يحيي البابا فرنسيس، السبت في اليوم الثاني من زيارته إلى رومانيا الأرثوذكسية قداسا كبيرًا في إقليم ترانسلفانيا في ما يعتبر بمثابة اعتراف بالهوية المجرية لهذه المنطقة التي لطالما كانت لديها مطالب بالحكم الذاتي. تحت المطر الغزير بدأ المؤمنون من ترانسلفانيا التي تطالب بالخصوصية الثقافية والواقعة في وسط غرب البلاد، وكذلك من المجر المجاورة يتوافدون لحضور هذا الحدث في مزار شوموليو تشوك المريمي. والكنائس الكاثوليكية في مدينة ميركورا تشوك الواقعة على بعد كيلومترات من المزار أبقت على أبوابها مفتوحة طوال الليل لإيواء المؤمنين القادمين لحضور القداس. والبابا الذي يرغب في رؤية "كل الثروات الاتنية والثقافية والدينية" في رومانيا يصل ظهرا إلى هذه المنطقة جوا من بوخارست. وينتظر أن يحضر القداس نحو 200 ألف شخص في الهواء الطلق ما يشكل أبرز محطات زيارته الى رومانيا. وغالبية الذين سيحضرون هم رومانيون إنما من الآتنية المجرية على غرار الكثير من سكان ترانسلفانيا، المنطقة التي الحقت برومانيا في مرحلة لاحقة بعد تفكيك امبراطورية هابسبورغ في 1918. وبعد قرن، لا تزال هذه المجموعة المرتبطة ثقافيا ولغويا بالمجر وعلاقتها متوترة بالدولة المركزية في بوخارست، ويأتي البابا لتقديم دعم للاقليات الآتنية والدينية في البلاد سيدعو مرة جديدة إلى احترام التعددية. وعبر المؤمنون عن تطلعاتهم وقال أحدهم لوكالة "فرانس برس"، ويدعى زولتان (60 عاما) قدم من غرب المجر، "إذا التقيت البابا، سأقول له إن ترانسلفانيا يجب أن تحظى بحكم ذاتي". ودعت كاتالين (38 عاما) المتحدرة من أوراديا (غرب رومانيا) إلى الوفاق قائلاً "البابا يدعم التضامن، أنا موافقة مع المبادىء التي يدعو إليها لأنه يريد الوحدة داخل الكنيسة والسلام". وعند انتهاء القداس سيضع البابا وردة ذهبية عند تمثال خشب كبير للعذراء، في تقليد دأب عليه الباباوات لدى زيارتهم كنائس مريمية كبيرة. - "لا تدخل"- بين العديد من المجريين الذين سيعبرون الحدود للاستماع الى البابا فرنسيس، الرئيس يانوش آدر الذي سيحضر بصفته مؤمنا وكذلك وفد من الاساقفة. وأوضح الفاتيكان أن ممثلا للحكومة المجرية سيحضر أيضا لكن رئيس الوزراء فيكتور اوربان لن يشارك. ورصدت المجر 500 ألف يورو لتجديد هذا المعلم الديني حيث سيحيي البابا فرنسيس القداس، بصفتها "مساعدة" "وليس تدخلا" في الشؤون الرومانية، كما أوضحت الحكومة المجرية. وتعد رومانيا حوالى 1,2 مليون شخص من أصل مجري أي 6,5% من السكان. وكانت ترانسلفانيا ألحقت برومانيا عبر معاهدة تريانون بعد الحرب العالمية الاولى التي قضمت من المجر ثلثي أراضيها. وتعترف بوخارست بالحقوق الثقافية واللغوية لهذه الأقلية وخصوصا في المدارس حيث يتم التعليم بالمجرية والرومانية لكنها ترفض مطالب الحكم الذاتي الإقليمية التي يطرحها الأكثر تشددا. بعد القداس يغادر البابا بواسطة مروحية إلى ياش (شمال شرق) حيث سيزور كاتدرائية لاتينية قبل أن يعقد لقاء مع الشباب والعائلات في ساحة أمام قصر الثقافة في هذه المدينة التي تعتبر من مناطق مولدافيا التاريخية، والمركز الثقافي والفني في البلاد. وكان البابا يوحنا بولس الثاني الذي زار رومانيا في 1999 ليكون أول حبر أعظم يتوجه إلى دولة أرثوذكسية كبيرة، عبر عن "رغبته آنذاك في لقاء الشباب خلال زيارته لكنه لم يتمكن من ذلك". ومع البابا فرنسيس يتحقق هذا الأمر بعد عشرين سنة، كما أوضحت مصادر الفاتيكان. وينتظر أن يحضر حوالى مئة ألف شخص وخصوصا الشباب هذا اللقاء مع البابا فرنسيس الذي سيعود إلى بوخارست مساء. وكان البابا فرنسيس حيا الجمعة "تضحيات" المهاجرين الرومانيين في اليوم الأول من زيارته لرومانيا حيث دفعت البطالة والفقر المستشريان ملايين الشبان إلى الخارج بحثا عن حياة أفضل. وقال البابا إن الهجرة الواسعة أدت إلى "الإفقار السكاني للعديد من القرى" في رومانيا التي لا تزال تواجه مشكلات اجتماعية-سياسية رغم انضمامها للاتحاد الأوروبي في 2007.