تدخل كازاخستان مرحلة جديدة من الحياة السياسية بالانتخابات الرئاسية المبكرة التي ستجري غدا الأحد، والتي يتنافس فيها سبعة مرشحين من بينهم سيدة لأول مرة، في انتقال سياسي ديمقراطي ونموذج فريد في منطقة آسيا الوسطى. ويسعي الرئيس الأول نور- سلطان نزارباييف -78 عاما- الذي قدم استقالته بشكل مفاجئ في 19 مارس الماضي، إلى إتاحة الفرصة للأجيال الشابة لقيادة البلاد ولاستكمال ما تم البناء عليه خلال فترة حكمه التي امتدت إلى ثلاثة عقود حقق فيها كثير من الانجازات للشعب الكازاخي ورسخ بنجاح مكانة كازاخستان علي الساحة الدولية من خلال عدة مبادرات رامية إلي تعزيز السلام والامن الدوليين من بينها التنازل عن رابع أكبر ترسانة نووية ضخمة كانت تمتلكها البلاد و إطلاق مبادرة لإخلاء العالم من الأسلحة النووية بحلول عام 2045. و تتبني كازاخستان سياسة خارجية داعمة للسلام والقائمة علي مبدأ تعدد الأقطاب والتوازن والبراجماتية مع الامتثال لكافة الألتزامات الدولية وتعتمد في علاقاتها على مبدأ الاحترام المتبادل والمساواة ومراعاة مصالح كافة الأطراف. وقد شهدت كازاخستان خلال العامين الماضيين خطوات جرئية مهدت إلي هذا الانتقال السياسي حيث صدق البرلمان الكازاخي في مارس عام 2017 علي التعديلات الدستورية، في خطوة لدعم العملية الديمقراطية وتتضمن إعادة توزيع سلطات الرئيس والبرلمان والحكومة بهدف تنفيذ خطة الخطوات الملموسة المائة للأمة الكازاخية. وأبرز ما في هذه التعديلات هو دعم سلطات البرلمان في شئون البلاد وتشكيل الحكومة تكون أكثر استقلالية وتمتلك مزيد من السلطة لإدارة الاقتصاد الوطني. ويرجح مراقبون أن الرئيس المؤقت قاسم جومارت توقاييف، الأكثر حظا بالفوز في الانتخابات المقبلة في ضوء الدعم الذي حصل عليه من نزارباييف الذي رشحه ونظرا لما يتمتع به من خبرات سياسية تؤهله لمنصب رئيس الجمهورية حيث شغل منصب وزير الخارجية عام 1994 ورئيس وزراء كازاخستان عام 1999 فضلا عن تعيينه نائبا للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مكتب الاممالمتحدة بجنيف عام 2011 وأخيرا رئيس مجلس الشيوخ لبرلمان كازاخستان من عام 2013 حتى توليه منصب الرئيس المؤقت. وأضافوا أنه من الملاحظ أن البرامج الانتخابية لبعض المرشحين ليست قوية لاستكمال عملية التنمية وتحقيق النمو الاقتصادي وتفتقر للرؤية السياسية المحنكة للحفاظ على مكانة كازاخستان التي تعد من أقوي الاقتصاديات في منطقة آسيا الوسطى. ومن المؤكد أن فوز توقاييف سيتيح استكمال مسيرة البناء والتعمير والخطط الرامية لدخول كازاخستان عصر الثورة الصناعية الرابعة من خلال تبني استراتيجية التنمية في كازاخستان لعام 2050 لتتواكب مع التغيرات والتحديات العالمية ومن ضمنها دخول كازاخستان إلى مجموعة ثلاثين دولة أكثر تقدما في العالم.