفيذه. من جانبه، قال الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية لأعضاء الكونجرس، إن البنتاجون يدرس حاليا خططا محددة للتعامل مع التهديدات الملاحية في منطقة الخليج ومضيق هرمز، تقوم على بناء تحالف بين عدة دول لرصد ومراقبة التهديدات التي تواجه سفن التجارة والملاحة التجارية بشكل عام، على المسار البادىء من مياه الخليج مرورا بسواحل جنوب شبه الجزيرة العربية وانتهاء بمياه منطقة القرن الإفريقي. ومنذ الشهر الماضي، يسعى مارك ايسبر، المرشح لتولي منصب وزير الدفاع الأمريكي لدى حلفاء واشنطن في حلف شمال الأطلنطي لاقناعهم بالمشاركة في هذا التحالف. ورغم ذلك لم يبد أي من حلفاء الأطلسي حماسة للمشاركة فيه، وبموجب الطرح الأمريكي لطبيعة تقاسم الأدوار في هذا التحالف الذي ترى واشنطن أن الولاياتالمتحدة سيقتصر دورها فيه على تزويد حلفائها الأطلسيين بالمعلومات الاستطلاعية التي تخص سفن تجارتهم لدى مرورها مضيق هرمز، وكذلك مرورها بمسارات الملاحة منه وحتى باب المندب وهى مسارات بطبيعتها مزدحمة، وتشكل محورا هو الأكثر أهمية في حركة تجارة العالم البحرية. وكانت بريطانيا قد أعلنت رسميا يوم الخميس الماضي عن محاولة 3 زوارق عسكرية إيرانية التحرش، وإعاقة مرور ناقلة النفط البريطانية British Heritage أثناء عبورها لمضيق هرمز، وأن البارجة الحربية البريطانية HMS Montrose قد تمكنت من تأمين عبور الناقلة للمضيق بعد إطلاقها تحذيرات للزوارق الإيرانية التي ولت الفرار. واعتبرت الحكومة البريطانية في بيان رسمي أن محاولة التعرض للناقلة البريطانية تشكل سابقة خطيري قد تزيد التهاب الموقف في مياه الخليج. وبحسب البيانات الصادرة عن مؤسسة لويدز التي تعد أكبر مؤسسة عالمية للتأمين الملاحي، فإن الناقلة البريطانية British Heritage هى إحدى السفن العملاقة المسجلة في قوائم اللويدز، وكان المخطط لها تحمل 140 ألف طن من الوقود من ميناء البصرة العراقي في الرابع من يوليو الجاري إلا أنها تلقت "إشارة خطر" أثناء عبورها لمضيق جبل طارق، وغيرت مسارها إلى المياه السعودية، حيث رست هناك عدة أيام قبل عبورها خليج هرمز قاصدة ميناء البصرة. ومنذ الثاني من شهر يوليو الجاري أعلنت وحدة الاستخبارات الخاصة بأمن الملاحة الدولية في مؤسسة لويدز عن مرور نحو 20 سفينة تحمل العلم البريطاني عبر مضيق هرمز الذي تمر فيه نسبة لا تقل عن 20 % من شحنات النفط الدولية. وكانت تقارير صحفية غربية "رويترز" قد أكدت أن الولاياتالمتحدة لا تزال تحبذ الخيار الدبلوماسي للتعاطي مع التهديدات الملاحية فى مياه الخليج، وإجبار إيران على تقويم سلوكها إزاء الملف النووي، ففي 24 من يونيوالماضي وعلى هامش اجتماعات مؤتمر ميونيخ للأمن، نقلت إحدى الشبكات الإخبارية البريطانية عن وزير الخزانة الأمريكي ستيفين موتشين، تأكيده أن واشنطن لن تدرج وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على لائحة العقوبات الأمريكية، مبررا ذلك بأنه قد يصعب من دور الجهد الدبلوماسي الأمريكي الرامي إلى الوصول لتفاهمات بين واشنطنوطهران، وهو التصريح الذي تجاهلته الخارجية الأمريكية ولم تعقب عليه. تجدر الإشارة إلى أن العقوبات التي قررتها الإدارة الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية منذ مايو الماضي قد هبطت بها من 2.5 مليون برميل يوميا إلى 300 ألف برميل يوميا. وتسعى إدارة ترامب إلى تصفير صادرات النفط الإيرانية، بمنعها تماما من الاتجاه إلى الأسواق الدولية، على الرغم من استمرار الصين والهند وبلدان أخرى في شراء النفط الإيراني.