لطالما اشتهرت معدة الشعب المصري بهضم "الزلط"، ولكن البطون لا تهضم الحجر، وهي بالطبع دعاية ساخرة، وإن استطاعت لما أبقت شيئا على الأرض، إلا أن المثير للدهشة هو ما تم الكشف عنه مؤخرا، في بحث لمجموعة دولية من العلماء تم نشره على موقع جمعية لندن الملكية لتعزيز المعرفة الطبيعية، حيث كشف الباحثون عن أول دودة تستطيع أكل الصخور الرملية. لم يتمكن العلماء من دراسة هذا المخلوق الرخوي المسمى ب«ليثوريدو أباتانيكا - Lithoredo abatanica» بالتفصيل إلا في العام الماضي، بعد أن تم اكتشافه لأول مرة في العام 2006، في جحور صخرية بقطر أصبع الإبهام، في نهر أباتان بجزيرة بوهول الفلبينية، خلال رحلة استكشافية نظمها المتحف الوطني الفرنسي للتاريخ الطبيعي. بحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن دودة الصخور متشابهة في الشكل مع ما يعرف بدودة السفينة، لكنها تختلف تمامًا عنها، فهي نوع وجنس جديد في الوقت نفسه. وتعرف ديدان السفن بتناول الأخشاب، وتقوم عن طريق زوج صغير جداً من الأصداف بحفر طريق تمر من خلاله، ولها سمعة سيئة في تدمير الأخشاب المغمورة في مياه البحر، مثل السفن والأرصفة البحرية المصنوعة من الخشب. أما المخلوق الجديد الذي تم الكشف عنه حديثا، فهو سميك أبيض اللون يشبه الديدان، يمكنه النمو بطول أكثر من متر في المياه العذبة. أثارت التقارير التي تحدثت عن اكتشاف دودة غامضة في نهر أباتان، كل من روبن شيبوي، ودانييل ديستل، الباحثان من جامعة نورث إيسترن، ولطالما أبهرت ديدان السفن العلماء لأنها تهضم الخشب المسحوق، بمساعدة البكتيريا التكافلية التي تعيش في خياشيمها، حيث تصنع البكتيريا مجموعة من الإنزيمات الهاضمة ومواد أخرى، واكتشاف ديدان جديدة، تشبه ديدان السفن قد يكون مفيدًا في البحث عن مضادات حيوية جديدة، وهو ما يهم العلماء في هذا البحث، لذا انتقلوا إلى الفلبين. بحث العلماء عن المخلوقات، برفقة السكان المحليين، الذين اقترح أحدهم التحقق من قاع النهر، وتحت الماء، اكتشفوا قطعًا ضخمة من الحجر الرملي المملوء بالثقوب، التي يبرز منها المخلوق الرخوي، وعلى عكس دودة السفينة التي تمتلك المئات من الأسنان الحادة غير المرئية، كانت لدى دودة الصخور العشرات من الأسنان السميكة بحجم المليمتر، كان عليهم تعلم المزيد عن أسلوب حياتها المثير قبل انتزاعها لإجراء الاختبارات والتشريح. كان من المثير أيضا هو اكتشاف أن هذا النوع الجديد من الديدان يفتقد إلى وجود المصران الأعور، وهو العضو الذي تستخدمه ديدان السفن في هضم الخشب، إلا أن عدم وجود هذا العضو الهام لم يمنع امتلاء الأحشاء بشظايا الحجر، والتي أظهر التحليل الكيميائي أنه نفس نوع الأحجار التي تعيش فيها، وما خرج منها كان حجريًا أيضًا. ويقول الدكتور شيبواي: "كان لدينا عدد قليل من هذا المخلوق في حوض زجاجي، وكان بالإمكان مشاهدتها وهي تفرز جزيئات الرمل من بطونها". لم يتضح بعد ما يمكن لهذه الديدان أن تحصل عليه من كغذاء من الحجر، ويعتقد الباحثون أن أحد الاحتمالات هو أن هذه الحبيبات يمكن أن تساعدها في طحن العوالق وغيرها من الكائنات التي تطفو في الماء، بنفس الطريقة التي تساعد بها الأحجار بأحشاء الطيور على تحطيم الطعام الذي ابتلعته بالكامل؛ لكن قد تكون الديدان قادرة على استخراج مواد غذائية من الحجر بطريقة لم تفهم بعد. كانت خياشيم ديدان الحجارة أكبر بكثير من ديدان السفن الأخرى، وهو ما قد يشير إلى أن للبكتيريا التي تسكنها في جسم الدودة أهمية خاصة لبقائها. يعمل الفريق الآن على تحديد التسلسل الجيني لهذه الديدان وللبكتريا التي تعيش معها للحصول على لمحة عن آلية عمل التمثيل الغذائي لدى تلك الكائنات، حيث يمكن أن تؤدي دراستها إلى اكتشاف مضادات حيوية جديدة بسبب البكتيريا التكافلية الخاصة بها. ويشير الدكتور ديستل إلى أن: "البكتيريا التي نجدها في الخياشيم، لا ترتبط بالبكتيريا التي وجدناها في أي دودة سفينة أخرى حتى الآن".