فى شقة ضيقة، بدأت أسقفها فى الانهيار، تسكن أم محمد، فى إحدى حوارى القاهرة. الشقة تقع بالدور الأول من أحد المنازل، حيث يصعب أن يصلها ضوء الشمس. وتعانى أم محمد من مرض الروماتويد وآثاره، مع أبنائها الثلاثة الذى يعانى أصغرهم مرض الصرع، علاوة على عدم القدرة على الكلام بسبب دواء خاطئ تناوله فى صغره. تحصل أم محمد على معاش قدره 200 جنيه شهريا بعد أن عانت ابنتها الوحيدة فى إثبات حقهم فى الحصول عليه بعد وفاة والدها بالإضافة إلى راتب ابنها الأكبر الذى يعمل فى أحد المطاعم مقابل 300 جنيه شهريا، لكن ما يحدث فى الواقع هو أنهم لا يحصلون على شىء بالفعل، حيث إن علاج الأم يتكلف 425 جنيها شهريا للحد من الآثار والتشوهات الناتجة عن مرضها، يضاف إليها 165 جنيها شهريا لعلاج الابن الأصغر. أم محمد حالة واحدة من بين نحو16.7 مليون من فقراء مصر، يعانون من غياب أبسط متطلبات الحياة أو صعوبة الحصول عليها من طعام وملبس ورعاية صحية وتعليم، خاصة بعد تراجع معدلات النمو الاقتصادى عقب الأزمة المالية العالمية التى تسببت فى ارتفاع أعداد الفقراء فى العالم إلى أكثر من مليار ونصف المليار. تقول دكتورة هبة الليثى رئيسة قسم الإحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن نسبة الفقراء ارتفعت فى مصر خلال الأعوام الأربعة الماضية بنسبة 2 ٪ لتبلغ نحو 21.5٪ بزيادة 2٪ مع ارتفاع عدد السكان وتراجع معدلات النمو الاقتصادى بسبب الأزمة المالية العالمية. وأضافت أن عدد الفقراء فى مصر كان قد تراجع خلال عام 2008 ليصل إلى 13 مليون شخص قبل بروز آثار الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصرى، إلا أن هذا العدد من المتوقع أن يكون قد ارتفع إلى نحو 16.7 مليون بعد الأزمة، موضحة أن حدة الفقر فى مصر ترتبط بالنمو وليس بالعدالة فى التوزيع، الذى ترى أنه فى مستويات جيدة، مشيرة إلى زيادة الدعم الغذائى بالنظر للأسعار بنحو 10٪ خلال الفترة من 2005 إلى 2009. كان تقرير أخير للبنك الدولى أظهر أن نسبة الفقر فى مصر سجلت عام 2008 ضعف المعدلات المثيلة فى دول الشرق الأوسط وبلغت أكثر من 25٪ من مجموع السكان الذين يصل دخلهم إلى أقل من دولارين يوميا، مشيرا إلى عدم دقة معلومات وبيانات الحكومة المصرية الخاصة بمعدلات الفقر.