لدى الدول العربية وشعوبها تخوفات دائمة من الإفطار العلني في نهار رمضان، وحماية هؤلاء المُفطرين، خاصة تونس التي تشهد مطالبات من مسؤولين بحمايتهم، آخرها كانت الأحد الماضي، إذ طالبت النائبة بالبرلمان التونسي ورئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بشرى بالحاج حميدة، بتفعيل مادة قانونية تحمي حرية الضمير والمعتقد. وكتبت حميدة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "تفعيل الفصل 6 من الدستور بسن قانون يحمي حرية الضمير والمعتقد ضروري لحماية الجميع". وكل عام تشهد تونس حالة من الجدل حول ذلك الأمر، وتحاول الحكومة ومؤسساتها التصدى لتلك الظاهرة المُخالفة للأداب العامة في الإسلام، وفي نفس الوقت يتحدى التونسيين كل مساعي الحكومة ويفطرون نهارًا. عام 1981 أصدر رئيس الحكومة التونسية وقتها محمد مزالي، قانونا يُلزم بإغلاق المقاهي خلال شهر رمضان، وهو ما ألغاه الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، وأعاد العمل به الرئيس زين العابدين بن علي عام 1987. وبمناسبة هذا الجدل الدائم في تونس؛ ترصد "الشروق" أبرز المواقف التي تتعلق بالمفطرين ودعوات حمايتهم ومكافحة ذلك في شهر رمضان من كل عام... رمضان 2019: منذ أيام، وبالتحديد في 22 مايو، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي خبر يُفيد بالقبض على مجموعة من الأساتذة داخل إحدى المقاهي بمحافظة صفاقسالتونسية، بسبب الإفطار علنًا. إلا أن وزارة الداخلية، كشفت حقيقة الأمر قائلة إنه تم القبض على مجموعة الأساتذة بسبب رفض أحدهم تقديم بطاقته الشخصية لرجال الأمن، وتم اقتياده هو وأصدقائه إلى قسم الشرطة، وأضافت الشرطة أنه تمت معاملتهم بكل احترام قبل أن تنقله سيارة الشرطة إلى نفس المقهى. وأكد عبدالمجيد الجمل رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب في صفاقس، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أنه تم القبض عليه بعدما طالب أحد أفراد الشرطة ببطاقات التعريف وهذا من حقه، فطلب منه هو الأخر بطاقة هويته، فرد الظابط غاضبًا وأظهر مسدسه الشخصي قائلا أمام الجميع: "هذه هويتي". رغم ذلك عادت المطالبات بحماية المُفطرين علنًا في نهار رمضان وعدم الاعتداء على حريتهم. رمضان 2018: انتشرت منذ بداية شهر رمضان العام الماضي، مظاهرات بالسندوتشات والمياه والسجائر في الشوارع، رافضة منع تجريم الصيام في الشهر الكريم، وأُثير جدل كبير وقتها ولكن لم يتخط الأمر حدود المظاهرات والمناوشات عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وانتشرت مسيرات مطالبة بفتح كل المقاهي والمطاعم، على اعتبار أن "الأكل والشرب في الطريق العام حرية شخصية، والعقيدة والإيمان حرية شخصية وروحية وتونس للجميع بغض النظر عن الأديان"، وأكدت وقتها حملة "مش بالسيف" أن "تونس دولة مدنية وليست إسلامية والعلمانية هي الحل للتعايش مع الجميع"، واعتبرت إغلاق المقاهي والمطاعم تعدٍ على الحرية الشخصية للناس. ودعت جمعيات حقوقية تونسية السلطات إلى حماية "حرية الضمير والمعتقد" وحرية المجاهرة بالإفطار في رمضان، وطالبت "الائتلاف المدني من أجل الحُريات الفردية" السلطات بالامتناع عن انتهاك الحقوق الفردية تحت أي مبرر. وأعلن وزير الداخلية التونسي لطفي برهام، عن إغلاق كافة المقاهي والمطاعم خلال شهر رمضان، وحماية شعائر الأغلبية المسلمة في تونس، وعقاب المفطرين في نهار رمضان. رمضان 2017: كانت بداية ظهور حملة "مش بالسيف"، التي دعت إلى مظاهرات فى العاصمة تونس، للمطالبة بالحق في الأكل والشرب جهارا خلال أوقات الصوم في شهر رمضان، ورفعوا لافتات مكتوب عليها "ما الذي يضيرك إذا صمت أنت وأكلت أنا؟"، و"لا لاعتقال المفطرين" و"اعتقلوا الإرهابيين ودعوا المفطرين وشأنهم". وانطلقت الحملة واحتجاجا على إصدار محكمة الناحية بولاية بنزرت شمال شرق تونس حكمًا بسجن أربعة تونسيين؛ لأنهم أكلوا ودخنوا جهارًا في شهر رمضان بحديقة عامة، بتهمة "الإخلال بالآداب العامة في دولة ينص دستورها على أن الإسلام دينها". وأكدت النيابة العامة في بنزرت وقتها أن المفطرين الأربعة "اعتدوا على الآداب العامة" بعدما "أكلوا ودخنوا في حديقة عمومية في حركة استفزازية خلال شهر رمضان في دولة ينص دستورها على أن الإسلام دينها". وجاءت المحاكمة بعد منشور صادر عن وزارة الداخلية نهاية عام 2017، يقضي بغلق المقاهي في نهار رمضان، وأن السماح بفتح المقاهي خلال نهار رمضان قد يتسبب باستفزاز مشاعر المسلمين، وربما تستغله الجماعات المتطرفة للتحريض ضد الدولة أو ارتكاب أعمال إرهابية. رمضان 2016: الجمعية الوسطية للدعوة والإصلاح، بدورها جماعة دينية تصدت لظاهرة انتشار المفطرين في رمضان، وذلك بالتشهير بهم عبر صفحات الفيسبوك بعد تصويرهم داخل المقاهي. وقام وقتها حزب تونس الزيتونة، بعدة حملات ضد المقاهي خلال شهر رمضان، وقال عادل العلمي رئيس الحزب إنها تقوم بدورها وتقوم بنصح المواطنين ومن وتعليمهم آداب الدين وفي هذه الحالة لن يتم الإشهار به، أما في حال تكرار الموقف سيتم نشر صوره والإشهار به، مشيرًا إلى أن الحزب يقوم بدوره التوعوي. رمضان 2015: عام 2015، ظهرت دعوات من المواطنين بحريتهم في الإفطار، ونشروا صورًا لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهم يفطرون نهارًا، والموقف الأبرز كان من وزارة الداخلية بعد عزلها أربعة شرطيين في "المنستير وسط شرق" و"المرسى شمال" بتهمة "تجاوز السلطة" إثر تدخلهم بعنف في "مقاهي مفتوحة في رمضان".